وصل إلى طهران في ساعة مبكرة من يوم الخميس عالم نووي إيراني يقول إن ضباط مخابرات أميركيين خطفوه منذ أكثر من عام وصرح بأنه تعرض لضغوط حتى يكذب بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ورفع شهرام أميري وهو يبتسم يده بعلامة النصر وعانق ابنه وزوجته اللذين انهمرت دموعهما وهما يستقبلانه في مطار الإمام الخميني الدولي بطهران مع أفراد آخرين من الأسرة ومسؤول رفيع من وزارة الخارجية هو حسن قشقوي.
وشكر قشقوي أميري على "مقاومته الضغوط".
ونفت واشنطن أن تكون قد خطفت أميري وأصرت على أنه كان يعيش حرا في الولايات المتحدة. لكن مسؤولا أمريكيا قال أن الولايات المتحدة التي تسعى جاهدة للحصول على تفاصيل بشأن البرنامج النووي الايراني قد حصلت منه على معلومات.
وكرر أميري (32 عاما) مزاعم بأنه خطف عام 2009 أثناء تأديته العمرة في السعودية ونقل إلى الولايات المتحدة وأضاف أنه عرض عليه 50 مليون دولار للبقاء في أميركا "ونشر الأكاذيب" عن أنشطة ايران النووية.
وكان أميري قال للتلفزيون الحكومي "بينما كنت في عمرة في السعودية عرضت سيارة علي توصيلي ... وما أن دخلت السيارة حتى صوب مسدس نحوي. ثم خدروني ونقلت بطائرة عسكرية الى اميركا".
وصرح العالم النووي أيضا بأن رجال المخابرات الاسرائيلية شاركوا في استجوابه.
وتبادلت طهران وواشنطن الاتهامات في هذه القضية التي أحاط بها الغموض والتي أبرزت انعدام الثقة بين البلدين.
وقال أميري في مؤتمر صحفي قصير في المطار بينما كان يمسك بابنه البالغ من العمر سبع سنوات "أراد الاميركيون مني أن أقول أني انشققت وهربت الى اميركا بمحض إرادتي ليستغلوني في الكشف عن بعض المعلومات الكاذبة عن النشاط النووي لإيران".
وأضاف "مارست المخابرات المركزية الاميركية ضغوطا نفسية شديدة علي...الهدف الرئيسي من خطفي هو القيام بلعبة سياسية ونفسية جديدة ضد إيران".
وتخوض إيران نزاعا مع الولايات المتحدة وحلفائها بشأن البرنامج النووي الإيراني الذي يقول الغرب أنه مصمم لإنتاج أسلحة نووية بينما يقول مسؤولون إيرانيون أن هدفه توليد الكهرباء.
وكانت ايران اتهمت وكالة المخابرات المركزية الاميركية بخطف أميري الذي كان يعمل لدى منظمة الطاقة الذرية الايرانية قبل عام في السعودية. وعاود الظهور في قسم رعاية المصالح الإيرانية بالسفارة الباكستانية في واشنطن يوم الإثنين الماضي.
وأثار الغموض الذي يحيط بقضية أميري تكهنات بشأن امكانية أن يكون قد مرر معلومات لها قيمة بشأن البرنامج النووي الإيراني تريد المخابرات الأميركية الحصول عليها. وقالت شبكة (ايه.بي.سي نيوز) في مارس (اذار) الماضي أن أميري انشق وأنه يساعد المخابرات المركزية الأميركية.
وقال أميري "حضر رجال المخابرات الاسرائيلية بعض جلسات استجوابي وهددوني بأنهم سيسلمونني لإسرائيل إذا رفضت التعاون مع الاميركيين". وترفض إيران الاعتراف بإسرائيل منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 .
ومعلومات المخابرات عن برنامج إيران النووي مهمة للولايات المتحدة التي تخشى من أن تهدد إيران -إذا تسلحت نوويا- حليفتها المقربة إسرائيل أو تهدد إمدادات النفط من الخليج والدول الصديقة في أوروبا.
وصرح أميري بأنه لا يملك معلومات ذات قيمة عن البرنامج النووي الإيراني واستطرد "أنا باحث عادي...ولم أقم قط بأي أبحاث لها صلة بالأبحاث النووية".
وبثت في الآونة الأخيرة تسجيلات مصورة متباينة قال في أحدها شخص عرف نفسه بأنه أميري أنه اختطف وتعرض للتعذيب وقال في آخر أنه يدرس في الولايات المتحدة وفي ثالث أنه فر من عملاء أميركيين ويريد من الجماعات المدافعة عن حقوق الإنسان مساعدته على العودة إلى إيران.
وقبل اختفائه عمل أميري في جامعة مالك اشتر الايرانية ذات الصلة الوثيقة بالحرس الثوري الإيراني. ورفضت طهران في البداية الاعتراف بمشاركة أميري في البرنامج النووي.
وبعد ثلاثة أشهر من اختفاء أميري كشفت إيران عن وجود موقع ثان لتخصيب اليورانيوم قرب مدينة قم المقدسة مما زاد من التوترات مع الغرب بسبب برنامجها النووي.
وقالت وزارة الخارجية الاميركية أن الولايات المتحدة لم تخطف أميري لكنها لم تقل ما إذا كانت دولة أخرى خطفته وسلمته.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن مسؤولين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم قولهم أنهم يعتقدون أن مغادرة أميري المفاجئة للولايات المتحدة ربما ترجع إلى قلقه من أن تؤذي الحكومة الإيرانية أسرته.
كما قالت واشنطن بوست نقلا عن المسؤولين أن وكالة المخابرات المركزية الأميركية دفعت للعالم النووي الإيراني خمسة ملايين دولار في مقابل تقديم معلومات عن برنامج طهران النووي.
ولم يكن لدى (السي.اي.ايه) أي تعليق فوري على تقرير الصحيفة.
ورد مسؤول أميركي عن سبب رحيل أميري قائلا ان السلطات الإيرانية قد تكون أثرت على أسرته.
وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز "ربما شعر بنوع من الضغط من وطنه. لا يستبعد أن يستغل الإيرانيون الأسرة للضغط على شخص. قد يكون هذا أحد التفسيرات للرسائل المتناقضة التي يوجهها".
لكن أميري قال في المؤتمر الصحفي وهو يمسك بطفله "لم تواجه أسرتي مشاكل".
وبدا أن بي.جيه. كرولي المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يتوقع المزيد من الاتهامات من طهران بعد عودة أميري.
وقال "عقب عودته إلى ايران أتوقع أن تكون لديه عدة أشياء ليقولها ونصيحتي ستكون أن تأخذوا ما سيقوله ببعض التشكك".