استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية الجديد يكشف عن هشاشة الثقة في مطلع عام 2021

كشف استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية الصادر اليوم عن جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين (ACCA) ومعهد المحاسبين الإداريين (IMA) أن مؤشرات الثقة العالمية شهدت تباطؤاً ملحوظاً خلال الربع الأخير 2020، وما زالت هشة في مطلع العام 2021.
ويرصد تقرير الظروف الاقتصادية العالمية، والذي يعتبر أكبر استطلاع اقتصادي دوري يشارك فيه أكثر من 3000 من كبار المحاسبين والمختصين الماليين من جميع أنحاء العالم، الحجم الحقيقي للركود العالمي الناجم عن تدابير الاستجابة لوباء فيروس كورونا المستجد، مشيراً إلى تدهور مؤشرات التفاؤل حول الاقتصاد العالمي منذ اكتمال الاستطلاع في 8 ديسمبر. ويمكن الاطلاع على التقرير الكامل من هنا أو عبر الموقع الإلكتروني: https://www.imanet.org/insights-and-trends/global-economic-conditions-survey?ssopc=1.
وأشارت نتائج الاستطلاع إلى انكماش الاقتصاد العالمي بنسبة تقارب 4,5٪ خلال عام 2020، في انخفاض هو الأكبر من نوعه منذ عدة عقود. ورغم حالة التعافي التي ظهرت في أعقاب تخفيف القيود والإغلاق في النصف الأول من العام 2020، واجهت العديد من الاقتصادات حالة من التراجع، حيث أدت الموجة الثانية لعدوى كوفيد-19 إلى العودة إلى حالة الإغلاق. ويرى المشاركون في الاستطلاع أن الحالة الاقتصادي خلال هذا العام ستشهد تعافياً مضطرداً، إلا أن حالة غياب اليقين المستمرة قد تكبح مؤشرات الثقة لدى المستهلكين والأعمال، لاسيما أننا لن نشهد نتائج ملموسة للتعافي قبل منتصف عام 2022. كما وتكشف نتائج استطلاع الربع الأخير للعام 2020 ما يلي:
- سجلت مؤشرات الطلبات العالمية والتوظيف والاستثمار برأس المال تحسناً طفيفاً، لكنها لا تزال أقل بكثير من مستوى ما قبل الأزمة، أي خلال الربع الأخير من عام 2019.
- انخفاض مؤشرات "الخوف": أي القلق بشأن خروج العملاء والموردين من السوق خلال الربع الأخير من العام 2020، لكنها بقيت مرتفعة مقارنة بالعام الماضي، مما يؤكد بوضوح حالة غياب اليقين الشديدة في التوقعات الاقتصادية العالمية لمطلع عام 2021.
- ظلّت المخاوف من التضخم عند مستويات ضئيلة للغاية، بينما ساد القلق بشأن بقاء التكاليف بالقرب من أدنى مستوى لها على الإطلاق.
- تراجعت مؤشرات الثقة مرة أخرى في منطقة أمريكا الشمالية بعد القفزة التي شهدتها خلال الربع الثالث 2020. وعلى النقيض من ذلك، شهدت مؤشرات الثقة في الشرق الأوسط تحسناً كبيراً، مدعومة على الأرجح بالتعافي المتواصل لأسعار النفط.
- يتوقع أكثر من 50٪ من المشاركين في الاستطلاع من مناطق آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الشمالية وجنوب آسيا أن مرحلة الانتعاش المستدام ستكون خلال النصف الثاني من هذا العام.
وفي معرض تعليقها على نتائج التقرير، قالت هنادي خليفة، مديرة العمليات في الشرق الأوسط وأفريقيا والهند لدى معهد المحاسبين الإداريين: "يشير استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية إلى تغير طفيف في مؤشرات الثقة، حيث تبرز بشكل واضح حالة غياب اليقين بشأن مسار النمو الاقتصادي لهذا العام. وأظهرت نتائج الاستطلاع أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة هشاشة خلال الشهور الأولى من العام 2021. ومن جهة أخرى، تتهيأ الأسواق الناشئة لتحقيق مستوى طفيف من التعافي خلال العام، ومن اللافت أيضاً أن 50٪ من المشاركين في الاستطلاع من مناطق آسيا والمحيط الهادئ وأمريكا الشمالية وجنوب آسيا قالوا أنهم يتوقعون تعافياً مستداماً خلال النصف الثاني من هذا العام. إلا أن جانباً كبيراً من ذلك سيعتمد على التطورات في أزمة كوفيد-19 وطفرات الفيروس والتغيرات المتعلقة بتقدم برامج التطعيم".
من جهته، قال رائف لاوسون، المحاسب الإداري المعتمد، والمحاسب القانوني العام، ونائب رئيس شؤون البحوث والسياسات لدى معهد المحاسبين الإداريين (IMA): "دفع الوباء بالملايين حول العالم إلى حافة الفقر المدقع، فقد عانت الأسواق الناشئة من الركود لأول مرة منذ عقود خلال العام الماضي. وعادت استراتيجيات الاستجابة التي اتخذتها الدول لمواجهة الوباء بتداعيات خطيرة على الأوضاع المالية العامة لمعظم الاقتصادات، حيث باتت ميزانيات العديد من البلدان تعاني عجزاً يتراوح بين 10٪ و15٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وزادت نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي عن 100٪".
وأضاف لاوسون: "تمثل هذه المؤشرات اختباراً قاسياً لصنّاع السياسات حول التوقيت المناسب لرفع الدعم أو تشديد السياسات لتعزيز الميزانيات العامة. فالقرارات الخاطئة قد تشكل حجر عثرة أمام هذه الجهود".
من جانبها، قالت فضيلة جوبلاني، رئيسة جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين في الشرق الأوسط: "كان العام الماضي واحداً من أسوأ الأعوام التي يشهدها الاقتصاد العالمي منذ عقود، لكن أسواق منطقة الشرق الأوسط شهدت نقلة نوعية في مؤشرات الثقة خلال الربع الأخير من 2020 رغم هذه الظروف العصيبة. فقد كان المشاركون من المنطقة الأكثر تفاؤلاً في الاستطلاع، حيث توقع 54% منهم أن تبدأ الأوضاع الاقتصادية بالتحسن خلال النصف الأول من هذا العام. ويمكن إرجاع ذلك إلى عوامل مشتركة منها تراجع حدة التوترات الجيوسياسية والتعافي المتواصل في أسعار النفط ومعدلات الطلب. فخلال الأشهر القليلة الماضية من عام 2020، قفزت أسعار النفط بنسبة تقارب 25٪ لتصل إلى 50 دولاراً للبرميل".
وأضافت: "من جهة أخرى، ما زالت مؤشرات النشاط ضعيفة نسبياً على خلفية القيود المتعلقة بأزمة كوفيد-19المتواصلة وتداعياتها على النشاط الداخلي. ويرجح للتعافي أن يكتسب مزيداً من الزخم في النصف الثاني 2021، تبعاً لتراجع الوباء وإحراز التقدم على صعيد برامج التطعيم".
وأشار مايكل تايلور، كبير الخبراء الاقتصاديين في جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين، إلى أن العديد من بلدان العالم شهدت زيادة في معدلات الإصابة بفيروس كوفيد-19 منذ استكمال الاستطلاع في شهر ديسمبر، مما دفع الحكومات إلى فرض القيود مرة أخرى، بما فيها الإغلاق الكامل، ما يعني أن الآفاق الاقتصادية العالمية قد تدهورت في مطلع عام 2021 في أعقاب انتهاء استطلاع الربع الأخير من العام 2020. وفي الوقت نفسه، شهد العالم تقدماً لافتاً على صعيد اعتماد اللقاحات، مما ساهم في تحسين الآمال بتحقيق تحسن دائم في الظروف الاقتصادية لاحقاً هذا العام. وعلى الرغم من ذلك، ستشهد العديد من الدول ارتفاعاً في معدلات البطالة، مما قد يقوض ثقة المستهلكين ويحد من قوة التعافي.
منطقة الشرق الأوسط
سجلت مؤشرات الثقة في منطقة الشرق الأوسط قفزة كبيرة خلال الربع الأخير 2020، ويمكن إرجاع ذلك إلى عوامل مشتركة منها تراجع حدة التوترات الجيوسياسية والتعافي المتواصل في أسعار النفط ومعدلات الطلب. فقد قفزت أسعار النفط بنسبة 25٪ لتصل إلى 50 دولاراً للبرميل بين شهري سبتمبر وديسمبر. لكن مؤشرات النشاط ضعيفة نسبياً على خلفية القيود المتعلقة بأزمة كوفيد-19المتواصلة وتداعياتها على النشاط الداخلي، وغالباً القيود المالية التي سببها الانخفاض النسبي في أسعار النفط مقارنة بالأسعار المستخدمة لوضع توقعات الميزانيات.
واختتم لاوسون: "هناك العديد من المخاطر الكبيرة التي تتهدد التوقعات للعام الجاري. فالتعافي الاقتصادي يعتمد بصورة كبيرة على تطورات أزمة فيروس كوفيد-19 وطفراته ومعدلات الإصابة وسرعة وفعالية برامج التطعيم. ويهيمن الضعف الاقتصادي على الأشهر الأولى من عام 2021 في ضوء الانتشار المتزايد للفيروس، تليه مرحلة من التعافي المتزايد في أواخر هذا العام تزامناً مع التأثير الناجم عن انتشار اللقاحات. أضف إلى ذلك أن ظهور الطفرات المقاومة للقاحات كوفيد-19 والآثار الجانبية السلبية غير المتوقعة لهذه اللقاحات وانخفاض الإقبال على اللقاح جميعها مخاطر صحية قد تعيق مسار التعافي الاقتصادي".
انطلقت الأعمال الميدانية لاستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية في الربع الأخير من العام 2020 يوم 20 نوفمبر واستمرت لغاية 8 ديسمبر 2020، وشارك فيه 3086 عضواً في جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين (ACCA) ومعهد المحاسبين الإداريين (IMA) حول العالم، منهم أكثر من 300 مدير مالي.
خلفية عامة
معهد المحاسبين الإداريّين
يهدف معهد المحاسبين الإداريّين إلى تمكين المحاسبين والعاملين في مجال الإدارة الماليّة على تعزيز الأداء ضمن بيئة الأعمال. معهد المحاسبين الإداريّين،جمعيّة المحاسبين والعاملين في المؤسّسات الماليّة، هو واحد من أكبر الجمعيّات الموثوقة التي تركّز بشكل حصري على تعزيز مهنة المحاسبة الإداريّة. على المستوى العالمي، يدعم معهد المحاسبين الإداريّين هذه المهنة من خلال البحث، وبرنامج المحاسب الإداري المعتمد، والتعليم المستمر، والتشبيك، والتأكيد على ممارسة أفضل الأخلاقيّات المهنيّة. يتمتّع معهد المحاسبين الإداريّين بشبكة عالميّة تتألّف من أكثر من 72,000, عضوا من 140 دولة، و300 فرع مهني وطلابي. ويقدّم خدمات محليّة من خلال مكاتبه المنتشرة في مونتفيل بولاية نيو جيرسي في الولايات الأمريكيّة المتّحدة، زيوريخ في سويسرا، دبي في الإمارات العربيّة المتّحدة، القاهرة في مصر، وشنغهاي وبكّين في الصين.
ينضم إلى معهد المحاسبين الإداريّين الشرق الأوسط حاليّا أكثر من 12,000 عضوا من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويدير عددا من الفروع الفعّالة في المدن الرئيسيّة في المنطقة مثل أبوظبي، الرياض، القاهرة، المنطقة الشرقية، الكويت، دبي، وقطر،عمّان.