مع هبوب نسمات الهواء قبيل غروب شمس كل يوم رمضاني، تشهد مجالس البدو في شبه جزيرة سيناء المصرية حالة من الحيوية والنشاط، يشارك فيها الكبار والصغار الذين يؤكدون هويتهم وتقاليدهم الباقية في إحياء أيام وليالي شهر رمضان.
ويشرح أحد شباب سيناء خالد مسلم أن البدو يستعدون للإفطار بتجهيز الطعام على نار الحطب الطبيعية، ويتم تزويده بالبهارات، ويسبقهم الصغار والشباب بغسل «البكارج» و«الصبابات» وهي الأواني التي تستعمل لهذا الغرض، في حين يشارك الباقون في التجهيزات الأخرى.
ويمثل اللقاء اليومي على الإفطار عند بدو سيناء في مجالسهم، ظاهرة فريدة من نوعها في التآلف، حيث يشارك الجميع في إفطار موحد، ويتبارون في دعوة ضيوفهم.
وبحسب مسلم، فإن «الأطفال الصغار لهم دورهم في هذه المنظومة، فهم يحملون الطعام إلى تلك المجالس قادمين بها من بيوتهم، ويتسابقون في الوصول إليها، ويوضع الطعام الذي يغلب عليه الثريد (اللحم مع الخبز والأرز)، على مائدة واحدة ليتناول منه الجميع بعد أداء صلاة المغرب، التي يستبقونها بتناول التمر والماء واللبن»، مشيراً إلى أن البدو «لا يتعجلون في رفع ما تبقى من الطعام، تحسباً لوصول ضيف، أو عابر سبيل، لم يلحق موعد الإفطار».
وتتواصل الليلة الرمضانية في مجالس البدو بعد الإفطار بشرب القهوة والشاي إلى أن يحين موعد العشاء وأداء صلاة التراويح، ويمتد ليلهم بعدها ما بين تبادل الأحاديث، والاستماع إلى محاضرات دينية يلقيها عليهم الوعاظ في المساجد، أو من يحمل لواء العلم الشرعي من بينهم.
ويحرص مسلم يومياً على تحضير القهوة والشاي في مجلس عائلته، ويشرح أن القهوة تمثل رمزية خاصة عند البدو، فهي المشروب الرسمي الذي يقدم للضيوف، وأيضاً لـ«المحلية» أي أهل المكان.
الاستدلال على مواعيد الإفطار في الماضي، كان يتم بشكل مختلف وفقاً لسويلم محمود، الذي أشار إلى أنهم كانوا يعانون صعوبة بالغة في تحديد المواقيت، ويستدلون على الإفطار بغياب الشمس بالعين المجردة، أما وقت السحور فيحددونه بحركة النجوم التي يجيدون معرفة مساراتها. لكنه أعرب عن عدم رضاه عن تغير الحال اليوم الذي أبعدهم موروثاتهم القديمة، فوسائل الإعلام وصلت إلى كل بيت، إضافة إلى مكبرات الصوت في المساجد المنتشرة في المنطقة، مضيفاً «حتى مجالسنا تغير حالها، فهي الآن تبنى بالإسمنت، فيما لم تكن قديماً سوى بيوت من شعر الأغنام في الشتاء وعرائش من أغصان الشجر في الصيف». ويكتسب بدو سيناء خصوصية ينفردون بها حيث يمارسون نمطاً تقليدياً لحياتهم بعيداً عن مؤثرات التمدن في باقي ربوع مصر.
بدو سيناء
