مؤلفة رائدة تؤكد ان النقاشات هي المسار الصحيح من اجل احداث التغيير الايجابي

يتعين على العِرق الأبيض حمل راية التغيير وتحمل المسؤولية لإنهاء نظام الامتياز العالمي الذي يُغذي التمييز والعنصرية، هذا ما صرحت به المؤلفة صاحبة الكتاب الأعلى مبيعًا خلال سلسلة محاضرات المدينة التعليمية التي تنظمها مؤسسة قطر، إذ أكدت قائلةً: "مجرد التحدّث عن وحدانيتنا لن يصنع التغيير".
في كتابها الذي حمل عنوان " Me and White Supremacy"، تضع المؤلفة ليلى سعد القارئ أمام تحدٍ لمعرفة أشكال العنصرية والتمييز التي قد تتم مارستها دون وعي ضد أصحاب البشرة الداكنة والسكان الأصليين، ولتغيير تلك الأفكار والسلوكيات من خلال فهم امتيازات العِرق الأبيض، والالتزام بمكافحة العنصرية.
خلال مشاركتها في النسخة الأحدث من المحاضرة الرقمية التي نظمتها مؤسسة قطر بعنوان "العِرق والهوية في القرن الحادي والعشرين"، تحدّثت ليلى سعد أمام الجمهور الدولي موضحةً أنه على الرغم من موجة الاحتجاجات التي أثارتها وفاة جورج فلويد في الولايات المتحدة، إلا أننا قد نخسر فرصةً حقيقيةً لإحداث التغيير الفعلي، ما لم يواصل العِرق الأبيض سعيه ويلتزم بمسؤوليته لإحداث هذا التغيير.
وقالت: "ما هو مختلف اليوم هو أننا في زمن لم يعد فيه الناس يتجاهلون النقاشات حول العِرق، في حين كانوا يفضلون تجنب التطرق لهذه القضية في السابق، وباتوا يدركون ضرورة أن تكون لهم كلمة".
أضافت: "لكنّ أحد الأمور التي تثير قلقي ومخاوفي هي أن الناس ينظرون إلى هذه الحركة كمرحلة حالية، وعندما تهدأ، سيعودون إلى ما كان الوضع عليه في السابق. لا يجب أن يواصل أصحاب البشرة الداكنة وحدهم ترديد شعار "حياة السود مهمة"، بل يجب أن تكون أيضًا مسؤولية الأشخاص الذين يتمتعون بامتيازات العرق الأبيض ليقولوا بأن القضية "تعنيهم أيضًا" وأنهم "حريصون على تغيير الوضع السابق".
تابعت: "لن تكون تلك مهمة سهلة. ومتى كان الكفاح من أجل حقوق الإنسان سهلاً؟"
أدارت المحاضرة الدكتورة أمل المالكي، العميدة المؤسسة لكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة حمد بن خليفة، عضو مؤسسة قطر. وخلال النقاش، أعربت ليلى سعد عن رأيها بأن تجنب اتخاذ إجراء في سبيل التغيير بسبب التخوّف من إحداث الانقسام سوف يعمل فقط على إبقاء الوضع الراهن، وأوضحت قائلة: "حديثنا عن وحدانيتنا سوف يحافظ فقط على استقرار من يتمتعون بامتيازات العِرق الأبيض".
وعلّقت قائلة: "لطالما كان الفرق موجودًا، ومجرد غض النظر عنه والحديث عن وحدانيتنا لن يصنع التغيير، بل يصنعه الحديث صراحةً عمّا يحدث، كالضرر الحاصل، ونظام القمع، وأن نحدد بوضوح ما سنفعله إزاء هذه الجوانب. هذا هو المسار الصحيح من أجل التعافي".
وأضافت: "نريد أن نصنع عالمًا لم نرى مثله في السابق، ومن أجل ذلك علينا أن نعترف بحقيقة عالمنا الحالي. العبء يقع على من يمتلكون الامتيازات والصلاحيات، يجب أن يعطي أصحاب البشرة البيضاء الأمل لأصحاب البشرة الداكنة، وذلك يكون بالنظر في مظاهر العنصرية وكيف تبدو في عائلتك، أو في المدرسة، أو في مكان العمل، وأن تسأل نفسك إذا كنت بالفعل تفعل شيئًا إزاء ذلك. فالأمر ليس مرتبطًا بكونك غير عنصري، بل بمناهضة العنصرية بفاعلية".
وتابعت: "من واجب من يتمتعون بامتيازات وصلاحيات العِرق الأبيض أن يقولوا: "إنها مسؤوليتنا كي لا نسمح بعودة الأوضاع كما كانت في السابق"، فنحن كأشخاص من أصحاب البشرة الداكنة، لا نمتلك القدرة على تفكيك شيء لم نصنعه ولا نستفيد منه".
في إطار حديثها، أوضحت ليلى سعد أن مفهوم "الهشاشة البيضاء" قد يجعل بعض أصحاب البشرة البيضاء يشعرون "بالغضب، والحزن، والإحباط، والارتباك واتخاذ مواقف دفاعية" لدى الحديث عن العِرق، حيث قالت: "عندما يسمع الناس عبارة "سيادة العِرق الأبيض"، يتبادر إلى ذهنهم النازيون الجدد والقوميين اليمينيين، وهو في الواقع اعتقاد وأيديولوجية قائمة على أنّ الأشخاص أصحاب البشرة البيضاء، أو الذين يبدون بيض، أو الذين يعرّفون أنهم من البيض، يتفوقون على الأشخاص المنتمين إلى أعراق أخرى".
وأضافت: "يجب أن نمتلك فهمًا لسياق "سيادة العرق الأبيض"، وكيف ساهم في صياغة فكرة تفوّق اللون الأبيض وأنه أكثر قيمة. وبهذا يتم تمكين الأفراد من إجراء محادثات أكثر دقة، والتفكير بطريقة تحليلية والسعي لصناعة التغيير الإيجابي. بدون ذلك، ما نملكه هو مجرد أفكار سطحية مثل فكرة أنّ "العنصريون أشخاص سيئون، وأنا لست شخصًا سيئًا ولست عنصريًا".
وتابعت: "بالنسبة لأصحاب البشرة البيضاء، هم ليسوا معتادين على النظر إلى أنفسهم كأشخاص عنصريين. من الصعب أن تنظر إلى المرآة وترى الامتيازات والفوائد التي لديك، وكيف سوف تستخدمها. ذكرت في كتابي: "هذه هي المرآة، وهكذا تمكنت من المضي قدمًا في الحياة، وأيًا كانت الصعوبات التي واجهتها، فهي ليست بسبب العِرق الذي تنتمي إليه، إذًا كيف يُمكنك أن تغير الطريقة التي تساهم أنت ومن حولك دون وعي من خلالها في استمرار وبقاء سيادة العّرق الأبيض؟".
"يجب أن تتحلى بالمرونة العاطفية للحديث عن العِرق، وهي مرونة تكتسبها من الحديث عن هذه القضية كلّ يوم. لا يتعلق الأمر بانتقادك لكونك من أصحاب البشرة البيضاء. إذا كنت تعتقد حقًا أن كل شخص يجب أن يعامل على قدم المساواة، فإن حقيقة أننا نعيش في عالم يوجد فيه "امتياز العِرق الأبيض" يجب تدفعك لفعل كل ما تستطيع لمحاربة ذلك. نحن لا نتحدث عن مشاعر الناس وأهميتها، بل عن كيفية صناعة العالم الذي نريده".
خلفية عامة
مؤسسة قطر
تأسست مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع سنة 1995 بمبادرةٍ كريمةٍ من صاحب السموّ الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر بهدف تنمية العنصر البشري واستثمار إمكاناته وطاقاته.
توجّه مؤسسة قطر اهتماماتها إلى ثلاثة مجالات هي التعليم والبحث العلمي وتنمية المجتمع، كونها ميادين أساسية لبناء مجتمع يتسم بالنمو والإستدامة، وقادر على تقاسم المعارف وابتكارها من أجل رفع مستوى الحياة للجميع. تُعد المدينة التعليمية أبرز منجزات مؤسسة قطر وتقع في إحدى ضواحي مدينة الدوحة، وتضمّ معظم مراكز المؤسسة وشركائها.