انسحب أكثر من 30 حزبا وحركة سياسية من تجمع ضم عشرات الاف المصريين يوم الجمعة في ميدان التحرير بوسط القاهرة استهدف توجيه رسالة موحدة للمجلس العسكري الحاكم بشأن الاصلاح وقالت الحركات ان الجماعات الاسلامية اختطفت الحدث.
وغلبت الهتافات الاسلامية على ميدان التحرير مثل "لا اله الا الله" و"اسلامية اسلامية مصر حتفضل اسلامية" و"مهما تلف ومهما تدور القران هو الدستور" و"ارفع رأسك فوق انت مسلم".
لكن بضع شبان وامرأة مكشوفة الرأس طافوا بالميدان لنحو نصف ساعة مرددين هتافا يقول "مدنية مدنية" وتبعهم مئات الاسلاميين مرددين هتاف "اسلامية اسلامية".
وفي وقت لاحق شارك عشرات النشطاء في الطواف بالميدان مرددين شعاراتهم وسط توتر ومناوشات خفيفة مع الاسلاميين.
وخطب قس من منصة للاخوان المسلمين مطالبا بأن تكون "مصر دولة مصرية مصرية" لكن مستمعيه ردوا عليه بهتاف "اسلامية اسلامية".
ويتوقع الاخوان واسلاميون اخرون أن يحصلوا على أغلبية في الانتخابات التشريعية التي من المنتظر أن تجرى في نوفمبر تشرين الثاني.
وقال سامي علي (23 عاما) وهو طالب خلال مشاركته في المظاهرات في التحرير "هناك ذقون كثيرة جدا. نشعر بأننا مغلوبون على أمرنا." وأضاف أن السلفيين حاولوا الفصل بين المعتصمين والمعتصمات في الخيام.
وقال بيان مشترك لاكثر من 30 جماعة ان الاسلاميين والجماعات الاخرى اتفقوا على مطالب يوم الجمعة لاحباط محاولات المجلس العسكري لتقسيم الثوار وتشويه صورتهم. ولكن الجماعات قالت ان بعض التيارات الاسلامية انتهكت هذا الاتفاق.
وقال عبد الرحمن البر العضو البارز في جماعة الاخوان المسلمين عن قرار انسحاب بعض الجماعات ان الشعارات السلفية لا يجب ان تكون سببا لانسحاب القوى السياسية الاخرى مشيرا الى حرية الجميع في قول ما يحلو لهم.
لكن جماعة الاخوان المسلمين تضم نطاقا واسعا من وجهات النظر ووافق البعض على ان المواقف السلفية تسبب الانقسام. وقال عمرو صلاح احد اعضاء شباب الاخوان من ميدان التحرير ان هناك بالتأكيد بعض اعضاء الاخوان يشعرون بالانزعاج من طريقة سيطرة الجماعات السلفية على الميدان.
وفي مدينة الاسكندرية الساحلية تجمع بضع ألوف من الاسلاميين ومئات من النشطاء قريبا منهم أمام مسجد القائد ابراهيم. وهتف النشطاء "يسقط يسقط حكم العسكر" و"يا حرية فينك فينك حكم العسكر بينا وبينك" و"يسقط يسقط المشير" في اشارة الى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
لكن الاسلاميين اكتفوا برفع لافتات تقول احداها "لا توجد نصوص فوق دستورية الا القران والسنة".
وتشير اللافتة الى رغبة قالت صحف محلية ان المجلس الاعلى للقوات المسلحة أبداها في وضع مباديء فوق دستورية تضمن للمجلس الادلاء برأي في التوجهات الاساسية للبلاد ومدنية الدولة التي يبلغ المسيحيون نحو عشر سكانها.
وكان المجلس الاعلى للقوات المسلحة استفتى المصريين في مارس اذار بعد أسابيع من اسقاط الرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة شعبية على اجراء الانتخابات التشريعية على أن يختار الاعضاء المنتخبون في مجلسي الشعب والشورى أعضاء جمعية تأسيسية تضع الدستور.
ويقول نشطاء وسياسيون ان الاخوان المسلمين وهم منظمون جيدا وحلفاءهم السلفيين يمكن أن يهيمنوا على وضع الدستور اذا أجريت الانتخابات دون استعداد كاف لها من الاحزاب الوليدة التي تؤيد مدنية الدولة لضمان حقوق المسيحيين والمسلمين غير المتشددين.
ورغم الانقسام الواضح وصف قيادي كبير في جماعة الاخوان المسلمين مظاهرات يوم الجمعة بأنها جمعة للوحدة بين القوى السياسية.
وكان الاخوان واسلاميون اخرون شاركوا في مظاهرة حاشدة مع التيارات الاخرى في الثامن من يوليو تموز للمطالبة بتطهير مؤسسات الدولة من المسؤولين الذين عملوا مع مبارك واجراء محاكمات عاجلة للمتهمين بالفساد لكنهم تراجعوا عن مزيد من الضغط على المجلس العسكري منذ ذلك الحين.
وكان ألوف النشطاء نظموا مسيرة حاشدة يوم السبت الماضي الى مقر المجلس الاعلى للقوات المسلحة لكن قوات من الجيش اعترضتهم قبل الوصول الى المقر في شمال القاهرة وهاجمهم بلطجية من الخلف بالسيوف والحجارة والقنابل الحارقة كما أطلقت عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع مما تسبب في اصابة المئات منهم.
وقال اسلاميون انهم يريدون اعطاء الجيش فرصة للاستجابة للمطالب لكن جماعات أخرى مثل حركة شباب 6 ابريل قررت الاستمرار في الضغط مع مئات المعتصمين في ميدان التحرير.
وعبر محمد عادل المتحدث باسم حركة شباب 6 ابريل عن سعادته قبل مظاهرة يوم الجمعة لان القوى السياسية أظهرت جبهة موحدة في هذا المنعطف المهم في الثورة.
لكن بعض المحتجين يتهمون جماعة الاخوان المسلمين التي كانت محظورة أيام مبارك لكن تتمتع الان بحريات لم يسبق لها مثيل بابرام صفقة مع الجيش. وتنفي الجماعة هذا الاتهام.
واتهم المجلس الاعلى للقوات المسلحة في بيان حمل نبرة حادة غير معتادة حركة شباب 6 ابريل بمحاولة الوقيعة بين الجيش والشعب بتنظيم المسيرة الى مقر المجلس. كما وجهت للحركة اتهامات بالحصول على أموال من الخارج.
لكن الجيش تعرض لانتقادات بسبب مثول مدنيين أمام المحاكم العسكرية وعدم اتخاذ خطوات أكبر لمحاكمة مبارك وأعوانه.
وفي اشارة تأييد لحركة شباب 6 ابريل قال محمد البلتاجي العضو في حزب الحرية والعدالة الذي شكله الاخوان ان الجماعة ترفض الاساءة لاي فصيل ثوري يقرر التظاهر سلميا أو تشويه صورته.
واستنكرت حركة شباب 6 ابريل الانتقاد الموجه لها من الجيش وقالت انها لن تخفف الضغط على المجلس الاعلى للقوات المسلحة.
وقال عادل ان المحاولات الاخيرة لتهميش حركته لم تنجح لان المعارضة تعلم أنه اذا تم تشويه صورة جماعة فان ذلك سيؤدي في نهاية المطاف الى الاضرار بكل الجماعات الحريصة على حماية مكتسبات الثورة.
ومن بين أبرز المطالب التي يرفعها المتظاهرون المحاكمة العاجلة لمبارك الذي أطيح به يوم 11 فبراير شباط بعد 18 يوما من الاحتجاجات. وتبدأ محاكمة الرئيس السابق في الثالث من أغسطس اب لكن المحتجين يتهمون الجيش بالتباطؤ والتردد في محاكمة القائد الاعلى السابق للقوات المسلحة.
وذكرت وكالة أنباء الشرق الاوسط اليوم أن حالة مبارك الذي يرقد في مستشفى بشرم الشيخ "مستقرة" لكنه يعاني من اكتئاب شديد. وكانت الوكالة نقلت عن مصادر طبية في المستشفى أوائل الاسبوع أنه واهن ويرفض الطعام.
ويرى كثير من المصريين أن مرض مبارك ذريعة لتجنب اهانة الرئيس السابق علنا.
وانسحب النشطاء وبينهم حزبيون من المظاهرات في مدينة السويس شرقي القاهرة بسبب الشعارات الاسلامية البحتة التي رددها السلفيون ومنها "اقرأ اقرأ في القران مصر باذن الله في أمان" و"لا اله الا الله اسلامية ان شاء الله" و"الشعب يريد تطبيق شرع الله".
كما رفع السلفيون لافتة تقول "جيش مصر الابي نقبل أياديكم التي شدت على أيادينا ساعة العسرة. نقبل جباهكم التي أضاءت لنا طريق العزة".
وتتعارض اللافتة بشدة مع الانتقادات التي يوجهها النشطاء للمجلس الاعلى للقوات المسلحة.
وفي مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في دلتا النيل شارك مئات الاسلاميين ومئات النشطاء في مظاهرتين ردد المشاركون فيهما هتافات متعارضة.
وفي مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء قال شهود عيان ان نحو 150 مسلحا ملثما نظموا مظاهرة في المدينة أطلقوا خلالها النار في الهواء وأن فتى عمره 12 عاما أصيب ونقل الى المستشفى للعلاج.
وقال شاهد انهم وصلوا الى ميدان الرفاعي في المدينة في عشر سيارات لاندكروزر ونحو مئة دراجة نارية.
وأضاف أن ظهورهم أثار رعب المارة خاصة أنهم فتشوا بعض السكان الذين استعملوا تليفوناتهم المحمولة خلال المظاهرة.
وقال الشاهد ان السيارة الاولى والثانية رفعت عليهما أعلام سوداء.
وقال خطيب الجمعة في ميدان التحرير مظهر شاهين ان الجيش سيظل خطا أحمر لانه حمى الثورة لكنه طالب المجلس الاعلى للقوات المسلحة بجدول زمني لتسليم السلطة للمدنيين.
