سببت الحملة السورية ضد المعارضين حرجا شديدا لحركة المقاومة الاسلامية (حماس) الفلسطينية التي تحرص على عدم إغضاب داعميها في دمشق وتأمل في الوقت نفسه ألا تنفر مؤيديها في الداخل.
واشتدت منذ أوائل أغسطس اب الجاري الحملة العسكرية التي يشنها الرئيس السوري بشار الاسد منذ خمسة أشهر ضد المحتجين مما دفع الاف الفلسطينيين الى الفرار من مخيم للاجئين في مدينة اللاذقية هذا الاسبوع عندما هاجمت قوات الامن السورية المنطقة.
وسارع الفلسطينيون العاديون الذين يراقبون من بعيد في الضفة الغربية وقطاع غزة الى التنديد بالعنف لكن لم يصدر تعليق من حماس نفسها وحاولت منع مظاهر الاستياء الشعبي ضد سوريا.
وقال طلال عوكل المحلل السياسي الفلسطيني "في حالة الصمت سيسجلون نقاطا مع النظام السوري" موضحا أن مثل هذا الموقف يمكن أن يكون مكلفا من الناحية السياسية في الاراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما في قطاع غزة الذي تديره حركة حماس.
وأضاف "الناس لن تقبل به وسوف تعتبره (هذا الموقف) خذلانا للاجئين الفسطينينين في سوريا."
وانتقل عدد من زعماء حماس بينهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي الى سوريا بعدما طردوا من الاردن في عام 1999. ومن سوريا يديرون استراتيجيتهم ضد اسرائيل ويتمتعون بحرية نسبية في التحرك في أرجاء المنطقة.
لكن من الواضح أن اعتماد الحركة السنية على الاسد الذي ينتمي للاقلية العلوية يصب في صالح بعض خصوم حماس الذين كانوا شديدي الانتقاد للعنف الذي هز مخيم الرمل للاجئين.
ووصف ياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية المقيم في الضفة الغربية ما يحدث في سوريا بأنه "جريمة ضد الانسانية".
ويتفق معه في الرأي كثيرون في غزة.
وقال أحمد حجازي (34 عاما) وهو عاطل عن العمل شأنه في ذلك شأن ما يقرب من نصف البالغين من سكان غزة "أصبنا بالصدمة ... الرئيس السوري لا يستحق أن يكون رئيسا لسوريا."
وتابع متسائلا "ما الذي يتوقعه بعد كل هذا القتل؟.. أن يأخذوه بالأحضان..."
وتقول منظمات حقوقية ان قوات الامن السورية قتلت 1700 مدني على الاقل منذ اندلاع الاحتجاجات في مارس اذار.
وحاولت منظمة شبابية فلسطينية في غزة تنظيم مسيرة مناهضة للاسد مساء الثلاثاء لكن قوات الامن التابعة لحماس والتي ترتدي ملابس مدنية وصلت قبل موعد المسيرة وأبعدت الصحفيين. واحتجزوا لفترة قصيرة عددا قليلا من الشبان الذين حاولوا الاحتجاج.
ومن الواضح أن حماس التي بنت سمعتها بين مؤيديها كحركة تحرير تشعر بعدم ارتياح إزاء الوضع.
ولم تصدر الى الان سوى بيان تأييد فاتر للقيادة السورية ورفضت تنظيم مظاهرات مؤيدة للاسد في مخيمات اللاجئين. وقالت مصادر دبلوماسية ان حماس تبحث أيضا سرا مسألة استمرار وجودها في دمشق.
ونفى زعماء بالجماعة علنا تلميحات الى أنهم قد يغادرون لكن الشائعات تعاود الظهور بشكل منتظم مع تلميحات الى أن بعض مسؤولي حماس ان لم يكن كلهم ربما ينتقلون الى قطر أو تركيا أو السودان. وقالت مصادر دبلوماسية ان مصر رفضت السماح للجماعة بفتح مكتب لها في القاهرة.
وليست حماس الفصيل الفلسطيني الوحيد المقرب من سوريا حيث توجد جماعات أخرى أصغر بعضها متحالف مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس التزمت أيضا الصمت رغم الحملة العسكرية.
وقال هاني حبيب وهو كاتب ومحلل سياسي فلسطيني "رأينا الفصائل الفلسطينية تسارع لتنظيم التظاهرات لدعم الثورتين التونسية والمصرية بينما ابتلعت هذه الفصائل لسانها بينما ترى وتسمع المشهد الدموي الذي يرسمه النظام في كل أنحاء سوريا الشقيقة.. موقف مخجل ومنافق الى أبعد حد ليس له من تفسير سوى أن معظم هذه الفصائل لا تزال تراهن على النظام الدموي وباعتبارها احدى أدواته السياسية وبندا في أجندته الاقليمية والدولية."
ومع هذا لا يواجه أي من الفصائل الفلسطينية نفس المأزق الذي تواجهه حماس وأي تصعيد آخر في العنف قد يؤدي الى تغيير في السياسة. وقال حبيب "على الفصائل الفلسطينية أن تنحاز لمصلحة شعبها."