برغم غزو الوجبات الأجنبية موائد أهالي غزة مؤخراً، إلا أن المائدة الرمضانية ما زالت تحتفظ بعاداتها الشعبية، فتميل غالبية النساء إلى تقديم وجبة الملوخية كطبق رمضاني أساسي في أول أيام شهر رمضان.
الملوخية، أو الملوكية، تلك الوجبة التي كانت تزرع وتقدم كوجبات للملوك فقط، باتت اليوم عادة الغزيين الأولى في رمضان، ليس ذلك وحسب، بل إن نساء غزة أصبحن يتقنّ طهيها بأشكال مختلفة.
وفي الوقت الذي لا تعرف فيه أسباب هذه العادة المتجذرة في قطاع غزة، يعزو البعض الأمر إلى استبشار السكان بها، كونها خضراء اللون.
وتعتبر الملوخية من الأطباق التي يختص بها أكثر من بلد عربي، بينها بلاد الشام ومصر والسودان وتونس والمغرب، وتعتبر من الوجبات المصرية القديمة، وانتقلت إلى البلدان العربية تباعاً.
أم عبد الله ناجي (46 عاماً) ما زالت متمسكة بعادة تقديم الملوخية كطبق أساسي على المائدة الرمضانية في أول أيام رمضان. وتقول «أمي كانت تحدثني بأن الملوخية من الأطعمة ذات الكعب الأخضر، أي أنها تبشّر بأيام مستقبلية جميلة كخضارها، وتشجع للتفاؤل بالخير». وتضيف «بعد أن عرفت فوائدها الغذائية والصحية للكبار والصغار، اعتدت أن أطهوها أول أيام رمضان، كنوع من التدعيم لقصة والدتي».
وتتابع أم عبد الله «زوجي وائل اعتاد أن يتناول الملوكية في أول أيام الشهر المبارك، لا سيّما أن والدته كانت تحافظ على هذه العادة قبل أن يتزوج، ولذلك يحرص في هذا اليوم على الخروج منذ الصباح إلى السوق لشراء الملوخية الخضراء ذات الأوراق الكبيرة».
وإلى جانب طبق الملوخية تعد أم عبد الله الأطباق الفرعية كـالأرز الأبيض والشوربة، إلى جانب بعض أنواع المقبلات فضلاً عن تشكيلة من العصائر، لا سيما الخروب.
أم عبد الله التي تقضي حوالى 4 ساعات في قطف الملوخية، تحرص عند إعدادها في هذا اليوم على إطعام جاراتها للتأكيد على التكافل الاجتماعي، والمحبة في هذا الشهر الفضيل.
أما هناء مطير (19 عاماً) فسألت والدتها عن سرّ تناول الملوخية في الأيام الأولى من رمضان، فردت عليها «يا بنتي، الملوخية قبل أن تكون عادة نتوارثها عن امهاتنا، هي وجبة غنية بالحديد تقي من مرض فقر الدم، وأنتِ تعرفين رمضان لهذا العام طويل، وتصبح مخاطر الاصابة بهذا المرض أكبر، إلى جانب أنها تحتوي على الكالسيوم الذي يساعد في بناء عظام الجسد».
ولفتت مطير إلى أن وجبة الملوخية هي الوجبة الرمضانية الأساسية عند عائلتها، عرفتها منذ أن كانت صغيرة، حيث تقدم بالدجاج أو اللحوم الحمراء. وتعيد عادة تناول الملوخية، أول أيام رمضان إلى التقارب الجغرافي ما بين قطاع غزة ومصر، حيث تعتبر الملوخية عادة رمضانية مصرية.
وتقول سهاد عفانة (30 عاماً) إنها توارثت عن عائلتها وعائلة زوجها تقديم الملوخية كوجبة أساسية في أول ثلاثة أيام من رمضان. وتضيف «يتم طهو الملوخية بأشكال مختلفة، الأولى وهي الملوخية الورق غير المفرومة، والثانية المفرومة بشكل ناعم، وبعضها يكون بالدجاج والآخر باللحم الأحمر».
من جهتها، تقول هديل عبد ربه (27 عاما) إن «هناك إجماعاً اجتماعياً على أن الوجبات ذات اللون الفاتح، مثل الأخضر والأبيض، تعطي تفاؤلاً بالخير وبالأيام المقبلة، بعيداً عن الطعام الأحمر الذي يرمز إلى الدم»، ولذلك فهي تقوم بإعداد طبقين في اليوم الأول من رمضان «الأول من الملوخية والآخر من اللبن الأبيض إرضاء منها لجميع الأذواق».
(«الأناضول»)
طبق الملوخية يقدم أساسيا في رمضان غزة.
