قالت مصادر دبلوماسية ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يستغل جولة من الدبلوماسية المكوكية هذا الاسبوع لكسب دعم اقليمي لمحاولته البقاء في السلطة بعرض فرص للاستثمار في الاقتصاد العراقي الذي دمرته الحرب.
ولم تسفر الانتخابات العامة التي جرت في العراق في مارس اذار الماضي عن فائز واضح الامر الذي أجج المخاوف من احتمال استغلال المسلحين للفراغ السياسي باثارة التوترات الطائفية في وقت يتراجع فيه العنف الذي حل بالعراق بعد الغزو الاجنبي بقيادة الولايات المتحدة عام 2003.
وفاز المالكي بدعم مهم من الكتلة الصدرية بزعامة رجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر لكنه لا يزال على خلاف مع كتلة العراقية التي فازت بالعدد الاكبر من الاصوات.
وزار المالكي ايران يوم الاثنين بعد زيارته لسوريا والاردن ومن المتوقع أن يزور مصر وتركيا هذا الاسبوع. وتريد الدول العربية أن تكون كتلة العراقية جزءا من الحكومة القادمة لكن العراقية نفسها رفضت الانضمام للحكومة في حال بقي المالكي رئيسا للوزراء.
وقال مسؤول رفيع في الائتلاف الذي يتزعمه المالكي لرويترز ان رئيس الوزراء يعرض على الدول العربية عقود استثمار في مقابل جهودها لدفع العراقية باتجاه التنازل عن موقفها.
وقال المصدر وهو عضو بالائتلاف الوطني العراقي ان المالكي لديه مشكلة كبيرة "اسمها القائمة العراقية" مضيفا أن هناك تيارا قويا داخل العراقية يتطلع لابرام اتفاق مع المالكي لكنهم يخشون الدول المجاورة.
وأضاف أن المالكي يحتاج تلك الدول لتمارس ضغطا على العراقية كي ينال تأييدها. وأشار الى ان المالكي مستعد في المقابل لاعطاء تلك الدول النفط بأسعار تفضيلية ومنحهم استثمارات.
ورسمت مصادر اخرى تحدثت اليها رويترز هذا الاسبوع صورة مشابهة لكن الحكومة لم تتحدث صراحة عن التماسه صفقات استثمارية. وفي الاسابيع الاخيرة وافق العراق على بناء خط أنابيب نفط يربط سوريا بايران.
ويمثل لجوء المالكي للقوى الاقليمية للحصول على دعمها تحولا مثيرا للدهشة في موقفه بعد نداءات متتالية للجيران بعدم التدخل في الشأن الداخلي العراقي.
وبينما كان لايران دور محوري في حصول المالكي على تأييد الكتلة الصدرية تعد تركيا وسوريا وسيطين مهمين يمثلان مصالح السنة ولهما نفوذ لدى العراقية.
كما يحتاج المالكي ايران كي تمارس ضغطا على المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي تربطها به علاقات جيدة والذي لم يوافق بعد على تولى المالكي منصب رئيس الوزراء.
وقالت جالا رياني محللة شؤون الشرق الاوسط بمؤسسة اى.اتش.اس جلوبال انسايت للاستشارات "تزايد الدعم الخارجي للمالكي ربما يسهم في فك الجمهود السياسي بالعراق."
وأضافت "من دون دعم خارجي لصار من المستحيل تقريبا للمالكي أن يفك أغلال الرفض لعودته بين غالبية الاحزاب والكتل العراقية بما في ذلك الكتلة التي يتزعمها."
وفاز ائتلاف العراقية بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي بعدد 91 مقعدا في البرلمان المؤلف من 325 مقعدا وجاء ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي في المرتبة الثانية بحصوله على 89 مقعدا.
ويقول علاوي ان استبعاد قائمته من الحكومة الجديدة من شأنه أن يؤدي الى عودة العنف.
وتمثل الاقلية الكردية التي حصلت على ما يزيد على 50 مقعدا ورقة الترجيح وتشمل مطالبهم مزيدا من السيطرة على شمال العراق الغني بالنفط.
ويقول بعض المحللين ان قرار المالكي بمغازلة الدول المجاورة ربما جاء نتيجة مؤشرات تقارب حديثة بين الكرد والعراقية الامر الذي قد يقوض فرصه.
ويقول ريدر فيسر من موقع على الانترنت معني بالشأن العراقي انه لا يرى حلا عاجلا للجمود السياسي الحاصل حاليا في العراق.
وأضاف "النشاط المفاجئ في الدبلوماسية الاقليمية بواسطة المالكي يشي بأنه يشعر أنه في وضع لا يبعث على الارتياح ويريد أن يتلقى دعما اقليميا في معركته من أجل الفوز بالصوت الكردي."
وتابع "الاشارات الكردية لا تزال تذهب في اتجاهات مختلفة بعضها يفضل علاوي والبعض الاخر يفضل المالكي وليس هناك دلالة بعد على أنهم سيتفقون فيما بينهم قريب."