هندسة مستقبل الاستدامة الصناعية المتكاملة كخطوة باتجاه تحقيق التميّز التشغيلي

يسهم قطاع التصنيع حالياً بـ 133 مليار درهم (36.2 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات، وهناك خطة لزيادة هذه المساهمة إلى 300 مليار درهم (81.7 مليار دولار) بحلول عام 2031 في إطار استراتيجية (مشروع 300 مليار). إذاً، فالدولة تلتزم بمهمة طموحة جداً، ولكنها قابلة للتطبيق، عن طريق الجمع بين التحول الرقمي والاستدامة.

ونحن بدورنا، تقع على عاتقنا مسؤولية تعزيز الكفاءة عبر القطاع ككل، لأننا من الأطراف المعنية التي تؤدي دوراً مهماً في تمكين القطاع الصناعي في دولة الإمارات. وهناك دلائل عديدة تظهر الدور الريادي الذي تقوم به الدولة لتحقيق التنمية الصناعية الشاملة والمستدامة ومضاعفة مساهمة القطاع عبر سلسلة من المبادرات الاستراتيجية، بما في ذلك رؤية 2021، واستراتيجية دبي الصناعية 2030، والرؤية الاقتصادية 2030 لإمارة أبوظبي، فضلاً عن أن الإمارات تحتل حالياً المرتبة الأولى في العالم العربي من حيث تنافسية القطاع الصناعي.

وبعد التعافي من جائحة كورونا، تنامت أهمية الاستدامة حتى أصبحت ضرورة مصيرية للشركات. وبالتوازي مع تحول الاستدامة من أمر مرغوب به إلى ضرورة حتمية، يجب على الشركات في المنطقة مراعاة تطور الاستدامة إلى أكثر من مجرد محاولة للتوافق مع المتطلبات أو القوانين الشائعة. إذ يشكل التثقيف حول الاستدامة عملية ضرورية ودقيقة وحتمية يجب على كل الشركات الخضوع لها بحذر لتفادي أي أضرار. لكن لماذا لا تزال بعض الشركات تفكر في الاستدامة بشكل انعزالي حتى الآن؟

تكامل التصنيع الذكي والاستدامة

لا يمكن اعتبار الاستدامة مكوناً منفصلاً، حيث نركز على توفير خدماتنا وفقاً لما يُعرف بمثلث الاستدامة الصناعية: التفاعل بين الأتمتة والطاقة والبرمجيات.

كانت دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي قد أعلنت في العام 2021 عن برنامج التصنيع الذكي ضمن إطار برنامج الصناعة 4.0، وذلك بهدف تنويع اقتصاد الدولة وجذب الشركات الأجنبية إلى الإمارة. وترمي هذه المبادرة إلى تسريع القدرات الرقمية لآلاف الشركات الصناعية المحلية عبر التعاون مع شركات التكنولوجيا العالمية الرائدة. وتركز إحدى الأهداف الرئيسية للمبادرة على بناء القدرات التكنولوجية اللازمة للتحول نحو الصناعة 4.0.

وبالتوازي مع سعينا للاستدامة كهدف عام، تستمر الشركات الصناعية في تبني حلول الثورة الصناعية الرابعة وتبذل جهوداً هائلة لضمان توظيفها بالشكل الأنسب، وتواصل اعتماد إجراءات مستدامة عبر التركيز على التحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، بما يشمل إنترنت الأشياء الصناعي. ويبرز هنا دور الركائز الاستدامة الثلاث الأهم، الكهربة والأتمتة والرقمنة، كعوامل ضرورية لتحقيق النجاح في قطاع الصناعة.

تبني المسؤولية البيئية

يوجد في وقتنا الحالي الكثير من المعايير التي توحّد ممارسات الاستدامة، لكن المسؤولية البيئية الحقيقية تكمن في تكوين فهم شامل للجوانب المادية والاقتصادية للاستدامة.

لذلك نحن نسعى لتحقيق تعافٍ مرن مع تسريع وتيرة جهودنا في مجال إزالة الكربون، كما طورنا فهماً دقيقاً لنطاقات الانبعاثات بهدف تقليل البصمة الكربونية لشركتنا بفعالية كبيرة؛ إذ يسهم تقليص الانبعاثات من كل النطاقات في رسم ملامح مستقبل مرن ومستدام، وهذا يدعو إلى التخلص من نماذج العمل التقليدية وتجنب المقاربات الانعزالية للعمليات وتبني نماذج حديثة وقابلة للتكيف، بما يسهم في تحقيق مستقبل مستدام ومرن.

البيانات في مسيرة التحول نحو الاستدامة

تعتبر البيانات بالغة الأهمية في تحقيق الاستدامة المتكاملة، لذلك من المهم جداً إدارة البيانات بصورة لائقة، واستخدامها بشكل مثمر، وتحقيق الإيرادات منها، أو على نحو يضمن تجنب انكشاف البيانات وفقدان الأعمال. نحن في شنايدر إلكتريك نتعامل مع البيانات بحذر شديد، إذ نرسخ ثقافة مبنية على الثقة في مجمل عمليات إعداد التقارير الخاصة بالاستدامة والطاقة عن طريق الاستفادة من البيانات المناسبة لذلك.

وفي حين نلتزم بانتقال مدعوم رقمياً نحو الاستدامة، فإننا نذكر أنفسنا دوماً بأن كل الثورات تحتاج إلى الوقت، ويجب على أي مسيرة من هذا النوع مراعاة نضج العمليات ورأس المال البشري والتكنولوجيا.