زيارة موفد ساركوزي لم تُحلحل الخلافات مع الجزائر

تاريخ النشر: 26 يونيو 2010 - 09:35 GMT
الجزائر تضع شروط لتطبيع العلاقات الثنائية
الجزائر تضع شروط لتطبيع العلاقات الثنائية

أكد مصدر جزائري أن العلاقات الجزائرية الفرنسية مازالت غير مهيأة للمصالحة في الأمد القريب على رغم نجاح المهمة التي قام بها أمين عام الرئاسة الفرنسية كلود غيان لدى الرئيس بوتفليقة هذا الأسبوع، بحسب تقرير لصحيفة القدس العربي اليوم السبت.

واستقبل بوتفليقة موفد ساركوزي، الذي كان مرفوقا بالمستشار الديبلوماسي للرئيس الفرنسي جان دافيد لوفيت، في حضور رئيس الحكومة أحمد أويحيى ووزير الخارجية مراد مدلسي، علما أنه لم يستقبله خلال زيارة سابقة للجزائر في العام الجاري.

وأفاد المصدر الجزائري أن الجانبين ركزا محادثاتهما على سبل تجاوز الأزمة السياسية القائمة بين الحكومتين وناقشا شروط الجزائر لتطبيع العلاقات الثنائية.

واعتبر مراقبون أن حضور بوتفليقة القمة الفرنسية - الافريقية الأخيرة في مدينة نيس شكل علامة قوية على رغبة الجزائر بطي صفحة الأزمة التي عصفت بالعلاقات بين البلدين ما شجع باريس على البناء عليها.

ولوحظ أن ساركوزي كشف في مؤتمر صحفي عقده بعد القمة أنه اتصل شخصيا بنظيره الجزائري ورجاه الحضور إلى نيس.

والأرجح أن الفرنسيين بدأوا يخشون من أن يؤدي استمرار الأزمة مع الجزائر إلى تسريع تقاربها مع واشنطن، خصوصا بعدما حلت الولايات المتحدة في الرتبة الأولى بين شركاء الجزائر التجاريين في العام الماضي.

وعزز الجزائريون علاقاتهم العسكرية مع واشنطن ايضا في إطار ما يسمى "الحرب الدولية على الإرهاب" وفرضوا في الفترة الأخيرة اعتراف واشنطن بدورهم الأمني على الصعيد الإقليمي في أعقاب تشكيل مركز قيادة مشترك يضم أربعة بلدان متاخمة للصحراء الكبرى في مدينة تمنراست الجنوبية الجزائرية.

غير أن مصدرا جزائريا عزا رغبة باريس بتطبيع العلاقات إلى تطلعها للحصول على حصص في الخطة الخماسية الجديدة بقيمة 285 بليون دولار، في إطار المنافسة مع الشركات الأميركية والإسبانية والإيطالية، التي يتنامى حضورها في الجزائر في شكل لافت.

ويعتقد الفرنسيون أن الخلافات السياسية المتصلة بتصفية تركة الحقبة الإستعمارية هي التي تحول دون حصول تقارب سياسي واستطرادا مشاريع اقتصادية مشتركة.

غير أن الجزائريين يقولون إن موفد الرئيس الفرنسي لا يملك جديداً في جعبته، عدا الدعوة إلى تغليب المصالح على ما تعتبره باريس جدلا عقيما حول ملفات الماضي. وكان ساركوزي دافع عن هذه الرؤية في القمة الثنائية التي جمعته وبوتفليقة على هامش قمة نيس والتي ركزاها على وسائل تطبيع العلاقات الثنائية.

وتكمن عقدة الأزمة بين الجزائر وفرنسا في تباعد الرؤيتين بين باريس التي تسعى لتغليب المصالح الإقتصادية والجزائر التي ترغب بفتح جميع الملفات، بما فيها الإعتذار من الجرائم المرتكبة في ظل الإحتلال الفرنسي للجزائر (1830 - 1962) وتسهيل تدفق المواطنين بين البلدين والدفاع عن الموقف الجزائري الغاضب من حصاد الشراكة مع الإتحاد الأوروبي، بالإضافة لتعديل الموقف الفرنسي من نزاع الصحراء الغربية، الذي يعتبره الجزائريون منحازا للمغرب.

وكانت الجزائر عبرت عن عدم رضاها على أداء الشراكة مع الإتحاد الأوروبي بعد مرور خمس سنوات على انطلاقها في 2005، مؤكدة أنها كانت في صالح الطرف الأوروبي وطلبت توسيع التقارب الإقتصادي ليشمل انتقال الأشخاص ووضع الملفات السياسية الثنائية والإقليمية على مائدة الحوار.

ووصل التباعد في تقويم أداء الشراكة إلى حد ارتفاع أصوات من داخل الجزائر طلبت إلغاء اتفاق الشراكة.

بهذا المعنى استبعد مراقبون احتمال حلحلة الخلافات في الأمد المنظور على رغم تفاؤل أوساط إعلامية في فرنسا بقرب الإتفاق على ترتيب زيارة بوتفليقة المؤجلة إلى باريس في غضون الأسابيع المقبلة. وكانت الزيارة تأجلت ثلاث مرات خلال العام الماضي بسبب ظهور مزيد من الخلافات كلما تم الإتفاق على موعد جديد لأدائها.