الحلوى تغزو نابلس القديمة في رمضان

تاريخ النشر: 16 يوليو 2013 - 05:55 GMT
صانع قطايف في نابلس (المصدر: وفا).
صانع قطايف في نابلس (المصدر: وفا).

يستدعي الوصول إلى البلدة القديمة في نابلس صبراً بسبب الزحمة والأزقة الملتوية، حيث تبقى نابلس المدينة الفلسطينية، التي تحتفظ بتاريخ عميق لتراث رمضاني يمتد من صناعة الحلوى التقليدية إلى العصائر.
ولكن عبد الرزاق التمام، وهو صانع عجينة القطايف الشهير، لا يهتم لأي شيء في الزقاق الضيق، غير عين الفرن الملتهبة التي تخبز عجينة لا تلبث أن توضع حتى تجف نسبياً، لتنتقل إلى أكياس المتسوقين.
البلدة القديمة في نابلس، والتي يعود تأسيسها إلى العصور الرومانية، والمحاطة بأحياء حديثة الإنشاء، تحتفظ بتقاليد رمضانية لم تتغير.
واقفاً إلى جانب باب محله المشرع على دفتيه، يقول التمام، وهو في السبعينيات من عمره، إنه يمارس العمل ذاته الذي مارسه والده وجده من قبله. ويضيف «هي ذات القطايف التي كان أبي وجدي يخبزونها». يهز متسوقون من حوله رؤوسهم في دلالة على الموافقة.
ويمكن لأي زقاق داخل البلدة القديمة أن يغلق في ساعات الذروة، قبل ساعتين من موعد الإفطار. لذلك يقول مارّة إنهم بالكاد يستطيعون اجتياز الزقاق من أمام محل التمام.
داخل البلدة القديمة يصعب العثور على مكان فارغ من دون عرض حاجيات رمضان اليومية: الحلوى التقليدية والعصائر، فضلاً عن عربات الخضروات المنتشرة في أركان المدينة كلها.
على وقع صياح الباعة يمكن أن تعيش البلدة القديمة كل نهارها، ونابلس تبدو في رمضان وكأنها مدينة من الحلوى.
وبحسب التمام، فإن «لصناعة الحلوى سراً. كل مهنة لها سر في المدينة». ويضيف «انظر إلى صورة أبي على الحائط. لا بد من صورة لهذه الصورة».
وتجار الحلويات في نابلس يحتفظون بسر مهنتهم، وكل تاجر يقول إن حلاوته هي الأفضل، ولا يكشف عن سرها. أما التمام فيقول، وهو يشير إلى واحد من أبنائه الثلاثة كي يضع المزيد من العجين السائل، «لا نكهة لرمضان من دون القطايف. لا نكهة للحياة من دون قطايف».
وما ينسحب على القطايف ينسحب على كل الحلويات في نابلس. فالمدينة التي تضج بالزوار من القرى والمخيمات المجاورة، يأتيها زوار من كل أنحاء الضفة الغربية. «وحتى من داخل أراضي العام 48 يأتون إلى هنا. من القدس يأتون لشراء القطايف»، يقول التمام.
رائد التمام وهو أحد الأبناء الثلاثة، يشير إلى أنه يقف لمدة تصل إلى 16 ساعة يومياً لخبز القطايف. ويبدي الشاب مهارة كبيرة في سكب العجين فوق اللوح المعدني الحار. وتظهر أقراص القطايف التي تشوى بسرعة، لتعلو الأصوات المطالبة بكميات مختلفة.
ويمكن أن يطلب أحد الزوار هدية من حلوى تقليدية لينقلها إلى دول أخرى كهدية. وفي هذا الإطار، يقول مجدي عرفات، وهو صانع الحلويات الشهيرة «أصابع زينب» و«العوامة»، إن بعض حلوياته وصلت إلى الصين.
وتصنع «أصابع زينب» مرة واحدة فقط في رمضان في معمل عرفات الواقع وسط المدينة. ولكن العوامة تبقى معظم أيام السنة.
في رمضان، تظهر البلدة القديمة وكأنها واحة من الحلويات والعصائر، التي يبدأ تصنيعها منذ الفجر وحتى ساعات المساء. ويقول صانع عصائر الخروب «إنها نابلس.. نابلس الجميلة».
(عن «وفا»)