باحثو وايل كورنيل للطب - قطر يسعون إلى نقل الفوائد المتأتية من الطب الشخصي من الشعوب الأوروبية إلى الشعوب العربية

قام باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر بتحليل كمّ هائل من البيانات الوراثية والبروتينية لتحديد مدى فعالية الطب الشخصي القائم على علم الوراثة بالنسبة للعرب.
والمعروف أن الطب الشخصي ذو إمكانات كامنة هائلة على صعيد تقييم عوامل اختطار إصابة الأفراد بالأمراض، إلا أنّ أحد أوجه قصور الطب الشخصي أنه يعتمد على البيانات الوراثية المستمدة إلى حدّ بعيد من شعوب ذات أصول أوروبية/قوقازية.
فالأطباء يستخدمون مجموعات بيانات وراثية ضخمة على نطاق السكان لتحديد الجينات المرتبطة بأمراض محدّدة، ومن ثمّ يقومون بمقارنتها بالمعلومات الوراثية للأفراد. وتقترن هذه المعلومات بعدئذ بعوامل أخرى، مثل البيئة ونمط الحياة، لإنشاء "درجة اختطار متعددة الجينات" للحالات المرضيّة المزمنة مثل أمراض القلب والسرطان والخرف، والتي يمكن أن توجّه بعد ذلك مسار تقديم الرعاية الصحية. إلاّ أن التباينات الوراثية الطبيعية في ما بين المجموعات العرقية تجعل تحديد الأمراض الوراثية أكثر صعوبة بالنسبة للأفراد الذين تختلف أعراقهم عن عرق غالبية الأفراد في مجموعة البيانات.
لذا شرع باحثون من وايل كورنيل للطب - قطر بقيادة الدكتور كارستن زوري أستاذ الفسيولوجيا والفيزياء الحيوية ومدير مختبر المعلومات الحيوية، في تحديد التفاوت في دقة درجات الاختطار متعددة الجينات بين الشعوب من أصول أوروبية وعربية. وفي هذا الصدد، قال الدكتور زوري: "نحن محظوظون بأن لدينا بيانات وراثية عالية الجودة مستمدة من عدد كبير من الأفراد، غير أن مجموعات البيانات غير متنوعة عرقياً بقدر كاف وتظلّ متدنية في هذا الجانب، كما أنها تركّز على السكان من أصول أوروبية – وهو ما يفرض تحدّيات بالنسبة للطب الشخصي في ما يخصّ السكان غير الخاضعين لدراسة كافية. لذا أردنا أن نكون قادرين على تحديد مقدار ثقتنا في درجات الاختطار المتعددة الجينات أو ضآلة تلك الثقة بالنسبة للعرب بإجراء مقارنات مع البيانات الجينومية المأخوذة في المقام الأول من سكان من أصول قوقازية".
ولإجراء المقارنات، قام فريق الباحثين بتحليل ما مجموعه 2935 عيّنة دم مأخوذة من أفراد من أصول عربية، ومخزّنة في قطر بيوبنك، لدراسة تركيبتهم الجينومية ودراسة الهيكلة الوراثية لمجموعة تتألف من 1301 بروتين معروفة بارتباطها بالعديد من الأمراض. وتُعدّ البروتينات هدف استقصاء جيداً لأنها سمات وسيطة تربط بين النزعة الوراثية والعوامل البيئية ومرض ما. وتُعرف هذه العملية باسم "دراسة الصلة على نطاق الجينوم" لأنها تحلّل الجينوم برمته للفرد الواحد، وهو يتألف من كل البيانات لكل جينة من جيناته.
ومن ثم قام باحثو وايل كورنيل للطب - قطر بمقارنة الصلة بين السمات الجينية والبروتينات المرتبطة بالأمراض عند العرب والتي لها الصلة نفسها عند الشعوب الأوروبية/القوقازية. وبعد تحليل كل البيانات، خلص الباحثون إلى أن درجات الاختطار المتعددة الجينات القائمة على البروتينات أكثر دقة بنسبة تقارب 20% عند تطبيقها على الأوروبيين مقارنة بالعرب. وضمّ فريق الباحثين من وايل كورنيل للطب - قطر الذين شاركوا في الورقة البحثية أخصائي أول بيانات المعلومات الحيوية غوراف ثاريجا (المؤلف الأول للورقة البحثية)، الباحث المشارك الدكتور عزيز بلقاضي، والدكتور فرانك شميت مدير مختبر البروتيوميات والأستاذ المشارك للكيمياء الحيوية في وايل كورنيل للطب - قطر. ونُشرت الورقة البحثية بعنوان "الاختلافات والقواسم المشتركة في الهيكلة الجينية لمواضع السمات الكمية للبروتين عند الشعوب الأوروبية والعربية" في الدورية الطبية الريادية Human Molecular Genetics. وأسهم في الورقة البحثية أيضاً باحثون من وايل كورنيل للطب - نيويورك، وجامعة حمد بن خليفة، وجامعة ديوك، وجامعة إدنبرة، وجامعة فيليب في ماربورغ بألمانيا، ومركز البحوث الألمانية للصحة البيئية، وعدد آخر من المؤسسات.
وأضاف الدكتور زوري قائلاً: "تُظهر البيانات أن درجات الاختطار المتعددة الجينات ما تزال مفيدة لتحديد اختطار الإصابة بالأمراض بين الشعوب العربية، ولكن ثمة حاجة إلى مزيد من البحوث وأخذ المزيد من العينات إذا ما أردنا توسيع رقعة الفوائد المتحققة من هذه التقنية الجديدة لتسفيد منها الشعوب الخاضعة لدراسات أقلّ".
أُنجرت الدراسة بدعم من برنامج بحوث الطب الحيوي في وايل كورنيل للطب - قطر، البرنامج المموّل من مؤسسة قطر، ومن المنحة رقم NPRP11C-0115-180010 والمنحة رقم PPM 03-0324-19003 والمنحة رقم NPRP12S-0227-190173 من الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي، عضو مؤسسة قطر.
يُذكر أن الدكتور زوري يرتبط بعلاقات خارجية مع ألفابيومكس، وفالديا هيلث، والمنظمة العالمية لمكافحة المنشطات (WADA).
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.