اكدت القيادة الفلسطينية التي يشعر اركانها بسخط وخيبة امل من موقف الولايات المتحدة ازاء تجميد الاستيطان، انها ستدرس بعمق كل الخيارات في ظل تعثر المفاوضات مع اسرائيل، ومنها خيار التوجه الى الامم المتحدة.
وانطلقت المفاوضات تحت رعاية الولايات المتحدة في واشنطن في الثاني من سبتمبر ايلول الماضي لكنها توقفت بعد أقل من أربعة اسابيع حين رفضت اسرائيل تمديد تجميد جزئي للبناء في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة مما دفع الفلسطينيين الى رفض استمرار المحادثات.
وتلا امين سر اللجنة ياسر عبد ربه بيانا عقب اجتماعها السبت برئاسة الرئيس محمود عباس في مقر الرئاسة في رام الله، جاء فيه ان اللجنة "ستدرس وبعمق وبالتفصيل خلال الأيام المقبلة جميع الخيارات السياسية المطروحة في ظل تعطل العملية السياسية واصرار اسرائيل على الجمع بين استمرار الاستيطان وبين ما يسمى المفاوضات المباشرة".
واضاف "ان هذه الخيارات السياسية تشمل التوجه الى الامم المتحدة ومجلس الامن، كما تشمل خيارات اخرى تحت الدرس من قبل القيادة الفلسطينية واللجان المتخصصة".
وقال البيان ان الاجتماع "بحث عددا من الملفات السياسية في مقدمتها اجتماع القمة العربية في مدينة سرت الليبية والاتصالات التي جرت مع عدد من الاطراف العربية والدولية".
واوضح ان اللجنة التنفيذية "اعادت التاكيد على مساندتها ودعمها للموقف الذي عبر عنه الرئيس عباس، بان استئناف المفاوضات المباشرة يتطلب الوقف التام لجميع النشاطات الاستيطانية، بما فيها الاعلانات الاستيطانية الأخيرة سواء في القدس او في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة".
واكدت "ان هذا الموقف هو الذي يمكنه جعل أي مفاوضات ذات جدوى وقابلة للاستمرار والحياة ويمكن ان تقود الى نتائج فعالة".
واشار البيان الى "بحث عدد من المسائل على الصعيد الدولي، بما فيها الموقف الذي اعلن من قبل بعض الاوساط الدولية والذي يتبني بشكل او باخر مقترحات نتانياهو بشان ربط ما يسمى التجديد الجزئي والمؤقت للنشاط الاستيطاني بالاعتراف بما يسمى يهودية الدولة".
واكد "ان هذا الأمر تم حسمه العام 1993 في وثيقة الاعتراف المتبادل، ولا داعي لفتح هذا الموضوع من جديد، ومن ناحية اخرى فان جوهر الصراع الدائر ألان هو الاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية وبخط الرابع من حزيران للعام 1967 كخط فاصل بين دولة فلسطين واسرائيل".
وقال البيان ان "على اسرائيل والمجتمع الدولي تبني هذا الموقف"، داعيا الى ان "يتم تبني خارطة واضحة تحدد الحدود الفاصلة ما بين دولة فلسطين ودولة اسرائيل حسما لهذا التناقض الأساسي...".
من جهة اخرى، شددت اللجنة "على ضرورة مواصلة العمل من اجل انهاء ملف المصالحة الوطنية الفلسطينية واستكمال بحث كل القضايا العالقة بما يقود الى بدء توفير مناخ جديد وجدي في الساحة الفلسطينية"، موضحا انها "اعطت توجيهاتها للاخوة المفاوضين للسير وفق هذا الهدف والأسلوب".
سخط وخيبة امل
وجاء بيان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وسط حالة عامة من التشاؤم الممزوج بخيبة أمل كبيرة تعتري المسؤولين الفلسطينيين بسبب أسلوب تعامل الولايات المتحدة مع الموقف.
وقال ياسر عبد ربه وهو من قلب فريق التفاوض الخاص بالرئيس الفلسطيني محمود عباس "اذا كانت الولايات المتحدة لا تستطيع تحقيق تجميد صغير اخر للمستوطنات فكيف نضمن ان تساعدنا في المشاكل الكبرى."
وأضاف "نحن أكثر القيادات اعتدالا في تاريخنا...لكننا سنسقط مع الفشل لانه بصراحة عملية السلام هي استراتيجيتنا. حماس تنتظر فشلنا" مشيرا الى حركة المقاومة الاسلامية التي تسيطر على قطاع غزة.
وقال الفلسطينيون انهم أوضحوا من البداية انهم سينسحبون من المفاوضات ما لم تمدد اسرائيل الحظر المؤقت الذي استمر عشرة اشهر على البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والذي انتهى العمل به في 26 سبتمبر ايلول.
وقال مسؤول فلسطيني طلب عدم الكشف عن اسمه ان الامريكيين أكدوا للفلسطينيين في أحاديث خاصة ان البناء الاسرائيلي لن يجري خلال هذه المحاولة الاخيرة لانهاء الصراع الدائر منذ عقود.
ولم يكشف المسؤولون الامريكيون عن تفاصيل المفاوضات القصيرة الاجل لكن دبلوماسيين أكدوا ان واشنطن عرضت مجموعة من الحوافز بما في ذلك أفكار أمنية لاقناع الاسرائيليين بتجميد الاستيطان مجرد شهرين فقط.
وصرح بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي بأنه يدرس العرض لكن أشارت تقارير الى انه يريد المزيد.
ويقول فلسطينيون انه بدلا من أن يكافيء الرئيس الامريكي باراك أوباما اسرائيل عليه ان يمارس المزيد من الضغوط عليها حتى توقف البناء في المستوطنات اليهودية في أرض احتلتها في حرب عام 1967 وحذروا من ان البناء الاستيطاني يقضي على فرصهم في اقامة دولة فلسطينية قابلة للبقاء.
وقالت حنان عشراوي السياسية المتمرسة وعضو اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية "مرة أخرى يعدون اسرائيل بكل شيء مقابل خطوة متناهية الصغر لتقليص بعض انتهاكاتها."
وأضافت "انهم يدمرون أكثر القيادات الفلسطينية اعتدالا من اجل انقاذ حكومة (اسرائيلية) هي الاكثر تطرفا وتشددا ويمينة."
ويقول نتنياهو انه يجب الا تكون هناك شروط لاستئناف المحادثات ويجادل بانه لم تجبر اي حكومة اسرائيلية سابقة على القبول بطلب وقف البناء في اي مفاوضات سابقة في الشرق الاوسط.
ويعتقد الفلسطينيون ان عددا أكبر من الدول الان يؤيد موقفهم ويقول كثيرون انه اذا انهارت هذه المحادثات حقا فالوقت حان للضغط على الامم المتحدة لتعترف بقيام دولة فلسطينية مستقلة بموافقة اسرائيل او بدونها.
وقال غسان الخطيب المتحدث باسم السلطة الفلسطينية "يتفق الكل تقريبا على ان حل الدولتين هو سبيل المضي قدما. لكن اذا كان واقع الامر في اسرائيل يحول دون ذلك فلماذا نظل رهينة موافقة اسرائيل."
وحذرت اسرائيل الفلسطينيين من السير في هذا الاتجاه وستتطلب مثل هذه الخطوة موافقة الولايات المتحدة وهو شيء بعيد الاحتمال في الوقت الراهن.
ويقول كبار المسؤولين الفلسطينيين ان هناك شعورا متناميا بأن النموذج القديم لمحادثات تتوسط فيها الولايات المتحدة قد عفا عليه الزمن وانتهت صلاحيته بعد العديد من الانتكاسات ويرون ان التفاوض بين شركاء غير متساويين لن يصل أبدا الى نتيجة نزيهة.
وقال محمد شتية من حركة فتح التي يتزعمها عباس واحد اعضاء فريق التفاوض "حان الوقت لان يفرض أحد حلا وان يطلب من اسرائيل ان تنهي الاحتلال.
"اذا لم تكن واشنطن في موقف يمكنها من ممارسة الضغط على اسرائيل فيجب تغيير الديناميكية". وحذر من ان صبر المواطنين الفلسطينيين العادييين نفد بعد سنوات من الفشل.
وقال "القرف هو شعور عام بين الفلسطينيين العاديين الناس يريدون ان يروا ضوءا في نهاية النفق لكن النفق استطال كثيرا."