أفادت صحيفة "الأخبار" أن "ملف شهود الزور دخل على علاقة الرئيس السوري بشّار الأسد برئيس الحكومة سعد الحريري، للمرة الأولى، في سحورهما في 30 آب".
وكشفت الصحيفة انه "في 6 أيلول كانت قد انقضت 8 أيام على سحور دمشق بين الأسد والحريري، طلب فيه رئيس الحكومة من مضيفه مهلة 8 أيام للإعداد لموقف مدوّ من شهود الزور".
وبحسب الصحيفة أن الأسد طلب للمرة الأولى من الحريري في سحور دمشق موقفاً علنياً وصريحاً من شهود الزور، بعدما كان قد طالبه قبل 9 أشهر بموقف مماثل من اتهام سوريا باغتيال والده. وفي حمأة تصاعد السجال الداخلي على هذا الموضوع، أبدى الحريري استعداداً كاملاً لتحديد موقف مزدوج، لكنه متلازم حكماً من وجهة نظر دمشق، من اتهام سوريا باغتيال الحريري الأب وشهود الزور. وعزا طلبه مهلة 8 أيام إلى تحضير المناخ الداخلي الملائم، وخصوصاً لدى تياره وحلفائه، لإطلاقه الموقف المزدوج.
وأشارت الصحيفة الى أن "دمشق توقعت أن تفضي المهلة المطلوبة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة في دفع ملف شهود الزور إلى الواجهة، وإلى اتخاذ مجلس الوزراء تحديداً قراراً بإحالته على القضاء اللبناني.
إلا أن رئيس الحكومة اكتفى بحديثه إلى صحيفة "الشرق الأوسط"، وتصرّف على أن المعالجة سياسية فحسب، بلا آلية إجرائية قانونية تضع موقفه ذاك موضع التنفيذ الفعلي من خلال القضاء اللبناني، كما حضّته عليه سوريا وقوى 8 آذار.
ولفتت "الأخبار" إلى أن الأسد رحب بتراجع الحريري عن اتهامه سوريا باغتيال والده، لكن التقويم العام لدى القيادة السورية، في الشق الثاني من الموقف المزدوج المتعلق بشهود الزور، لم يكن كافياً ولا يستجيب ما عناه كلام الأسد لرئيس الحكومة في ذلك السحور.
وذكرت أن "ردّ الفعل الأولي لـ"حزب الله" الذي أضحى موقفاً عاماً في الأيام التالية لـ6 أيلول، هو الفتور، فلم يتحمّس للترحيب به، ولا عده كافياً، وذهب رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، في أكثر من تصريح، إلى القول بأن "حزب الله" لا يثق بما صدر لأن تجربته مع مواقف مشابهة تجعله يشكك في صدقية ما سمع. ثم راح "حزب الله" يرفع نبرة الانتقاد بدعوته إلى كشف صانعي شهود الزور وملقّنيهم إفاداتهم الكاذبة.
وحمل ذلك أحد نواب الحزب على توسيع دائرة علامات الاستفهام حيال مموّلي شهود الزور. وفي ذلك إشارة غير ملتوية إلى فريق رئيس الحكومة في أحسن الأحوال، في مراتب ومواقع شتى، يعتقد "حزب الله" كما سوريا أنه المسؤول المباشر عن إدارة ملف شهود الزور منذ العام 2005.
وأضافت: "ثم أتى المؤتمر الصحافي الأخير للواء جميل السيد الأحد، قبل أن يلتقط رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون المبادرة الثلاثاء، ويجعل ملف شهود الزور قضية قوى 8 آذار برمتها". وكان رئيس المجلس نبيه بري قد شق بدوره الطريق إلى هذا الموضوع في 31 آب، في صور، بمطالعة قانونية-سياسية تجعل انتقال الملف إلى القضاء اللبناني أمراً حتمياً".
ولفتت الصحيفة الى انه وعلى هذا النحو تحول شهود الزور قضية مشتركة لقوى 8 آذار، لكنها أيضاً قضية سورية".
وتبعاً لما تنقل "الأخبار" عن مطّلعين عن قرب على موقف دمشق، فإن ترحيبها بتخلي الحريري عن اتهامها باغتيال والده لا تجده يكتمل، من أجل أن يتعدى طابعه الإعلامي، ما لم يقترن بإجراءين ملموسين على الأقل: أولهما معالجة موضوع شهود الزور الذي شكّل أحد المرتكزات الرئيسية لتوجيه الاتهام إليها بالاغتيال، وثانيهما وقف الحملات السياسية والإعلامية التي تستهدف سوريا حيال هذا الموضوع.
وكشفت الصحيفة انه "عندما كرّر رئيس الحكومة على مسمع الرئيس السوري، في سحورهما، أنه تخلى منذ زمن عن اتهام سوريا باغتيال الرئيس الراحل، عبّر جواب الأسد عن عدم اقتناعه بما سمع، ولفت زائره إلى أن تيّار المستقبل وحلفاءه الآخرين يقولون بأن سوريا بُرّئت إعلامياً، ولكنها لا تُبرأ قضائياً إلا من خلال المحكمة الدولية، في إشارة إلى اختفاء اسم سوريا من تقارير لجنة التحقيق الدولية ومن السجال الدائر حول اتهامها السابق بالاغتيال، مع انتقال الشبهة منذ أكثر من سنة إلى حزب الله. لم يستسغ الرئيس السوري الأمر، وطلب من رئيس الحكومة معالجة تناقض مثير للاستغراب بين تأكيد الحريري له أنه متيقن من عدم مسؤولية سوريا عن اغتيال الحريري الأب، وبين ما يرويه نوابه وحلفاؤه من أن الاتهام قائم إلى أن تقول المحكمة الكلمة الفصل".
ثم قال الرئيس السوري: "يجب أن تضع في الاعتبار أن كل ما أقوله لك هو بلساني ولسان الملك عبد الله مجتمعين. ما أقوله لك متفق عليه بيننا".
وبحسب "الأخبار"، قال الأسد في السحور نفسه عن شهود الزور: "سوريا سائرة في مسار قانوني حيال هؤلاء. وأنا أراعي ظروفك السياسية، وأساعدك من أجل إتاحة الفرصة كي تعالج هذا الموضوع بنفسك. لكن ملف شهود الزور ذاهب في اتجاه إصدار القضاء السوري مذكرات توقيف غيابية بحقّ الذين استدعوا إلى هنا باستنابات قضائية للتحقيق معهم. وأنا لا أستطيع منع القضاء السوري من استكمال عمله. أود تأكيد إعطائك الفرصة المناسبة لمعالجة الأمر، وهذا ما لم يحصل حتى الآن بعد، وأريدك أن تضطلع أنتَ بهذا الدور، وإلا فإن القضاء السوري سيصدر مذكرات التوقيف، وخصوصاً أنه اتبع الأصول المتفق عليها بين لبنان وسوريا وفق المعاهدة القضائية النافذة بينهما. ولم يتلقَّ حتى الآن جواب القضاء اللبناني عن هذه الاستنابات. ربما حصلت هناك ضغوط سياسية. لكنني هنا لا أستطيع الضغط على القضاء السوري لمنعه من إصدار مذكرات التوقيف".