نظم مئات المحتجين تظاهرة في مدينة بانياس في وقت انتشرت قوات الامن في شتى انحاء المدينة الساحلية لاحتمال شن هجوم، بينما قالت مصادر حقوقية ان 400 شخص قتلوا خلال الاحتجاجات التي شهدتها سوريا للمطالبة بالحرية..
وقال داعية لحقوق الانسان على اتصال بمدينة بانياس ان المحتجين رددوا في المدينة يوم الثلاثاء شعار "الشعب يريد اسقاط النظام".
وذكر داعية حقوق الانسان ان الشيخ أنس عيروط وهو واعظ في المدينة قال امام ما بين الفين وثلاثة الاف متظاهر "مطالبنا سلمية. ان قتلونا فستخرج أرواحنا من القبور تطالب بالحرية."
وقال انس الشغري لرويترز من بانياس التي شهدت تكثيفا للاحتجاجات المناهضة لحكم الرئيس السوري بشار الاسد وللمطالبة بالديمقراطية "انتشرت قوات ترتدي زيا اسود وتحمل بنادق ايه كيه- 47 اليوم على التلال. مرت حاملات جند مدرعة على الطريق المتاخم لبانياس ليلا."
وقال "نتوقع هجوما في اي لحظة. سنستقبلهم عند البوابات بصدورنا العارية."
من حهة اخرى، قال أحد السكان انه سمع دوي اطلاق نار ومدفعية في وقت مبكر صباح الثلاثاء حول مدينة درعا المحاصرة وهي مركز الانتفاضة المستمرة منذ أكثر من شهر في سوريا بينما يحتمي المدنيون في المنازل من الدبابات والقناصة في الشوارع.
وارسل الرئيس السوري بشار الاسد الذي يواجه تحديا لحكمه الاستبدادي المستمر منذ 11 عاما قوات الجيش الى درعا وضاحيتين مضطربتين في العاصمة دمشق يوم الاثنين لسحق المحتجين مما أسفر عن مقتل 20 شخصا وفقا لما ذكرته جماعة حقوق انسان سورية بارزة.
ويمثل استخدام بشار للقوة تكرارا لنهج اتبعه والده الراحل حافظ الاسد في قمع اسلاميين في حماة عام 1982. ونددت الولايات المتحدة باستخدام العنف لكن الدول الغربية التي شنت غارات جوية ضد الزعيم الليبي معمر القذافي لم تتخذ أي اجراءات ضد الرئيس السوري.
ولم تظهر الانتقادات الغربية لحملة القمع في بادئ الامر ويرجع ذلك الى حد ما للمخاوف من أن يؤدي انهيار حكم الاقلية العلوية في الدولة ذات الاغلبية السنية الى صراع طائفي وكذلك لان واشنطن كانت تأمل في اضعاف التحالف السوري مع ايران ودفعها لابرام اتفاق سلام مع اسرائيل.
وتحمل الدول العربية التي سارعت بانتقاد قمع القذافي للمعارضين الليبيين نفس المخاوف كما التزمت الصمت بينما ارتفع عدد القتلى خلال الاحتجاجات المستمرة منذ اكثر من خمسة اسابيع الى 400 مدني على الاقل بحسب ما ذكرته منظمة حقوق سورية. وتعمل بعض هذه الدول كذلك على اخماد الاحتجاجات المطالبة بالاصلاحات على أراضيها.
وقالت منظمة سواسية السورية لحقوق الانسان يوم الثلاثاء ان قوات الامن السورية ألقت القبض على حوالي 500 من انصار الحركة المطالبة بالديمقراطية في ارجاء سوريا بعد أن ارسلت الحكومة دبابات لمحاولة اخماد احتجاجات في درعا.
واضافت المنظمة المستقلة ان 20 شخصا على الاقل قتلوا في المدينة الجنوبية واثنين اخرين في ضاحية دوما بالعاصمة السورية التي اقتحمتها قوات الامن يوم الاثنين.
وفي وقت لاحق الثلاثاء قالت سواسية ان قوات الامن السورية قتلت بالرصاص 400 مدني على الاقل منذ بدء الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية.
وقالت منظمة العفو الدولية نقلا عن مصادر في درعا ان 23 شخصا على الاقل قتلوا عندما قصفت دبابات المدينة فيما وصفته المنظمة بانه "رد فعل وحشي على مطالب الناس."
ومن ناحية أخرى قال المرصد السوري لحقوق الانسان ان قوات الامن اعتقلت الناشط الحقوقي البارز قاسم عزاوي يوم الثلاثاء في مدينة دير الزور بشرق البلاد بعد الاحتجاجات التي زادت حدتها بالمنطقة الاسبوع الماضي.
ورفع الاسد الاسبوع الماضي حالة الطوارئ التي استمرت 48 عاما وألغى محكمة أمن الدولة التي كانت تحظى بالكراهية. لكن في اليوم التالي قتل 100 شخص في احتجاجات في انحاء البلاد.
وقال نشطاء ان أعمال العنف يوم الجمعة واقتحام درعا يوم الاثنين اظهرا ان الاسد مصمم على استخدام العنف وليس الاصلاح للتعامل مع الاحتجاجات التي استلهمت الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي واطاحت برئيسي مصر وتونس.
وقال دبلوماسي بارز "النظام اختار استخدام العنف المفرط. فهو اتى نفعا في 1982 لكن لا يوجد ما يضمن انه سيؤتي نفعا مرة اخرى في عصر الانترنت وكاميرات الهواتف" في اشارة الى سحق تمرد مدينة حماة الذي قتل فيه ما يصل الي 30 ألف شخص.
وقال الناشط البارز علي الاتاسي الذي سجن والده 22 عاما في عهد حافظ الاسد ان تكرار حماة اخرى مستحيلا.
واضاف ان العالم لم ير حينذاك اي صورة لقتيل لكن بالامس نشرت كل الصور على الانترنت بعد ساعات قليلة من اقتحام الدبابات لدرعا.
وتابع ان النظام لا يفهم ان العالم تغير وان المنطقة العربية تغيرت وان الشعب السوري تغير. وقال ان النظام السوري لا يزال حبيسا في الماضي مشيرا الى ان الذين لن يتغيروا في الوقت المناسب سيجبرون على التغيير.
ويقول الناس في درعا ان خطوط الهاتف وامدادات الكهرباء والماء قطعت كلها. وقال احد السكان لرويترز عبر هاتف يعمل بالقمر الصناعي انه كان هناك دوي اطلاق نيران متقطع اثناء الليل اعقبه اطلاق قذائف مدفعية واطلاق نار كثيف من بنادق الية حوالي الساعة السابعة والنصف (0430 بتوقين جرينتش).
وقال "في بعض الاحيان تسمع فجأة دوي بنادق الية كثيف يأتي من جميع الاتجاهات فقط لاخافة الناس وادخال الرعب في نفوسهم."
واضاف ان سكان المدينة لم يعزلوا فقط عن العالم الخارجي بل عن مناطق اخرى في درعا.
وقال "الاخ لا يعرف ما يحدث لاخية وكلنا لا نزال محاصرين.. لقد عزلوا الاحياء الداخلية للمدينة عن بعضها ولا يزال الجيش والقناصة يجوبون كل حي تقريبا."
لكنه اضاف انه سمح لمظاهرة يشارك فيها نحو 300 شاب في حي السبيل بالمضي قدما. وذكر ان جنودا بجوار دبابة تتمركز في مكان قريب من المظاهرة انزلوا اسلحتهم الخفيفة في اشارة الى انهم لن يطلقوا النيران.
غير ان السكان يعتقدون ان القناصة لا يزالون نشطين في المدينة.
وقال الساكن "لا يريدون ان يدفن الناس قتلاهم" مضيفا ان المساجد لا تستطيع اعلان أسماء القتلى بسبب انقطاع الكهرباء.
واقتحمت قوات حكومية ايضا ضاحيتي دوما والمعضمية في دمشق يوم الاثنين حيث اطلقت النار وقامت باعتقالات بعد يوم من اجتياحها بلدة جبلة الساحلية حيث قتل 13 مدنيا على الاقل وفقا لما قاله ناشطون حقوقيون.
وقال دبلوماسيون ان عدد القتلى المدنيين قد يكون 50 في درعا و12 في المعضمية التي تقع على الطريق الي مرتفعات الجولان المحتلة جنوب غربي دمشق.
وبدا أن لقطات بثها متظاهرون على الانترنت في الايام القليلة الماضية تظهر جنودا وهم يطلقون النار على حشود من المتظاهرين العزل. وفي ضاحية برزة بدمشق أفاد سكان بأن قوات الامن اطلقت النار على محتجين عزل من رشاش ثقيل مثبت على شاحنة.
وقال البيت الابيض الذي ندد "بالعنف الوحشي الذي استخدمته حكومة سوريا ضد شعبها" ان ادارة الرئيس باراك اوباما تدرس فرض عقوبات موجهة لتوضيح ان "هذا السلوك غير مقبول".
وتخضع سوريا بالفعل لعقوبات امريكية منذ 2004 بسبب دعمها لجماعات متشددة. ويخضع العديد من المسؤولين السوريين من بينهم ابن خال الاسد رامي مخلوف وهو رجل اعمال بارز للعقوبات الامريكية بسبب "الفساد العام".
وقالت بريطانيا يوم الثلاثاء ايضا انها تعمل مع حلفائها بشأن امكانية اتخاذ اجراءات جديدة ضد سوريا ودعت الاسد لوقف الهجمات على المحتجين المناهضين للحكومة.