مواكبة التغيرات والنهوض بالتحديات في 2020

أثرت الجائحة العالمية لفيروس كورونا (كوفيد – 19) على الحياة اليومية لملايين البشر في كل ربوع الأرض. وقد تجلى ذلك بشكل كبير وواضح في المؤسسات والأماكن التي تعد من ساحات التواصل والتفاعل الإنساني، الأمر الذي أجبر الجميع على اتخاذ تغييرات جوهرية في أساليب حياتهم اليومية للتكيف مع الظروف الجديدة.
ترى مريم المطوع، الرئيس الجديد لقسم إتاحة المجموعات المميزة بالمكتبة التراثية أن تأثير جائحة كورونا كان جليًا في المكتبة باعتبارها من الأماكن التي تحتضن أرقى صور التفاعل الإنساني في مجالات التعلم والفكر والثقافة. فقد اضطرت المكتبة بسبب الجائحة إلى إغلاق أبوابها أمام الجمهور في 11 مارس الماضي، مع استمرار توفير مصادرها وخدماتها الإلكترونية طوال هذه الفترة عبر موقعها على الإنترنت، وأعيد فتح المبنى أمام الجمهور تدريجيًا ابتداءً من 15 يوليو.
وقد استُأنفت أغلب خدمات المكتبة المقدمة في المبنى كما كان عليه الحال قبل الجائحة، وبقيت القليل من الخدمات، لا سيما الفعاليات، مستمرةً عن بُعد عبر الإنترنت.
بالنسبة لمريم، التي التحقت بالمكتبة في 2014، تغيرت طريقة عملها في المكتبة على مدار الشهور الاستثنائية الماضية، لكنها تستقبل كل يوم بعزمٍ جديد على تزويد القراء والباحثين بأفضل الخدمات التي تقدمها المكتبة.
تقول مريم المطوع: "دوري الجديد كرئيس لإتاحة المجموعات المميزة هو التعامل مع طلبات رواد المكتبة وضمان تطوير مجموعاتنا وتيسير وصول رواد المكتبة إليها واطلاعهم على محتوياتها. ومن ضمن مسؤولياتي أيضًا الإشراف على المعارض والفعاليات التي تنظمها المكتبة التراثية".
تتابع مريم المطوع قائلة: "يروق لي في دوري هذا أنه يحمل جديدًا في كل يوم ولا يتسم بنمط أو روتين معين. ففي كل يوم أتعامل مع مهام جديدة ينبغي إنجازها. غير أنني بصفة عامة أبدأ يومي بتفقد طلبات رواد المكتبة التي تصلنا، وأعمل على تزويد الباحثين والقراء بالمراجع والمواد التي يحتاجون إليها. وأقضي أغلب يومي في وضع الخطط والإجراءات التي نطور من خلالها المجموعة ونروج لها عبر منصات التواصل الاجتماعي ومن خلال معارضنا المؤقتة".
تواصل مريم المطوع حديثها عن هذه الشهور الاستثنائية بالنسبة لها وللمكتبة بقولها: "الجزء الأصعب طوال الجائحة هو كيفية الاستمرار في تقديم خدماتنا. الجانب الإيجابي في الأمر أن الجائحة أتاحت لنا الفرصة للتفكير في التطوير الرقمي لخدماتنا عن طريق الفعاليات والجولات الافتراضية، بالإضافة إلى المزيد من رقمنة مواد المجموعة الخاصة. وقد تعلمنا من هذه الظروف غير المتوقعة العديد من الدروس والخبرات في كيفية الاستعداد للتحديات المفاجئة وجعلتنا ندرك أن الحياة قد تتغير وتختلف جذريًا بين عشية وضحاها ومن دون سابق إنذار".
وأضافت قائلةً: "من الدروس التي تعلمتها على المستوى الشخصي هو كيف أدير وقتي وكيف أحافظ على إيقاع حياتي، مهما تغيرت طريقة عملي وطبيعة مهامي خلال اليوم".
وكانت مكتبة قطر الوطنية قد شاركت مؤخرًا في المعرض الرقمي الأول للكتاب العربي بأوروبا، حيث حظيت مريم بالمشاركة في هذا المعرض الناجح وتحدثت فيه عن مكتبة قطر الرقمية أمام الجمهور من مختلف دول العالم.
حول هذه التجربة، قالت مريم: "إن كانت هناك جوانب إيجابية للجائحة فهي أنها جعلتنا نعقد العديد من الفعاليات الافتراضية لتقديم خدماتنا ومجموعاتنا لجماهير جديدة".
تعتبر مريم تنظيمها لمعرض اليوم الوطني لدولة قطر في 2018 هو إنجازها المفضل خلال عملها في المكتبة طوال السنوات الستة الماضية، وهي تتطلع بشغف للمشاريع الجديدة التي ستنظمها المكتبة قريبًا. وفي هذا الإطار علقت مريم المطوع قائلةً: "نعمل حاليًا مع عدة أقسام أخرى في المكتبة على تنظيم معرض رقمي مميز يسلط الضوء على فن وتاريخ ملصقات السينما العربية. كما نعمل على التجهيز لمعرض آخر لتسليط الضوء على تاريخ التصوير الفوتوغرافي في الشرق الأوسط".
تشعر مريم بالفخر والتفاؤل إزاء ما حققته المكتبة حتى الآن في 2020 وإزاء آفاق المستقبل في هذا العقد المهم بالنسبة لقطر. وتقول عن ذلك: "لم ندخر في المكتبة وسعًا في بذل الجهود لنستمر في تقديم خدماتنا طوال فترة الجائحة، فقد كان من أولويات المكتبة الأساسية استمرار نشر المعرفة وتوصيل المعلومات للأفراد الذي يعيشون في عزلة. وقد أثمرت هذه الجهود عن حلول رقمية تضمن استمرار خدماتنا لجمهورنا من الرواد والأعضاء. وبالإضافة إلى ذلك، حرصت المكتبة على تكثيف جهودها لتعزيز الوعي بفيروس كورونا من خلال توفير المصادر والمراجع في هذا الموضوع".
خلفية عامة
مكتبة قطر الوطنية
تضطلع مكتبة قطر الوطنية بمسؤولية الحفاظ على التراث الوطني لدولة قطر من خلال جمع التراث والتاريخ المكتوب الخاص بالدولة والمحافظة عليه وإتاحته للجميع. ومن خلال وظيفتها كمكتبة بحثية لديها مكتبة تراثية متميزة، تقوم المكتبة بنشر وتعزيز رؤية عالمية أعمق لتاريخ وثقافة منطقة الخليج العربي. وانطلاقاً من وظيفتها كمكتبة عامة، تتيح مكتبة قطر الوطنية لجميع المواطنين والمقيمين في دولة قطر فرصاً متكافئة في الاستفادة من مرافقها وتجهيزاتها وخدماتها التي تدعم الإبداع والاستقلال في اتخاذ القرار لدى روادها وتنمية معارفهم الثقافية. ومن خلال نهوضها بكل هذه الوظائف تتبوأ المكتبة دوراً ريادياً في قطاع المكتبات والتراث الثقافي في الدولة.
وتدعم مكتبة قطر الوطنية مسيرة دولة قطر في الانتقال من الاعتماد على الموارد الطبيعية إلى تنويع مصادر الاقتصاد والحفاظ على استدامته، وذلك من خلال إتاحة المصادر المعرفية اللازمة للطلبة والباحثين وكل من يعيش على أرض دولة قطر على حدٍ سواء لتعزيز فرص التعلُّم مدى الحياة، وتمكين الأفراد والمجتمع، والمساهمة في توفير مستقبل أفضل للجميع. وقد تفضلت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، رئيس مجلس إدارة مؤسسة قطر، بالإعلان عن مشروع مكتبة قطر الوطنية في 19 نوفمبر 2012. وكان حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، قد تفضل بإصدار قرار أميري بإنشاء مكتبة قطر الوطنية بتاريخ 20 مارس2018.