«أعشق الأجواء التي تؤدى فيها صلاة التراويح في مساجد الرباط».
بهذه الكلمات يفسر الشاب محمد، القادم إلى العاصمة المغربية من قرية نائية في شمال البلاد، عزوفه عن السفر إلى قريته في شهر رمضان، بالرغم من حصوله على عطلة شهر كامل من العمل.
هذا الشاب القروي الطموح جاء إلى العاصمة قبل سبع سنوات لإتمام دراساته الجامعية في شعبة العلوم السياسية، وبعد عامين من البطالة، التحق قبل أشهر بالعمل في إحدى المؤسسات الحكومية.
وفي السنوات السبع الماضية، كان محمد حريصاً على الالتحاق، بعيد الإفطار مباشرة، بـ«مسجد العمرة» في حي يعقوب المنصور، وهو حي شعبي في الرباط، ليكون له خير أداء الصلاة في الصفوف الأولى، ويكون أكثر قرباً من الإمام.
ويقول محمد إنه «في كل رمضان، يستقدم القائمون على المسجد قراء من مستوى عالٍ يعينون المصلين على الخشوع في الصلاة وتدبر معاني القرآن».
وتوجد في الحي نفسه مساجد كثيرة، تلقى كلها إقبالاً كبيراً في صلاة التراويح، بما فيها المساجد الصغرى التي تستقبل في هذا الشهر الفضيل أرقاماً قياسية من المصلّين.
وبصرف النظر عن مساحة المسجد، فالقاعدة العامة في المغرب أن تصير الساحات والفضاءات الخضراء المتاخمة لها امتدادات لبيوت الله لاستيعاب أعداد المصلين ولتمكين جميع من تعذر عليهم الولوج إلى المساجد من الإنصات إلى تلاوة القرآن واتباع الإمام من دون مشاكل، حيث توضع مكبرات صوت في زوايا عدة من جدران المساجد تستخدم بشكل حصري في التراويح.
وثمة أيضا فئة من المغاربة، تحرص على شد الرحال إلى المساجد التي يؤم صلاة التراويح فيها قراء متميزون، وبعضهم يقطع كيلومترات عدة من أجل الصلاة خلف قارئه المفضل.
«آتي يومياً إلى هنا لأداء صلاة التراويح، فتلاوة إمام المسجد للقرآن تعينني على الخشوع»، بحسب جلال، وهو موظف أربعيني، يقول إنه لم يفوت منذ بداية شهر رمضان الحالي صلاة التراويح في «مسجد العمرة».
ويضيف جلال، الذي يقطن في حي حسان، أحد الأحياء الراقية في العاصمة المغربية، والذي يأتي يومياً رغم بعد المسافة، مع زوجته وابنيه إلى هذا المسجد لأداء صلاتي العشاء والتراويح، «تلاوة إمام المسجد للقرآن تريحني بشكل كبير».
غير أن هناك فصلاً خفياً يكشف الإطلاع عليه أسراراً أخرى وراء مواظبة هذه الأسرة على الصلاة في هذا المسجد، حيث كانت تلك الأسرة قد سكنت لفترة طويلة بالقرب من المسجد، في حي يعقوب المنصور؛ لذلك ارتبطت بذلك المسجد نظراً إلى ارتباطها بالحي وأهله، ومن ثم، فكثيراً ما تخصص الأسرة جزءاً من وقتها بعد أداء صلاة التراويح لزيارة بعض أصدقائها في الحي.
ووقت أداء التراويح، تصبح المناطق القريبة من بيوت الله مساجد كبيرة في الهواء الطلق.
ومعظم جيران المساجد يذرون التجارة وغيرها من الأشغال إلى حين انتهاء التراويح، أو على الأقل، شيئاً غير يسير منها، بقصد إتاحة الفرصة للمصلين لأداء الصلاة في أحسن الظروف.
أحماد، يعمل بقالاً ويقع محل تجارته بمحاذاة «مسجد العمرة»، يقول إن «صلاة التراويح تضفي طابعاً خاصاً على الحي، في أجواء ربّانية نورانية تعبدية».
التراويح في الرباط. (المصدر: الأناضول).
