بوسطن كونسلتينج جروب: ينبغي على بنوك الخدمات المصرفية للأفراد إحداث تغييرات في نماذج أعمالها لمواكبة التحولات في السوق

في ظل التغيرات التي تشهدها سلوكيات العملاء عبر أبعاد متعددة وبروز منافسة شديدة من جانب عمالقة التكنولوجيا وشركات التكنولوجيا المالية والبنوك الرقمية الجديدة بالكامل، والتي تتنافس للحصول على حصة في السوق، بات من الضروري للغاية أن تبدأ البنوك التقليدية التي تقدم خدماتها المصرفية للأفراد من الآن باتخاذ خطوات سريعة وجريئة قبل أن تخسر لاحقاً في سعيها لتحقيق النمو، وذلك وفقاً للتقرير الجديد الذي أصدرته بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) بعنوان "قطاع الخدمات المصرفية للأفراد العالمي 2019: سباق لمواكبة التحولات وتعزيز النمو".
يقدم هذا التقرير، وهو الأحدث ضمن سلسلة دراسات بوسطن كونسلتينج جروب السنوية للقطاع المصرفي للأفراد، نظرة شاملة على أداء وأحدث توجهات القطاع، ويستكشف موضوعات مثل نماذج العمل المتغيرة في القطاع، والتوجه العام والمنافسة المحتدمة بين البنوك التقليدية والأطراف الجديدة التي دخلت السوق من أجل الاستحواذ على حصة سوقية وتعزيز قاعدة عملائها. إضافة إلى ذلك، توضح الدراسة خيارات نماذج العمل الاستراتيجية للبنوك الحالية إضافة إلى خطوات عملية للبنوك التي تشرع في مسارات تنافسية جديدة.
وقال سام ستيوارت، شريك لدى بوسطن كونسلتينج جروب سيدني، والمشارك في إعداد التقرير، والمسؤول عن متابعة قطاع الخدمات المصرفية للأفراد في المجموعة: "تشهد سلوكيات العملاء تغيرات بشكل مثير للغاية في بعض الأحيان، ويقودها أولئك الذين يرغبون بالحصول على قدرات مصرفية رقمية سلسة تثري تجاربهم اليومية. ومن المتوقع أن تؤدي تطلعات العملاء إلى جانب الحلول الرقمية الجديدة في النهاية إلى تراجع الخدمات التقليدية للبنوك، مما يحتم عليها البدء فوراً باتخاذ الإجراءات التي تضمن لها النجاح".
مستقبل قائم على تجميع الخدمات: وفقاً لتقرير بوسطن كونسلتينج جروب الجديد، تشهد الخدمات المصرفية للأفراد تحولاً كبيراً من نماذج الخدمات التقليدية نحو نموذج عمل قائم على المنصات أو التطبيقات. وبالنسبة للبنوك الحالية، فإن التحول إلى نموذج الخدمات المجمعة من شأنه أن يحد من مزايا سلاسل القيمة المتكاملة في الوقت الذي تحفز فيه وفورات الحجم المختلفة – حسب كل مجموعة خدمات - ظهور نماذج أعمال جديدة. على سبيل المثال، في الجزء العلوي من المجموعة، يمكن للشركات التي تقدم خيارات أفضل (أو أكثر جاذبية) لواجهة العملاء توفير مجموعة واسعة من الخدمات المالية وغيرها من الخدمات من خلال منظومات متطورة، دون الحاجة إلى تطوير منتجاتها المصرفية والبنية التحتية الخاصة بها. ويشهد هذا الانتقال تطورات بوتيرة متسارعة، مما يعني ضرورة أن تعيد المصارف التفكير في وضعياتها التجارية ونماذج الأعمال.
إلى أين تتجه الخدمات المصرفية للأفراد. يوضح التقرير إنه بالرغم من اتجاه البنوك بشكل واضح نحو تبني الحلول الرقمية بشكل متزايد، إلا أن التفاعل مع الأشخاص لا يزال مهمًا بالنسبة للعديد من العملاء. وفي الواقع، نظراً لأن القرارات المالية يمكن أن تكون معقدة وذات قيمة عالية ومهمة من الناحية العاطفية، فإن العديد من العملاء المصرفيين ما زالوا يفضلون الحصول على المشورة وجهاً لوجه من الخبراء ذوي المعرفة والدراية الكبيرة. ويعني ذلك أن الفروع الموجودة على أرض الواقع ستبقى قنوات مهمة للتفاعل مع العملاء، خاصة في بعض المناطق الجغرافي، ولكنها ستلعب دورًا مختلفًا اختلافًا جذريًا في عالمنا المتطور باستمرار ومتعدد القنوات. وفي الوقت نفسه، يتم استكشاف وسائل مبتكرة أخرى للتفاعل (مثل الفيديو أو الدردشة على شبكة الإنترنت).
ومن جهته قال ثورستين براكيرت، شريك لدى بوسطن كونسلتينج جروب في فرانكفورت ومشارك في إعداد التقرير: "إن التحدي الذي يواجه البنوك الحالية هو كيفية تحويل النماذج التقليدية للتفاعل مع العملاء إلى العالم الرقمي، مع الاستمرار في تعزيز الثقة والمصداقية - وفي الوقت نفسه إيجاد طرق جديدة للتفاعل مع العملاء بشكل ملموس والحفاظ على ولائهم".
وبحسب التقرير، من المتوقع أن ترتفع إيرادات الخدمات المصرفية للأفراد على مستوى العالم بمعدل نمو سنوي مركب بواقع 4.2٪ حتى عام 2025، لتصل إلى ما يقرب من 2.9 تريليون دولار؛ وستقود الأسواق الناشئة هذا التوسع.
مجالات التنافس الجديدة: مواكبة متطلبات العملاء والحجم: يشير التقرير الجديد إلى أن البنوك تواجه حالياً معركة من نوع جديد على صعيد مواكبة متطلبات العملاء وحجم قاعد العملاء – وتعني مواكبة متطلبات العملاء أن يتمتع البنك بالقدرة على تقديم حلول مصرفية متوفرة في كل مكان في الوقت ذاته؛ ويتمحور مفهوم الحجم حول عدد العملاء الذين يمكن للبنوك الاحتفاظ بهم في مواجهة المنافسة غير التقليدية. وتواجه البنوك الحالية تحدٍ مزدوج يتمثل في المنافة الشديدة من جانب البنوك الحالية الأخرى وكذلك الصاعدين الجدد في القطاع. وإذا ما أرادت البنوك الصمود في مواصلة تحقيق النجاح، فستكون هناك حاجة لمهارات جديدة تضاف إلى القدرات المصرفية التقليدية. وتشمل القدرات الجديدة التي لا غنى عنها تحسين مفهوم التركيز على العملاء وتزويدهم بخدمات مخصصة، وتوسيع نطاق الوصول إلى العملاء وولائهم، إلى جانب اعتماد الخدمات المصرفية والمنظومات المرنة.
الخيارات المتاحة للبنوك الحالية: يسلط التقرير الجديد الضوء على حاجة البنوك الحالية لإعادة التفكير في استراتيجياتها ونماذج أعمالها في ظل التطورات التي يشهدها القطاع. وترى بوسطن كونسلتينج جروب أربعة خيارات قابلة للتطبيق في نطاقات متعددة عبر أسواق مختلفة:
- بنوك تقدم خدمات رقمية بالكامل: تستثمر البنوك في هذا النهج التحويلي بشكل مكثف لرقمنة خدماتها الأساسية حتى تحافظ على نموذج الخدمات المتكامل عمودياً، ومواصلة تقديم مجموعة خاصة من منتجاتها من خلال قنواتها الرقمية وشبكة فروعها الأفضل في فئتها.
- البنوك المفتوحة: تقوم هذه البنوك ببناء وتوزيع منتجاتها الخاصة على قواعد عملائها مع توسيع نطاق وصولهم في وقت واحد — من خلال الاستعانة بشركاء التوزيع لتعزيز عروض منتجاتهم وخدماتهم.
- منظومات متكاملة من الخدمات: وما هو أكثر من ذلك بالنسبة للبنوك المفتوحة، يتطلب هذا النموذج تكاملاً سلساً مع الشركاء والقدرة على تجميع ومشاركة البيانات من مصادر متعددة لتوفير قيمة حقيقية للعميل - سواء داخل البنوك وخارجها.
- محركات المنتج: تدرك البنوك في هذا النموذج أن المنافسين الجدد قد يكونون في وضعية أفضل للفوز بواجهة العملاء، لذلك يعيدون التركيز للعمل كمصنعين لمنتجات عالمية المستوى يتم توزيعها بشكل رئيسي من خلال قنوات الجهات الخارجية.
ويوصي التقرير البنوك بالبدء بتكييف استراتيجياتها ونماذج أعمالها مع التطورات الجارية وذلك من خلال تقييم موقعها مقابل المنافسين الحاليين والناشئين، وتقييم خيارات نماذج الأعمال وتحديد أولويات الاستثمارات لمتابعة المسار الذي اختاروه.
وأشار مورييل دوباس، خبير في الخدمات المصرفية للأفراد في بوسطن كونسلتينج جروب لندن: "أياً كان النموذج الذي يختاره البنك، يجب أن يكون واضحاً في عرض القيمة الخاص به لشرائح العملاء المستهدفة، إلى جانب نموذج الأعمال والتشغيل المطلوب لتوفير هذه القيمة".
خلفية عامة
مجموعة بوسطن للإستشارات
مجموعة بوسطن للإستشارات هي شركة عالمية رائدة في الاستشارات الإدارية واستراتيجيات الأعمال. نعقد الشراكات مع العملاء في جميع القطاعات والمناطق لتحديد فرص لهم ذات القيمة العالية والتصدي لأكثر التحديات الحرجة التي يواجهونها وتحويل أعمالهم. يجمع نهجنا المخصص بين الرؤية المتعمقة في ديناميات الشركات والأسواق مع التعاون الوثيق على جميع مستويات المؤسسة الخاصة بالعميل. ويضمن ذلك لعملائنا تحقيق ميزة تنافسية مستدامة وبناء مؤسسات ذات إمكانات أعلى وتأمين نتائج دائمة. تأسست مجموعة بوسطن للإستشارات في عام 1963 وهي شركة خاصة تملك 74 مكتباً في 42 بلداً.
تقدم مجموعة بوسطن للاستشارات خدماتها في الشرق الأوسط انطلاقاً من أبوظبي ودبي. كما تلعب مكاتبها الرئيسية المتمركزة هناك، بالتعاون مع مكاتب بوسطن للاستشارات في الدار البيضاء، دوراً بارزاً في خدمة عملائها في منطقة الخليج السريعة التطور والنمو، هذا إلى جانب منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. تمكنت مجموعة بوسطن للاستشارات حتى اليوم من إحراز إنجازات قياسية على صعيد خدمة شريحة واسعة من عملائها من مختلف القطاعات، بما فيها الحكومية والمالية والطاقة والمنتجات الصناعية والاتصالات والعقارات والرعاية الصحية.