399 مليار دولار إصدارات الدين الخليجية في الأسواق العالمية في الربع الثالث من عام 2019

تاريخ النشر: 19 ديسمبر 2019 - 06:14 GMT
الديون الخليجية ذات التصنيف الاستثماري (A) وما دونه
يقصد بأدوات الدخل الثابت القائمة إصدارات السندات والصكوك التي تم إصدارها في الأعوام الماضية ولم يحن أجل إطفائها
أبرز العناوين
ارتفعت أدوات الدخل الثابت الخليجية القائمة في الربع الثالث من العام الجاري 2019 بنسبة 4.4 في المائة لتصل إلى 399 مليار دولار

ارتفعت أدوات الدخل الثابت الخليجية القائمة في الربع الثالث من العام الجاري 2019 بنسبة 4.4 في المائة لتصل إلى 399 مليار دولار، مقارنة بنهاية النصف الأول من العام الجاري، حيث كانت تقف عند 382 مليار دولار.

ويقصد بأدوات الدخل الثابت القائمة إصدارات السندات والصكوك التي تم إصدارها في الأعوام الماضية ولم يحن أجل إطفائها، علما بأن البيانات ارتكزت على ما تم إصداره من أدوات دين بغض النظر عن نوع العملة التي تم إغلاق الإصدار الأصلي بها.

وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" استند إلى دراسات بحثية مصرفية، أن الداعم الأساسي لزيادة المعروض من الديون الخليجية كان الإصدارات السيادية من حكومات المنطقة التي بلغت 197.6 مليار دولار مشكلة 49.5 في المائة من إجمالي ديون المنطقة القائمة البالغة 399 مليار دولار، حيث كانت الإصدارات السيادية تقف عند 182 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من هذا العام.

وفي الإطار ذاته، أظهر الرصد تفوق أداء أدوات الدين الخليجية خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام على نظيرتها الآسيوية، حيث إن الديون الخليجية تقدم أفضل "نسبة مخاطر إلى العائد" مقارنة بتصنيفاتها الائتمانية المرتفعة.

ومن أجل قياس أداء تلك الديون في الأسواق الدولية، تمت الاستعانة بمؤشر "أدوات الدين الخليجية ذات التصنيف الاستثماري (أي من «+A» فما فوق) الذي أظهر تسجيل أرباح وصلت إلى 13.2 في المائة.

في حين تفوق مؤشر "الديون الخليجية ذات التصنيف الاستثماري (A) وما دونه" على مؤشرات القياس لأداء الديون الآسيوية التي سجل أقصاها عائدا 13.3 في المائة، بعد أن حقق المؤشر الخليجي عائدا بلغ 13.8 في المائة.

مستوى الاستدانة السعودية

من ناحية أخرى، ارتفع إجمالي الديون السعودية القائمة الشاملة لجميع فئات الإصدار بشكل طفيف بلغ 1.1 في المائة في الأسواق العالمية خلال الربع الثالث، بعد أن بلغت 106 مليارات دولار مقارنة بـ104.8 مليار دولار خلال الأشهر الستة الأولى من العام.

وكانت الإصدارات السيادية للسعودية من العملات الصعبة هيمنت على 59 في المائة بقيمة 62.8 مليار دولار من إجمالي الإصدارات المقومة بالعملة الصعبة، متبوعة بالمؤسسات التابعة للحكومة بنسبة 24 في المائة بقيمة 25.6 مليار دولار والجهات المالية بنسبة 16 في المائة بقيمة 16.7 مليار دولار.

من ناحية أخرى، كشف رصد "الاقتصادية" أن إجمالي نسبة الدين إلى الناتج المحلي للسعودية يعد متدنيا عند مقارنة تلك النسبة بالدول التي تحمل تصنيفات ائتمانية مشابهة أو قريبة لتصنيفاتها الحاصلة على خامس أعلى تصنيف ائتماني من الدرجة الاستثمارية A1 من قبل وكالة موديز.

وذكرت وزارة المالية السعودية في ديسمبر، أنه من المتوقع أن تبلغ نسبة الدين العام للناتج المحلي 24 في المائة بنهاية 2019.

وبحسب وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، فإن المعدل التاريخي لنسبة الدين للناتج المحلي للدول الحاصلة على فئات التصنيف الائتماني (A) تلامس 42 في المائة.

والأمر نفسه ينطبق على ما توصلت إليه وكالة التصنيف الأخرى "كابيتال إنتلجنس" التي ذكرت هي الأخرى، أن المعدل المتوسط لنسبة الدين إلى الناتج المحلي والخاص بالدول ذات الدرجة الاستثمارية قد بلغ 42.3 في المائة بنهاية 2018.

التوزيع وفقا لجهة الإصدار

بنهاية سبتمبر 2019، ارتفعت الديون الخليجية القائمة إلى 399 مليار دولار، وقبل 2016 كانت الشركات التابعة للحكومات متسيدة لواجهة الإصدارات في المنطقة بسبب استفادتها من الدعم الحكومي الذي انعكس على حقيقة حصولها على تصنيف ائتماني مماثل للتصنيف الائتماني السيادي، الأمر الذي مكنها من إصدار أدوات دين بتكلفة تنافسية مقارنة بشركات المنطقة التي تتأثر بارتفاع تكلفة التمويل بسبب انخفاض التصنيف الائتماني، لذلك لم يكن مستغربا أن تصل حصة الشركات الخليجية من أدوات الدين القائمة للمنطقة إلى 4.1 في المائة أي 16.3 مليار دولار.

على الجانب الآخر، جاءت الشركات التابعة للحكومات في المرتبة الثانية من حيث أدوات الدين القائمة بنسبة 23.3 في المائة أي 93.2 مليار دولار، تلاها بفارق بسيط المؤسسات المالية "من بنوك" بنسبة 23.1 في المائة "92.1 مليار دولار" من إجمالي الديون الخليجية القائمة، واستفادت تلك المؤسسات كذلك من النسبة الضئيلة من الملكية الحكومية فيها التي انعكست على تصنيفها الائتماني.

البحث عن العائد

ازداد الطلب في الأسواق الثانوية على الإصدارات الخليجية "القديمة" التي أصدرتها الحكومات في العام الماضي، إبان ارتفاع أسعار الفائدة خلال وقت الإصدار، بعدما أصبحت عوائد تلك السندات جذابة حاليا، بعدما دخلت أدوات الدخل الثابت في الأسواق الناشئة مرحلة الفائدة المتدنية.

وما يميز الإصدارات القديمة التي جاءت في 2018 أنها تم إغلاقها بالفائدة "الثابتة" التي لن تنخفض مدفوعاتها الدورية للمستثمرين حتى لو دخل حاملو تلك الأوراق المالية فترة الفائدة المتدنية.

ومع عظم شأن السندات ذات العوائد السالبة، بدأ مستثمرو أسواق الدخل الثابت النظر إلى سندات الدول الصاعدة التي تتميز بالعوائد الإيجابية، وهنا تبرز إصدارات المنطقة الخليجية التي يتم تسعيرها بعلاوة سعرية مقارنة بالقيمة العادلة التي من المفترض أن تسعر بها وفقا للتصنيفات الائتمانية.

فإصدارات دول المنطقة تحمل مخاطر ائتمانية أقل وتصيفا ائتمانيا رفيعا وعوائد دورية أعلى، مقارنة بنظيراتها من الدول التي تتشارك معها درجة التصنيف نفسها.

أهمية مؤشرات القياس

يتم تسعير معظم أدوات الدين السيادية عبر الاستعانة بمؤشر قياس وهو عوائد سندات الخزانة الأمريكية، حيث تدخل عوائد تلك السندات مع المنظومة التسعيرية لأدوات الدين السيادية.

وعندما تبدأ عملية بناء الأوامر الخاصة بالإصدار، يلتفت المستثمرون إلى عاملين، أولهما هوامش الائتمان spreads الخاصة بجهة الإصدار، وثانيهما معدلات مؤشر القياس وفقا لآجال الاستحقاق المستهدفة، وعندما يتم دمج هذه الأرقام أي "هوامش الائتمان" مع "مؤشر القياس"، يتم الحصول على العائد النهائي المعروف بـyield عندما يغلق الإصدار.

ذلك مع العلم بأن هوامش الائتمان تمر بثلاث جولات للأسعار الاسترشادية قبل أن يتم تقليص تلك الأرقام مع كل جولة، بحسب حجم إقبال المستثمرين على الإصدار

أبرز الإصدارات الخليجية للربع الثالث

أظهرت إصدارات سبتمبر علامات القوة والثقة بأسواق الدين الخليجية، على الرغم من التقلبات التي تشهدها أسعار النفط مع الأحداث الجيوسياسية التي تعيشها المنطقة.

على سبيل المثال، نجحت حكومة أبوظبي في بيع سندات بقيمة عشرة مليارات دولار في أول إصدار لها منذ عامين، وتتميز إمارة أبوظبي بكون ديونها من فئة "الجدارة الائتمانية العالية"، خصوصا أن الإمارة تمتاز بحصولها على ثالث أعلى درجة من التصنيف الائتماني.

ودائما ما كانت أبوظبي بمنزلة المعيار الذهبي للمقارنة عندما يتعلق الأمر بالسندات السيادية لدول الخليج، لذلك لم يكن غريبا عليها أن تصدر هذا المبلغ الضخم خلال يوم واحد ومن دون عمل جولة ترويجية بين المستثمرين.

بنظرة سريعة على التسعير يتضح أن هناك قيمة عالية للتسعير لمصلحة خزانة الإمارة التي تمكنت أبو ظبي من اقتناصه لشريحة الـ30 عاما عند 110 نقاط أساس.

وكان اللافت أن العائد الائتماني النهائي للسندات الثلاثينية هو أقل بـمائة نقطة أساس من نظيرتها التي أصدرتها قبل عامين "4.12 في المائة في 2017 مقارنة بالعائد الحالي وهو 3.12 في المائة".

وقدمت أبوظبي درسا مفيدا لجهات الإصدار الخليجية حول الجانب التسعيري، مفاده أنه إذا كان لدى جهات الإصدار الخليجية إصدارات قديمة وقائمة بعوائد مرتفعة، فإن الجسارة ستكون مطلوبة من أجل طرح إصدار جديد بعائد أقل.
في حين حظي الإصدار البحريني بتقدير مستثمري الأسواق الناشئة الذين رأوا في هذا الإصدار "قصة تحول رائعة" على الصعيد الائتماني، بعد التحسن الذي ظهر على الميزانية العامة مقارنة بما كانت هي عليه قبل عامين.

وجاءت العوائد أقل مما يتوقعه البعض "مع العلم أنه لا توجد علاوة سعرية مع إصدار الصكوك"، بعكس إصدار السندات التي يقال إنها اجتذبت عشر نقاط أساس كعلاوة.

أما أبرز الإصدارات التي جاءت من السعودية في سبتمبر، فكانت مجموعة سامبا التي تمكنت من جمع مليار دولار لقاء بيع سندات لأجل خمس سنوات وتعدى حجم تغطيته أكثر من ثلاث مرات المبلغ المطلوب جمعه.

هذا الإصدار بالعملة الأجنبية يعد الأول لـ"سامبا" منذ 13 عاما، إذ سبق للبنك أن أصدر سندات دولارية في 2006 وكذلك سندات بالفرنك السويسري في العام نفسه.

ومع هذا الإصدار الحديث، تصبح "سامبا" أول الجهات السعودية التي انتفعت من انخفاض أسعار الفائدة، نظرا إلى أن معظم الجهات السعودية قد أصدرت في الربع الأول.

القروض مقابل أدوات الدين

لطالما شكلت مسألة تفضيل الاقتراض عبر "القروض المصرفية" أو عن طريق طرق باب "أسواق الدين"، جدلا بين مديري الخزانة في الشركات السعودية والخليجية.

يأتي ذلك لأن الخيار الأفضل يعتمد على ظروف السوق، فمثلا اللجوء إلى أدوات الدين في الوقت الحالي يمنح المُصدرين السعوديين والخليجيين ميزة تسعيرية منخفضة التكلفة، وكذلك يمنحهم أفضلية إطالة آجال الاستحقاقات لتصل إلى أكثر من عشرة أعوام، مقارنة بالقروض المجمعة التي تصل معظم آجالها في السعودية إلى عام واحد أو عامين أو بالكثير ثلاثة إلى خمسة أعوام في حال كان القرض المجمع مقوما بالعملة الدولارية.

ويعود سبب عدم قدرة معظم البنوك على تقديم قروض بآجال استحقاق أطول إلى القيود التنظيمية التي فرضتها المعايير الدولية للمحاسبة والمراجعة IFRS، ولا سيما من المعيار التاسع الذي يتطرق إلى المعالجة المحاسبية الخاصة بالقروض وكيفية التطرق إلى المخاطر الناجمة عنها.