انتشرت قوات الامن في دوما بدمشق وحول بانياس حتى بعد الانتقادات الدولية التي وجهت للحكومة لارسالها الدبابات لسحق المحتجين بدرعا، فيما ناشدت المعارضة العالم التدخل لوقف حملة الاسد الوحشية على الانتفاضة الشعبية.
وفي مدينة درعا الجنوبية التي شهدت انطلاق شرارة الانتفاضة ضد حكم الأسد الذي دام 11 عاما ارسلت السلطات الدبابات يوم الاثنين وقال شهود ان جنود الجيش يطلقون النار عشوائيا وان الجثث ملقاة في الشوارع.
وقال الاهالي ان لواء عسكريا يقوده ماهر الاخ الاصغر للرئيس بشار قطع الطرق بالدبابات ويقصف المنازل ويهاجمها ويلقي القبض على الناس.
وتصاعدت الانتقادات الدولية للحملة التي تنفذها السلطات السورية منذ ستة أسابيع. ولم يكن هناك أي انتقاد في بادئ الامر لكن ذلك تغير بعد مقتل مئة محتج يوم الجمعة وبعد قرار الاسد مهاجمة درعا فيما بدا تكرارا لحملة القمع التي شنها والده على مدينة حماة في عام 1982.
ودعت حكومات أوروبية سوريا يوم الثلاثاء الى وقف العنف ضد المحتجين.
وقال رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو برلسكوني في مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي "معا نوجه دعوة قوية للسلطات في دمشق لوقف القمع العنيف للمظاهرات السلمية."
وطالب وزير الدفاع البريطاني ليام فوكس باجراء اصلاحات في سوريا لكنه قال ان هناك حدودا لما يمكن للدول الاخرى أن تفعله لوقف العنف ضد المحتجين المناهضين للحكومة.
واقترح وزير الخارجية الهولندي يوري روسينتال على الاتحاد الاوروبي تعليق المساعدات لدمشق وفرض حظر على تصدير السلاح وفرض عقوبات على قيادات سورية.
وقال شاهد عيان لرويترز ان أكثر من ألفي رجل أمن انتشروا في حي دوما في دمشق يوم وتوزعوا في نقاط للتفتيش وتحققوا من بطاقات هويات الاهالي.
واضاف الشاهد الذي كان عضوا سابقا بالجيش ورفض ذكر اسمه أنه رأى عدة شاحنات في الشوارع مزودة بأسلحة الية ثقيلة. وتابع أن رجالا يرتدون ملابس مدنية كانوا يحملون بنادق معربا عن اعتقاده أنهم من الشرطة السرية. وبدأت حافلات تقل جنودا في زي القتال يعتقد أنهم من الحرس الجمهوري وبدأوا ينتشرون في الضاحية.
وقال ناشط في مجال حقوق الانسان ان قوات الامن انتشرت كذلك على التلال المحيطة بمدينة بانياس الساحلية حيث هتف متظاهرون "الشعب يريد اسقاط النظام".
وقال مقيمون في درعا في اتصال هاتفي ان سحبا من الدخان الاسود تتصاعد من كل جزء من المدينة وان بالامكان سماع دوي القصف المدفعي واطلاق أعيرة من بنادق كلاشنيكوف من الحي القديم.
وقال أبو خلدون "في الشارع الذي أقيم فيه هناك نحو عشر دبابات. هدفها هو مجرد التدمير ثم التدمير. انها تقصف المنازل وتنسفها."
وأضاف ابن عمه أبو تامر "قوات ماهر الاسد انتشرت في كل مكان وشكلت من خلال نقاط تفتيشها في درعا سجنا كبيرا. لا يمكنك الخروج من دون تعريض حياتك للخطر."
وتابع قوله "انهم يمسكون عشرات الناس ويقبضون عليهم"
وقال الاهالي انه ليس من الواضح كم من الناس قتلوا منذ تدفقت قوات الجيش الى درعا أمس وليس مسموحا للناس بأخذ الجثث الممددة في الشوارع.
وقالت منظمة سواسية السورية لحقوق الانسان يوم الثلاثاء ان قوات الامن السورية قتلت بالرصاص 400 مدني في حملة لسحق الانتفاضة ضد حكم الاسد المستمر منذ 11 عاما. وأضافت أن السلطات ألقت القبض على حوالي 500 من انصار الحركة المطالبة بالديمقراطية في ارجاء سوريا خلال اليومين الماضيين.
وقالت واشنطن يوم الاثنين انها تدرس فرض عقوبات موجهة ضد سوريا بينما في تركيا وجهت شخصيات سورية معارضة مناشدة من أجل مساعدة دولية.
وقال أنس عبده رئيس حركة العدالة والتنمية ومقرها بريطانيا لرويترز "أصدقاؤنا في الغرب وفي تركيا والعالم العربي.. اذا أرادوا مساعدتنا فبمقدورهم ذلك بممارسة أوضح ضغوط ممكنة على النظام السوري ليوقف استهداف المدنيين."
ويقول ناشطون ان خطوة اللجوء للجيش تظهر أن الاسد قرر اختيار القوة لا الاصلاح في التعامل مع الاحتجاجات التي استلهمت قوتها من الانتفاضات الشعبية العربية التي أطاحت برئيسين عربيين.
وقال الناشط البارز علي الاتاسي الذي سجن والده 22 عاما في عهد حافظ الاسد ان تكرار حماة اخرى مستحيلا.
وتابع ان النظام لا يفهم ان العالم تغير وان المنطقة العربية تغيرت وان الشعب السوري تغير. وقال ان النظام السوري لا يزال حبيسا في الماضي مشيرا الى ان الذين لن يتغيروا في الوقت المناسب سيجبرون على التغيير.
وفي الاسبوع الماضي رفع الاسد حالة الطوارئ المستمرة منذ 48 عاما وألغى محكمة أمن الدولة. ولكن في اليوم التالي قتل مئة شخص خلال احتجاجات في مختلف أنحاء البلاد.
وعلى الرغم من أن الرئيس بشار الاسد عزز تحالف بلاده مع ايران وتمسك بتأثيره في لبنان ودعم جماعات مثل حزب الله وحماس فقد أبقى خط الجبهة السورية مع اسرائيل هادئا وأجرى محادثات غير مباشرة مع اسرائيل.
ولم تكن هناك انتقادات للحملة الامنية في بادئ الامر لاسباب منها الخوف من أن يؤدي انهيار حكم الاقلية العلوية في سوريا الى صراع طائفي في البلاد ولان واشنطن كانت تأمل في تفكك تحالف سوريا مع ايران والترويج لاتفاق سلام مع اسرائيل.
وامتنعت دول عربية عن انتقاد الاسد على الرغم من أن جامعة الدول العربية قالت اليوم ان المحتجين المؤيدين للديمقراطية في مختلف أنحاء المنطقة "يستحقون الدعم لا الرصاص".
وقالت منظمة العفو الدولية نقلا عن مصادر في درعا ان 23 شخصا على الاقل قتلوا عندما قصفت دبابات المدينة فيما وصفته المنظمة بانه "رد فعل وحشي على مطالب الناس." وأضافت أن مجلس الامن لابد وان يحيل الوضع في سوريا الى المحكمة الجنائية الدولية.
وقال البيت الابيض الذي ندد "بالعنف الوحشي الذي استخدمته حكومة سوريا ضد شعبها" ان ادارة الرئيس باراك اوباما تدرس فرض عقوبات موجهة.
وتخضع سوريا بالفعل لعقوبات امريكية منذ 2004 بسبب دعمها لجماعات متشددة. ويخضع العديد من المسؤولين السوريين من بينهم ابن خال الاسد رامي مخلوف وهو رجل اعمال بارز للعقوبات الامريكية بسبب "الفساد العام".