| ||
رئيس جمهورية ساحل العاج لوران غباغبو يتوسط المنتخب في القصر الجمهوري خلال تكريمه بمناسبة التأهل في الحلقة التاسعة والعشرين، نقدم منتخب ساحل العاج وهو رابع المنتخبات السبعة التي تأهلت للمرة الأولى بتاريخها إلى نهائيات المونديال. وقد جاء تأهله إلى ألمانيا مباشرة بتصدره المجموعة الأفريقية الثالثة ب22 نقطة متقدما على الكاميرون بنقطة واحدة وعلى مصر (17)، وعلى ليبيا (12)، وعلى السودان (6)، وعلى بنين (5).
وكنا قدمنا في الحلقات ال27 السابقة، المنتخبات التي سبق لها الفوز بالمونديال وتأهلت الى نهائيات << ألمانيا2006>> وهي: البرازيل (5 مرات)، وألمانيا وإيطاليا (3)، والأرجنتين (2)، وإنكلترا وفرنسا (1)، وكذلك المنتخبات التي استضافت دولها كأس العالم ولم توفق بإحراز اللقب وهي إسبانيا والسويد وسويسرا والمكسيك والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان، إلى المنتخبات التي وصلت إلى المباريات النهائية وفشلت في الفوز، أولها منتخب هولندا الذي تأهل مرتين متتاليتين إلى المباراة النهائية، حيث خسر الأولى أمام ألمانيا (21)، في مونديال ألمانيا 1974، وخسر الثانية أمام الأرجنتين (31)، في الوقت الإضافي بعد التعادل (11)، في الوقت الأصلي، في مونديال الأرجنتين 1978. وآخرها منتخب تشيكيا الذي خسر المباراتين النهائيتين تحت اسم تشيكوسلوفاكيا، الأولى في مونديال إيطاليا 1934 أمام إيطاليا (21)، في الوقت الإضافي بعد التعادل (11)، في الوقت الأصلي، والثانية في مونديال تشيلي 1962 أمام البرازيل (31). بالاضافة إلى منتخب بولندا الذي أحرز المركز الثالث مرتين، الأولى في مونديال ألمانيا 1974 بفوره على البرازيل (1 صفر)، والثانية في مونديال إيطاليا 1982 بفوزه على فرنسا (23). وكذلك منتخب البرتغال الذي أحرز المركز الثالث في مونديال إنكلترا 1966 بفوزه على الاتحاد السوفياتي (12). ومنتخب كرواتيا ثالث مونديال فرنسا 1998 بفوزه على هولندا (12). ومنتخب السعودية العربي الوحيد الذي تأهل 4 مرات متتالية، ومنتخب تونس الذي تأهل إلى النهائيات 4 مرات منها 3 متتالية. وإيران (3)، والباراغواي (7)، والإكوادور (2)، وأستراليا (2)، وكوستاريكا (2). وأوكرانيا التي تأهلت للمرة الأولى في تاريخها، وكذلك صربيا ومونتينيغرو، وترينيداد وتوباغو.
وأوقعت قرعة النهائيات منتخب ساحل العاج في المجموعة الثالثة مع الأرجنتين وصربيا ومونتينيغرو وهولندا، وسيلعب مبارياته حسب البرنامج التالي بتوقيت بيروت:
السبت 10 حزيران: ساحل العاج الأرجنتين (22,00 هامبورغ).
الجمعة 16 منه: ساحل العاج هولندا (19,00 شتوتغارت).
الأربعاء 21 منه: ساحل العاج صربيا ومونتينيغرو (17,00 ميونيخ).
إنجاز كأس الأمم الأفريقية
قبل الذهاب الى المونديال، أثبتت ساحل العاج جدارتها بالتأهل الى ألمانيا، كما أنقذت ماء وجه المتأهلين الى المونديال بعد الخروج المذل لغانا وتوغو وأنغولا من الدور الأول، ومن ثم خروج تونس من ربع النهائي، بعد حلولها ثانية في كأس الأمم الأفريقية التي أجريت في مصر بين كانون الثاني وشباط الفائت، اثر خسارتها بركلات الترجيح أمام مصر.
ومن سوء حظ دروغبا، أنه هو الذي أهدر ركلة الترجيح التي أدت الى خسارة فريقه، لكن ذلك برغم قساوته، لم يكن ليطيح بنجومية دروغبا ورفاقه الذين تفوقوا على الكاميرون ونجمهم ايتو في ربع النهائي حيث فازوا بركلات الترجيح (1112)، بعد التعادل (11)، في الوقت الأصلي والذي استمر في الوقت الاضافي. ومن المصادفات أن دروغبا هو الذي أمن فوز منتخبه بتسجيله هدف الفوز في الركلة الثانية عشرة، فيما فشل ايتو في التسجيل.
وفي نصف النهائي أبعدت ساحل العاج عملاقا آخر هو نيجيريا بفوزهم عليه بهدف سجله دروغبا.
وكان العاجيون فازوا على المغرب (1 صفر)، وعلى ليبيا (12)، وخسروا أمام مصر 31)، في الدور الأول.
وبعد خسارة المباراة النهائية أمام مصر، اعتبر ميشيل أن اللعب في النهائي الأفريقي كان مكملا لخطته ولمسيرة <<أبطاله>> وقال: <<كان هدفنا التأهل الى المونديال ومن ثم الى نهائي أمم أفريقيا وقد حققنا الهدفين معاً، وهو ما أعتبره انجازا كبيرا لمنتخب يضم العديد من اللاعبين الشباب الذين نجحوا في التغلب على نقص الخبرة وقدموا أداءً رائعاً>>.
هدية ما بعد سنوات الحرب
وفي العودة الى التأهل الى ألمانيا، فبعد ثلاث سنوات من الحرب الاهلية، كان هذا التأهل هو قطعة الحلوى التي أسعدت جميع العاجيين وكانت بطاقة التأهل لكأس العالم للمرة الاولى في التاريخ هي الهدية التي قدمها المنتخب العاجي المعروف بلقب <<الافيال>>، بعد الاخفاق أكثر من مرة في هذه المحاولة.
وجاء تحقق الحلم ليرفع أفيال ساحل العاج إلى عنان السماء. وثمّن رئيس الاتحاد العاجي جاك أموما هذا الإنجاز قائلا: <<إنها مشيئة الله>>، كما دعا الائمة والكهنة للصلاة مع لاعبي المنتخب بعد ضمان التأهل في شهر تشرين الأول الماضي.
وتحقق هذا التأهل للمرة الاولى في تاريخ ساحل العاج ليكون سببا في إعادة البسمة إلى العاجيين الذين سئموا من الحرب الاهلية التي استمرت ثلاث سنوات عانت فيها ساحل العاج، التي كانت أكبر منتج للكاكاو في العالم، من التمزق والصراع بين المتمردين في الشمال والحكومة التي سيطرت على الجنوب.
هدايا سخية من رئيس الجمهورية
وكان الرئيس العاجي لوران غباغبو سخيا للغاية مع لاعبي المنتخب الذي حقق هذا الانجاز، حيث أغدق عليهم العطايا والمكافآت ومنها الفيلات الفاخرة بالاضافة إلى الاوسمة المساوية لوسام الفارس ولكن فرحة المنتخب كانت أكبر بالتأهل التاريخي.
وقال أموما في حفل عشاء أقيم بالقصر الرئاسي: <<سيدي الرئيس، لقد طالبني اللاعبون بأن أبلغكم بأن ما يريدونه هو عودة بلدهم المنقسم إلى بلد واحد كما كان>>.
وأظهر العاجيون فرحتهم الطاغية بالتأهل لنهائيات كأس العالم بالخروج إلى شوارع أبيدجان والاحتفال لمدة يومين متتاليين في استعراض متناغم وسط هذه العاصمة الممزقة بسبب الحرب الاهلية كما قدمت الجعة مجانا في المقاهي إلى المحتفلين.
وتخيل الرجال والسيدات أنهم يركلون الكرة بعضهم إلى بعض وهم يرقصون رقصة ديديه دروغبا مهاجم تشيلسي الانكليزي والمنتخب العاجي الذي كان له فضل كبير بأهدافه الغزيرة والمؤثرة في التأهل للنهائيات.
هنري ميشيل: إنه فرحهم
وعلا صخب الاحتفالات في كل المدن العاجية باستثناء بواكي التي اتخذ منها المتمردون عاصمة لهم في الشمال، حيث كانت الاحتفالات أكثر هدوءا بسبب حلول شهر رمضان واهتمام المسلمين به في شمال البلاد أكثر من الاحتفال بالتأهل لكأس العالم. ولكن أبرز الغائبين عن الاحتفالات كان المدرب المدير الفني للمنتخب ومهندس رحلة التأهل لكأس العالم الفرنسي هنري ميشيل. وقال ميشيل: <<اللاعبون هم الابطال الحقيقون لهذا الإنجاز ويجب أن أترك لهم فرصة الاستمتاع بهذه اللحظات مع مشجعيهم في كوت ديفوار>>.
ولم يسافر ميشيل مع المنتخب في رحلة العودة من السودان بعد اللعب مع منتخبها في الجولة الاخيرة من التصفيات التي حسمت التأهل. وفضل عدم العودة إلى أبيدجان لإدراكه بالاتجاهات السائدة بقوة في الوقت الحالي والمعادية للفرنسيين في ساحل العاج التي أجبرت آلاف الفرنسيين على الرحيل منها، التي كانت مستعمرة فرنسية وذلك بعد أعمال العنف المناهضة للفرنسيين في العام الماضي. ولكن المشجعين المهووسين بكرة القدم قرروا إنهاء حالة الحرب وقالوا: <<لاعبونا وضعوا النهاية لهذه الحرب، لقد حان وقت الوفاق>>.
ومن بين الدول الافريقية الخمس التي تأهلت لنهائيات كأس العالم 2006 قد تكون ساحل العاج هي الدولة الوحيدة التي لديها أفضل تشكيلة من اللاعبين المحترفين و الجدد في آن معا.
ولدى المدرب ميشيل الحماسة والشجاعة والخبرة الكافية في محاولته قلب الموازين في بطولة كأس العالم. ويأتي على رأس المهاجمين في هذا المنتخب للنهائيات مهاجم تشيلسي ديديه دروغبا الذي سجل تسعة أهداف في التصفيات في حين أن إبراهيم باكايوكو الذي يلعب لنادي أوساسونا الاسباني ولاعب خط الوسط في أرسنال الانكليزي كولو توري ومهاجم أوكسير الفرنسي بونافينتورا كالويو أصبح لديهم خبرة لا بأس بها للعب في الملاعب الاوروبية، اضافة الى مجموعة من اللاعبين الموهوبين الذين يأملون تأمين أماكن لهم في الاندية الاوروبية من خلال عروضهم في ألمانيا.
دروغبا المنقذ
لكن على الرغم من مجموعة اللاعبين الموهوبين والبداية المثيرة في التصفيات الافريقية كان المنتخب قاب قوسين أو أدنى من الخروج بخفي حنين مع نهاية تصفيات المجموعة الخاصة به.
فعلى الرغم من الاشادة المستمرة بأداء لاعبي هذا المنتخب الجديد في أفريقيا فإن خسارتهم الاخيرة أمام الكاميرون وضعتهم في المباراة الختامية للتصفيات مع السودان تحت ضغط شديد. وأصبح مصيرهم لا يتوقف على مباراتهم مع السودان وحدها لأن تأهلهم كان يتطلب أولا فوزهم ثم خسارة الكاميرون التي تعد إحدى القوى الكروية الكبيرة في أفريقيا إلى جانب نيجيريا أمام مصر أو على الاقل التعادل معها على أرضها في ياوندي.
ونجح دروغبا ورفاقه في تنفيذ الجزء الخاص بهم حيث فازوا على السودان (13)، وكان عليهم الانتظار لمعرفة نتيجة لقاء مصر والكاميرون الذي انتهى بالتعادل (11)، وأضاع الكاميرونيون فرصة ذهبية للتأهل عندما أهدر قائد المنتخب بيير وومي ركلة جزاء في الثواني الاخيرة من زمن المباراة.
وفي الوقت الذي كان يحتفل فيه لاعبو ساحل العاج بتأهلهم إلى نهائيات كأس العالم، كان وومي يحاول الافلات بحياته من الجماهير الغاضبة التي حاولت النيل منه بسبب إضاعته لركلة الجزاء المصيرية.
ويملك المدرب ميشيل خبرة عريضة في التدريب في أفريقيا، كما أنه قاد فرنسا في نهائيات كأس العالم العام 1986 في المكسيك.
وقال ميشيل: <<لقد تجولت في بلاد عدة لفترة طويلة ودربت العديد من الفرق. لكن تأهل ساحل العاج لنهائيات كأس العالم للمرة الاولى في تاريخها يحمل معنى مختلفا بالنسبة لي>>.
وربما تكون خبرة المدرب البالغ من العمر 57 عاما ودهاؤه قد ساهما كثيرا في وصول ساحل العاج إلى أول نهائيات في تاريخها. وسبق لميشيل أن درب ثلاثة منتخبات مختلفة في نهائيات كأس العالم هي الكاميرون وفرنسا والمغرب، ولذا فهو يدرك أن المنافسات في هذا المحفل الرياضي الكبير لها متطلباتها الخاصة التي ربما تشكل الورقة الرابحة التي يحتاجها الافيال للاندفاع نحو المنافسة في أول بطولة عالمية يشاركون فيها.
(<<السفير>> د ب ا)
هداف المنتخب دروغبا |
المهاجم الخطر دينداني |
المدرب الفرنسي هنري ميشيل |