لوح تحدي حاخامين اثنين من اليمين المتطرف رغم كونهما من اقلية لكن مؤثرة، للقضاء بشبح هيمنة السلطة الدينية في اسرائيل حيث لم ينفصل ابدا الدين عن الدولة.
ودعا اتباع الحاخامين دوف ليور وياكوف يوسف اللذين يشتبه في تحريضهما "على العنف والعنصرية"، الى تظاهرة كبيرة مساء اليوم الاثنين امام المحكمة العليا للاحتجاج على اعتقالهما لفترة قصيرة لرفضهما الامتثال لامر استدعاء من الشرطة.
ويتهم الحاخامان في اعطاء موافقتهما على طبع كتاب يحظر نشره وعنوانه "توراة الملك" يبرر قتل المدنيين الابرياء من غير اليهود وحتى الاطفال منهم في حال نشوب صراع.
وقدم الحاخامان وكانهما ضحية للسلطات القضائية التي اتهمت "بالرغبة في خنق صوت التوراة" من خلال رفضها السماح للحاخامين بالتعبير عن ارائهم على اسس التقاليد الحاخامية.
وفي المقابل تحدثت صحيفة "معاريف" الاثنين عن قلق معسكر العلمانيين من تصاعد "تيار جديد في اليهودية يريد موت دولة القانون".
وبحسب الصحيفة، فان اسرائيل "اصبحت الدولة الوحيدة في العالم حيث الشخصيات الدينية فوق القانون ولا يمتلك رجال الشرطة الحق في استجوابهم".
وانتقدت زعيمة المعارضة الاسرائيلية تسيبي ليفني ما اسمتهم بـ"جماعة لا تعترف بسلطة القضاء وتريد ان تستبدل بها سلطة الحاخامات".
ورأت ليفني ان تحدي الحاخامات "يمس جذور دولة اسرائيل" التي هي "يهودية وديمقراطية" بحسب احد قوانينها الاساسية.
كما يمس مبادىء الصهيونية التي استبعد مؤسسها تيودور هرتزل في كتابه "دولة اليهود" (1896) ان تكون الدولة المقبلة (اسرائيل) "تيوقراطية" اي تحت هيمنة الحاخامين.
وألمح رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الى الجدال واعمال العنف التي تسبب بها الحاخامون المتطرفون، بتأكيده "لا احد فوق القانون" بينما انتقد بعض من اعضاء حزبه "ليكود" (يمين) هذه الاستدعاءات غير المرغوب فيها.
لكن للحاخامين المتطرفين بضعة الاف من الانصار معظمهم من المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة ويعتمدون ايضا على الدعم النشط من اليمين المتطرف وكذلك دعم المعسكر المتشدد الاكثر تحفظا.
وفي الاسابيع الاخيرة كثف مستوطنون من اليمين المتطرف تهديداتهم وكذلك اعتداءاتهم على الضباط وممثلي القانون الذين يتهمونهم بابطاء الاستيطان.
وعبر المعسكر المتشدد الذي لا يشارك بشكل عام الحاخامين اراؤهما الراديكالية عن تخوفه من ان يشكل اعتقالهما سابقة خطيرة تسمح بمعاقبة الاراء الحاخامية بحجة محاربة العنصرية.
وبحسب وسائل الاعلام فان والد الحاخام ياكوف يوسف الحاخام عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لليهود السفرديم في حزب شاس المتطرف تبرأ صراحة من ابنه.
وعبر عوفاديا يوسف عن غضبه قائلا "لماذا لم يستجب هذا الغبي لاستدعاء الشرطة".
واوقف شرطيون الحاخام ياكوف يوسف في سيارته في القدس لاستجوابه بعد ان رفض مرارا الاستجابة لاستدعاءات الشرطة.
واوقف الاسبوع الماضي الحاخام دوف ليور من مستوطنة "كريات اربع" اليهودية في الخليل في الضفة الغربية المحتلة لفترة قصيرة لنفس السبب.
ويعتبر الحاخام ليور المرشد الروحي للمستوطنين الاكثر تطرفا. وقد لعن في 1995 رئيس الوزراء في تلك الحقبة اسحق رابين واشتبه انذاك بانه اثر على قاتله يغال عمير.
وقالت صحيفة "يديعوت احرونوت" الاكثر مبيعا انه "كان ينبغي حينها اعتقال الحاخام ليور" مع ان الصحيفة متاكدة انه لن يتم ملاحقة الحاخامين قضائيا حتى لو ارادت السلطة القضائية حفظ ماء وجهها.
الجيش والحاخامات
وفي سياق متصل يجند الجيش الاسرائيلي حاخامين في اطار ما يصفه بحملة لتعزيز القيم الدينية بين جنوده على الجبهة.
وقوبلت الخطوة التي اعلن عنها في العدد الاخير من المجلة الاسبوعية التي يصدرها الجيش (باماهاني) بانتقاد يوم الاثنين من جانب واحد من أكثر أصحاب مقالات الرأي شعبية والذي حذر من تشكيل "جيش للرب."
وبموجب الخطة سيكلف حاخام من قوات الاحتياط بالعمل مع كل كتيبة في القيادة الشمالية للجيش والتي تقع ضمن مسؤولياتها حدود اسرائيل مع كل من لبنان وسوريا.
وجاء في مقال بمجلة باماهاني "ادخال الدين في الكتائب القتالية في تزايد" وتضمن المقال تفاصيل البرنامج الذي يجري بعد مشروع تجريبي استمر عاما.
وعلى الرغم من ان الحاخامين يخدمون في جيش اسرائيل منذ فترة طويلة الا ان دورهم اقتصر على تطبيق أحكام الدين اليهودي فيما يتعلق بالطعام والعطلة والاحتفالات الدينية.
لكن الان جاء في المقال الذي نشر في مجلة باماهاني ان "قائد الكتيبة 51 في لواء جولاني (للمشاة) لا يتحرك خطوة دون ان يأخذ الحاخام معه."
ووسع الجيش الاسرائيلي من دور رجال الدين في حرب غزة اواخر عام 2008 واوائل عام 2009 حين رافق رجال دين عسكريون كتائب الاحتياط التي غزت القطاع في حرب أعلن ان هدفها وقف الهجمات الصاروخية التي يشنها المقاومون في غزة على اسرائيل.
وجاء في المقال ان رجال الدين كانوا يوزعون على الجنود الشيلان الخاصة بصلاة اليهود ويقيمون الصلاة قبل ان يدخل الجنود المعركة ويلقون عليهم الخطب.
لكن طبقا لاقوال أحد قادة الجيش في ذلك الوقت خلط بعض الحاخامين على الجبهة الدين بالسياسة وكانوا يقولون للجنود انهم يخوضون "حربا دينية" لطرد "الاغيار الذين يتدخلون في فتحنا لهذه الاراضي المقدسة."
ومس هذا الحديث وترا حساسا في اسرائيل حيث من المفترض ان يكون الجيش غير مسيس وشكت الغالبية العلمانية منذ عقود من النفوذ السياسي والاجتماعي القوي للاقلية الدينية على الحياة الاسرائيلية.
وجاء في المقال الذي نشرته مجلة الجيش الاسرائيلي ان البرنامج الجديد الذي يبدأ تطبيقه في اغسطس اب طلب من رجال الدين ان يكونوا قدوة "للقيم الاخلاقية والدينية."
وقارن الكاتب الصحفي ناحوم بارنيا في مقال للرأي نشر في صحيفة يديعوت أحرونوت أكبر الصحف الاسرائيلية توزيعا بين الحاخامين والمفوضين السياسيين الذين كان الحزب الشيوعي يكلفهم بنشر مبادئه بين جنود الجيش السوفيتي المنحل حاليا.
وكتب يقول "كتائب قوات الدفاع الاسرائيلي لا تحتاج الى مفوضين. انهم بحاجة الى قادة جيدين وتدريب جيد واسلحة تعمل بشكل جيد" كما طالب بارنيا "بالاقلال من الخطب الحماسية والدعاية التي تنشر الكراهية."