سلطنة عُمان تواجه خطر حدوث زيادة مقلقة في أعداد مرضى السكري من النوع الثاني خلال العقود الثلاثة المقبلة

تُعدّ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المنطقة الأكثر تأثراً وتضرراً من وباء داء السكري في العالم، وثمة بلدان عدّة في هذا الجزء من العالم بلغت معدلات انتشار السكري فيها ضعف المعدل المسجل عالمياً. وبحسب نتائج دراسة علمية نُشرت في الدورية العلمية Journal of Diabetes Investigation، فإن سلطنة عُمان تواجه خطر تفاقم وباء داء السكري بسرعة مقلقة خلال العقود الثلاثة المقبلة. إذ من المتوقع أن يستمر تزايد عدد المصابين بالمرض المزمن في السلطنة، ما يفرض صعوبات جمة في صدّ الوباء في حال عدم تنفيذ تدخلات وقائية دون إبطاء.
وتمثل الدراسة المعنونة "التنبؤ بمسار وباء داء السكري من النوع الثاني ودور عوامل الاختطار الرئيسة في عُمان حتى عام 2050: تحليلات نمذجة رياضية" ثمرة تعاون بين وزارة الصحة العُمانية ووايل كورنيل للطب - قطر. واستقصت وتوقعت الدراسة البحثية الأعباء الناجمة عن وباء داء السكري في عُمان حتى عام 2050 وقدّرت التكلفة المترتبة على هذا الوباء
وفي هذا الصدد، قالت الدكتورة عـذراء بنت هلال المعولية، مديرة مركز الدراسات والبحوث في وزارة الصحة العُمانية وأحد الباحثين الاستقصائيين المشاركين بهذه الدراسة: "أظهرت دراسات استقصائية وطنية أُجريت في عُمان أن انتشار داء السكري آخذ بالازدياد طوال العقدين الماضيين. وبطبيعة الحال، هذه الأرقام مقلقة، ما جعلنا نبادر إلى إجراء هذه الدراسة للتنبؤ بمسار الوباء وتقييم اتجاهاته المستقبلية والتكلفة المترتبة عليه. وجاءت استنباطات الدراسة لتؤكد مخاوفنا، إذ من المتوقع أن يستمر تزايد انتشار المرض في عُمان وأن يصل انتشاره إلى 24% بحلول العام 2050. وبتعبير آخر، سيُصاب واحد من بين كل أربعة عُمانيين بالمرض في حال عدم المسارعة إلى تنفيذ برامج وقائية واسعة النطاق".
وقالت الدكتورة سوزان عوض، الباحثة المشاركة في وايل كورنيل للطب - قطر والمؤلف الأول للدراسة: "تُظهر توقعاتنا أن عُمان ستشهد زيادة تقارب 200% في أعداد مرضى السكري خلال العقود الثلاثة القادمة. ومردّ قرابة 70% من هذه الزيادة السريعة في أعداد مرضى السكري إلى الانتشار الكبير للسمنة في السلطنة التي تواجه تحدّياً جسيماً بسبب هذا الانتشار المتزايد، الأمر الذي سيقود إلى تفاقم وباء داء السكري وتزايد معدل انتشاره، والنساء أكثر عرضة لخطر المرض المزمن وهو أكثر انتشاراً بينهن".
وقال الدكتور جواد اللواتي، كبير المستشارين في وزارة الصحة العُمانية وأحد الباحثين الاستقصائيين المشاركين بالدراسة: "يستنزف داء السكري حالياً 21% من نفقات سلطنة عُمان المخصصة للرعاية الصحية، ومن المتوقع أن يستنزف قرابة 30% من النفقات الصحية للسلطنة بحلول عام 2050. وهذا يؤكد الحاجة إلى إيلاء هذا المرض المزمن الأولوية المستحقة في مجال الرعاية الصحية الأولية في عُمان. وتوفر السلطنة للمواطنين العُمانيين كافة خدمات الرعاية الصحية مجاناً، ولكن مما يبعث على القلق إمكانية الاستدامة المالية لرعاية مرضى السكري في الأجل الطويل في ضوء النمو المتسارع لاحتياجات هذه الفئة من المرضى. وتبرز هذه النتائج الحاجة إلى تدخلات واسعة النطاق على نطاق السكان تؤكد على الوقاية من داء السكري والحدّ من انتشار السمنة في آن معاً".
وقال البروفسور ليث أبو رداد، أستاذ علوم الصحة العامة في وايل كورنيل للطب - قطر والباحث الاستقصائي الرئيس للدراسة: "تبيَّن من الدراسة البحثية أن تكلفة رعاية مرضى السكري في سلطنة عُمان ستبلغ مليار دولار أميركي سنوياً بحلول عام 2050. ونحن نتحدث هنا عن تحدّ يطال المنطقة بأكملها فقد سبق أن رصدنا اتجاهات مماثلة في قطر وعدد من بلدان المنطقة، وهو ما يُظهر الحاجة إلى تعاون بلدان المنطقة للتصدي لوباء داء السكري. وتبيّن الدراسة فعالية أوجه التعاون الإقليمية في تحقيق فهم أفضل لهذا الوباء وتقديم حلول مشتركة له".
وفي سياق متصل، قال الدكتور عبد الستار الطائي، المدير التنفيذي للصندوق القطري لرعاية البحث العلمي: "يسعدنا أن نشاهد هذه الدراسة التعاونية بين مؤسستين، إحداهما عُمانية والأخرى قطرية، وهي تستفيد من منهجيات ونهج طوّرت في إطار أحد المشاريع الممولة من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، وهذه الدراسة المهمة جاءت لتذكرنا في الوقت المناسب بأهمية التصدي لوباء السكري المتفاقم في قطر وعُمان وعموم بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. والصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، بصفته المموّل الأبرز للبحوث العلمية في المنطقة، ملتزم التزاماً راسخاً بالنهوض بصحة سكان الدولة وبلدان المنطقة والارتقاء بأنماط الحياة اليومية من خلال دعم البحوث العلمية المؤثرة التي تسترشد بها سياسات وبرامج الصحة العامة في تصديها لأبرز التحديات التي تهدّد صحة السكان، ومنها داء السكري".
أُجريت هذه الدراسة بالاستعانة بنهج بحثية طوّرت بتمويل من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي في إطار المنحة رقم 160017-1208-10 المقدّمة من برنامج الأولويات الوطنية للبحث العلمي.
أبرز النتائج العلمية للدراسة
-
من المتوقع أن تشهد سلطنة عُمان زيادة تقارب 200% في أعداد مرضى السكري خلال العقود الثلاثة القادمة.
-
من المتوقع أن يستنزف داء السكري ما يقرب من ثلث النفقات الصحية الوطنية للسلطنة بحلول عام 2050.
-
نسبة حالات السكري الجديدة الناجمة عن السمنة تشكل حالياً 57% من مجموع الحالات ومن المتوقع أن ترتفع إلى 71% بحلول عام 2050.
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.