الجامعة الأميركية في بيروت تعقد ندوة حوارية عن إصلاح الحوكمة في المملكة العربية السعودية

استضاف مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة في معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأميركية في بيروت، ندوة حوارية بعنوان "الحوكمة ورؤية 2030: إصلاح الحوكمة في المملكة العربية السعودية". شارك في الندوة الأستاذ في دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون والخبير الرائد في شؤون الخليج والشرق الأوسط البروفيسور برنارد هيكل. بحث الحوار في كيفية نهوض الإصلاح المؤسساتي والتغيير التنظيمي بالشفافية والمساءلة والتنمية المستدامة كجزء من برنامج التحوّل الأكثر شمولاً في المملكة العربية السعودية.
حضر الندوة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان الدكتور وليد البخاري، والسفير الإسباني في لبنان خيسوس سانتوس آغوادو، والسفير المكسيكي في لبنان فرانسيسكو روميرو بوك، وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتور فادي مكي، ووزراء سابقون. كما حضر رئيس الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور فضلو خوري، ووكيل الشؤون الأكاديمية فيها الدكتور زاهر ضاوي، إلى جانب عدد من عمداء الجامعة وكبار الإداريين وأعضاء هيئة التدريس.
افتتحت مديرة معهد الأصفري لينا أبو حبيب الندوة مرحبةً بالحضور ومؤكدةً على أهمية النقاش وحسن توقيته، ووصفته بأنه "يندرج ضمن مهمّة المعهد، لمناقشة الآفاق والاتجاهات والمبادرات الناشئة التي تؤثر على هياكل الحوكمة في المنطقة العربية، خاصة في هذا الوقت البالغ الأهمية من التحوّل وانعدام الاستقرار."
ثم طرح الدكتور سيمون كشر، المدير المؤسس والحالي لمرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة والمحاضر في العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت ملاحظات افتتاحية تناولت المسألة من منظور إقليمي ومؤسسي أوسع، وقال، "في عصر يتسمّ بالتحوّلات السريعة والديناميات العالمية المتطوّرة، أصبح فهم الفروق الدقيقة في إصلاح الحوكمة أمرًا أساسيًا." وأضاف، "تمثّل رؤية السعودية لعام 2030 مخططًا طامحًا وبعيد الأثر للتنويع الاقتصادي والتغيير الاجتماعي، وفي صميم هذه الرؤية تكمن ركيزة الحوكمة."
وأشار كشر إلى أن مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة قد أُسّس بهدف تعزيز التفكير النقدي وتشجيع الحوار المستنير والنهوض بالمعرفة المرتبطة بالحوكمة الرشيدة والمواطنة الفاعلة في السياقات العربية، مضيفًا، "نحن نؤمن بأن التقدّم الحقيقي والتنمية المستدامة يرتبطان بهياكل الحوكمة الشفافة والخاضعة للمساءلة والشاملة."
وأكّد كشر على ما تقدّمه الندوة الحوارية من فرص للنظر في سبل ترجمة رؤية السعودية 2030 عمليًا وإعادة تشكيل الحوكمة للمؤسسات في المملكة، قائلاً، "إن المملكة العربية السعودية تموضع نفسها كأمة تطلّعيّة متكاملة مع العالم وتتمتّع بالمرونة داخليًا."
كما ألقى رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري كلمةً ترحيبية أوضح فيها أهمية الحوار على الصعيدين الإقليمي والعالمي. وقال، "إن الأسئلة المطروحة، ككيفية تأثير رؤية 2030 على ملامح المملكة العربية السعودية في المنطقة، وثيقة الصلة بما يجري في لبنان والمنطقة بأكملها." وعبّر عن ضرورة فهم ما يجري في المملكة – لا بالنسبة للدول المجاورة فحسب، بل المجتمع الدولي عمومًا – مشيرًا إلى كون "المملكة العربية السعودية شأنًا عالميًا."
وأثنى خوري على الغزارة العلمية والرؤية الصادقة التي يتميز بهما البروفيسور هيكل، فقال، "أشعر أن من حسن حظنا اليوم في الجامعة الأميركية في بيروت أن يكون بيننا ربما أعمق الخبراء بصيرة في المنطقة بلا شكّ – ومن أكثرهم صدقًا أيضًا. فهو ليس صاحب مؤهلات أكاديمية رفيعة فحسب، بل تسعده مشاركة ملاحظاته الدقيقة بموضوعية ودراية واسعة."
أدارت الندوة الدكتورة تانيا حداد، الأستاذة المشاركة في الإدارة العامة وإدارة المنظمات غير الحكومية في الجامعة الأميركية في بيروت وعضو اللجنة التوجيهية في مرصد الحوكمة الرشيدة والمواطنة. وقد بدأت النقاش بتحديد نطاق الحوار، قائلةً، "على مدى العقد الماضي، تبنّت المملكة إحدى أكثر أجندات التحوّل طموحًا التي تقودها دولة في المنطقة. تشمل هذه الإصلاحات التي تستند إلى رؤية 2030 التنويع الاقتصادي والتحديث البيروقراطي والتحرّر الاجتماعي وإعادة الهيكلة المؤسسية. وتهدف هذه الندوة إلى إجراء دراسة نقدية لأبعاد الحوكمة ضمن هذه الإصلاحات، بما في ذلك أصولها وآلياتها وآثارها."
ثمّ عرّفت حداد بالبروفيسور هيكل كأحد أبرز أكاديميي شبه الجزيرة العربية الذي يرتكز عمله على سياسة واقتصاد وتاريخ دول مجلس التعاون الخليجي واليمن و"انشغاله العميق بالأسئلة المتعلقة بإصلاح الدولة والتغيير المؤسسي والحوكمة في المملكة."
وتبادل المحاورون الأفكار ضمن حوار منظّم ومعمّق توزّع على أربعة محاور رئيسية لفهم مسار إصلاح الحوكمة في المملكة العربية السعودية. واستُهلّ النقاش بالنظر في القوى الدافعة وراء أجندة الإصلاح. وأرجع هيكل هذا الدفع إلى إدراكٍ متزايد لدى القيادات السعودية ــ وكذلك بشكل متنامٍ لدى العامة – بأنّ نظام الحوكمة السابق لم يعد مستدامًا.
وقال هيكل، "إن الدافع للإصلاح في المملكة العربية السعودية هو الشعور السائد بين القيادات – ولكني أعتقد أنه سائد في المجتمع أيضًا – بأن أداء البلاد قبل تولّي الملك سلمان العرش في عام 2015 لم يكن مستدامًا، وأنها كانت بحاجة إلى تغيير جذري". وأضاف، "ما يميّز المملكة بشكل خاص، وما لا تجده في دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، هو الصراحة الشديدة التي أعربت بها القيادة عن هذه الحاجة."
ثم استكشف الحوار السبل التي غيّرت فيها الإصلاحات شكل العلاقة بين الدولة ومواطنيها، لا سيما من خلال نشر القومية والهوية والسرديات الجديدة للمسؤولية المدنية بصورة استراتيجية. كما تناول الحوار مسألة مأسسة المساءلة والشفافية ومشاركة المواطنين، وانتهى بالتفكّر في التبعات الإقليمية الأعمّ لتجربة الإصلاح السعودية.
واختُتم الحدث بجلسة نقاش دعت الحضور إلى طرح أسئلتهم والمشاركة بآرائهم وأفكارهم عن الإصلاحات واستدامتها وتنفيذها وتأثيرها الأوسع.
خلفية عامة
الجامعة الأمريكية في بيروت
الجامعة الأمريكية في بيروت هي جامعة لبنانية خاصة تأسست في 18 نوفمبر 1866، وتقع في منطقة رأس بيروت في العاصمة اللبنانية، وبدأت الكلية العمل بموجب ميثاق منحها إعترافا حصل عليه الدكتور دانيال بليس من ولاية نيويورك في الولايات المتحدة الأمريكية. افتتحت الجامعة أبوابها في 3 ديسمبر عام 1866 لتمارس نشاطها في منزل مستأجر في أحد مناطق بيروت.
تعتمد الجامعة معايير أكاديمية عالية وتلتزم مبادىء التفكير النقدي والنقاش المفتوح والمتنوع. وهي مؤسسة تعليمية مفتوحة لجميع الطلاب دون تمييز في الأعراق أو المعتقد الديني أو الوضع الاقتصادي أو الانتماء السياسي، وهذا ما أرساه مؤسسها الداعية الليبيرالي دانيال بليس.