باحثو وايل كورنيل للطب قطر يستقصون درجة تأثر كبار السن بفيروس كوفيد-

نشر باحثون من قسم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر دراسة بحثية استقصت الأسباب التي تجعل فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" يمثّل تهديداً جسيماً لكبار السن مقارنة بسائر الفئات العمرية.
وبيّنت الدراسة أن 80% من الوفيات الناجمة عن حالات مؤكدة لكوفيد-19 بالولايات المتحدة كانت بين من تزيد أعمارهم على 65 عاماً، وأن بيانات شهر أبريل 2020 تُظهر أن معدل الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 يتراوح بين 4-11% لكبار السن الذين تبلغ أعمارهم 65-84 عاماً، وبين 10-25% لكبار السن الذين تبلغ أعمارهم 85 عاماً فأكثر.
وترصد الدراسة بالتفصيل العوامل البيولوجية والاجتماعية والديموغرافية والسلوكية وتلك المتعلقة بالرعاية الصحية التي تفاقم درجة تأثّر الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً فأكثر بالجائحة التنفسية الراهنة. وتسلط الدراسة الضوء على حقيقة أن حكومات دول العالم لم تستفد من حالات تفشي فيروس كورونا السابقة، بل وتجاهلت التهديد الذي يشكله الوباء الراهن لكبار السن، ومن ثم أخفقت في اتخاذ التدابير المناسبة لحماية هذه المجموعة السكانية الضعيفة.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور ساثيا دوريسوامي، المدير المساعد لقسم الصحة السكانية في وايل كورنيل للطب - قطر والمؤلف الرئيس للدراسة المنشورة: "مع بداية الجائحة، اتخذت قطر تدابير استباقية لحماية كبار السن فيها، لكن في المقابل كان ثمة تهاون في العديد من بلدان العالم، وإخفاق في الأخذ بالدروس المستفادة من تفشي أمراض تنفسية سابقة مثل المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس)، كما كانت هناك استجابة سيئة التنسيق، وكل ذلك تسبب في إصابات ووفيات كان يمكن تجنبها. وتدعو هذه الدراسة البحثية إلى اتباع نهج أكثر استباقية لحماية صحة كبار السن ورفاههم وصون كرامتهم".
والدراسة المنشورة على شكل تعقيب تحمل عنوان "الأوبئة التنفسية وكبار السن" ونشرت في الدورية الطبية البريطانية الريادية Age and Ageing. والباحثون الذين شاركوا في إعداد الدراسة هم الدكتور رافيندر مامتاني نائب العميد لشؤون الطلاب والقبول والصحة السكانية وطب نمط الحياة، والدكتورة سهيلة شيما العميد المساعد لقسم الصحة السكانية، والدكتور أميت أبراهام أخصائي المشاريع في قسم الصحة السكانية والمحاضر في العلوم السكانية، والدكتور ماركو أميدوري الأستاذ المشارك للفيزياء والعميد المشارك الأول لبرنامج ما قبل الطب.
وقد درس الباحثون البيانات المتعلقة بكوفيد-19 وبيانات جوائح سابقة من عدد من بلدان العالم شملت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكوريا الجنوبية والصين وإيطاليا، لتحديد العوامل التي تسهم في تفاقم تأثّر كبار السن بكوفيد-19 والجوائح التنفسية المماثلة. ومن الناحية الفسيولوجية، تقترن الشيخوخة بتناقص أداء جهاز المناعة في الجسم وضعف الإدراك وارتفاع معدل الإصابة بأمراض مزمنة مثل داء السكري وأمراض القلب التاجية وارتفاع ضغط الدم وأمراض الكلى والسرطان، وكلها أمور تجعل الإنسان أكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا. ويقلّ احتمال الشفاء من أي مرض عند الأشخاص الضعفاء ويستغرق تعافيهم وقتاً أطول، ومن يتعافى منهم يكون أكثر عرضة لمزيد من نوبات المرض.
وعلاوة على ذلك، من المرجح أن تتسم حياة كبار السن بأنماط الحياة الخاملة وسوء تغذية وصعوبة التواصل ومستويات أقل من المعرفة الصحية. كما أن العزلة الاجتماعية والوحدة والسكن غير الملائم كلها أمور أكثر شيوعاً بين كبار السن وتؤثر سلباً في الحالة الصحية الإجمالية. ويضاف إلى ذلك أن العديد من كبار السن يقيمون في دور رعاية أو يتلقون رعاية منزلية من مهنيين صحيين يزورونهم من حين إلى آخر، ويسهّل ذلك انتقال الأمراض أثناء انتشار الأوبئة. ومن المرجح أيضاً حاجة كبار السن إلى الإقامة في المستشفيات، ما يزيد من خطر تعرضهم لمسببات الأمراض.
وقالت الدكتورة شيما: "جعل فيروس كوفيد-19 خدمات الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم تئنّ تحت وطأة ضغوط غير مسبوقة، وأبرز في الوقت نفسه درجة تأثّر كبار السن بالمرض واحتياجاتهم الخاصة. ونعتقد أن ثمة حاجة ملحّة لاتخاذ التدابير الكفيلة بالنهوض بجاهزية أنظمة الرعاية الصحية لمراعاة الاحتياجات الخاصة لكبار السن وضمان حماية حقوقهم ورفاههم وحياتهم".
كما نشرت مجلة Age and Ageing رسالة إلى المحرر من الدكاترة دوريسوامي وشيما ومامتاني، دعوا فيها إلى معاملة كبار السن بلطف والتعاطف معهم، وأن تكون الرسائل الصحية الموجهة إليهم واضحة وبسيطة وخالية من أي غموض. وجاء في الرسالة، التي كتبت لأسباب عدة أحدها الرد على مقطع فيديو انتشر وأثار الغضب على نطاق شبكات التواصل لامرأة مسنة في حافلة في الصين ترفض ارتداء الكمامة: "هذا الموقف يوضح كيفية تصرّف بعض كبار السن عند تفشي الأمراض المعدية. نعلم أن عملية الشيخوخة يمكن أن تعرقل المهارات الإدراكية... لذا من المهم أن يقرّ المعنيون بالأمر أن كبار السن هم مجموعة خاصة وأن حياتهم مهمة مثل سائر الفئات العمرية، ومن المهم للغاية أن تكون حملات ورسائل التوعية الصحية مصمّمة بما يتوافق مع احتياجاتهم الخاصة خلال انتشار الأوبئة".
وقال الدكتور مامتاني: "يتعيّن علينا التأكد من معاملة كبار السن بكل احترام ورعاية وتفهّم، ومساعدتهم برفق على التقيّد بإرشادات الرعاية الصحية أثناء الجائحة. إن انتقاد كبار السن وإساءة معاملتهم لعدم تقيّدهم بالإرشادات ليس خطأ أخلاقياً فحسب، بل هو أيضاً طريقة غير فعالة لمساعدتهم على الالتزام بالإرشادات الرسمية لصالح أنفسهم والمجتمع الأوسع على حد سواء".
خلفية عامة
وايل كورنيل للطب - قطر
تأسست وايل كورنيل للطب - قطر من خلال شراكة قائمة بين جامعة كورنيل ومؤسسة قطر، وتقدم برنامجاً تعليمياً متكاملاً مدته ست سنوات يحصل من بعدها الطالب على شهادة دكتور من جامعة كورنيل. يتمّ التدريس من قبل هيئة تدريسية تابعة لجامعة كورنيل ومن بينهم أطباء معتمدين من قبل كورنيل في كل من مؤسسة حمد الطبية، مستشفى سبيتار لجراحة العظام والطب الرياضي، مؤسسة الرعاية الصحية، مركز الأم والجنين وسدرة للطب. تسعى وايل كورنيل للطب - قطر إلى بناء الأسس المتينة والمستدامة في بحوث الطب الحيوي وذلك من خلال البحوث التي تقوم بها على صعيد العلوم الأساسية والبحوث الإكلينيكية. كذلك تسعى إلى تأمين أرفع مستوى من التعليم الطبي لطلابها، بهدف تحسين وتعزيز مستوى الرعاية الصحية للأجيال المقبلة وتقديم أرقى خدمات الرعاية الصحية للمواطنين للقطريين وللمقيمين في قطر على حدّ سواء.