تشهد المملكة العربية السعودية حالياً طفرة هائلة في قطاع الإنشاءات، حيث يتم الإعلان بشكل متواصل عن مشاريع جديدة. وتبعاً لمجلة MEED فإن قيمة المشاريع الحالية في دول مجلس التعاون الخليجي بلغت 1.9 تريليون دولار أميركي في شهر مايو الماضي، بمعدل نمو قدره 35% منذ عام 2007 فقط. وقد استحوذت المملكة العربية السعودية على النصيب الأكبر الذي بلغ حوالي 25% من حجم المشاريع الإجمالي. وأدى هذا النمو الهائل في قطاع الإنشاءات بالمملكة إلى ضغط كبير على الموارد عالية الجودة، كمواد البناء والمعدات والعمالة، كما أدى الارتفاع في الطلب إلى زيادة حادة في تكاليف البناء، مما تسبب بتكبد المقاولين في السعودية لخسائر بمعدل 20% من عائدات مشاريعهم، حسب تصريحات المحللين.
وفي هذا الصدد يقول فادي مجاهد، مدير التسويق وتطوير الأعمال في شركة السعودية للخرسانة الجاهزة، المنتج والمورد الرائد في المملكة للخرسانة الجاهزة والمنتجات المتعلقة بها: "يقع العبء الأكبر على عاتق مقاولي المشاريع الضخمة لعقد شراكات إستراتيجية مع موردين قادرين على تقديم حلول فعالة يمكن الإعتماد عليها، خصوصا وأن المقاولين تحت ضغوطات كبيرة لإنهاء مشروعاتهم في فترة زمنية قصيرة (fast-track). إن الموردين الذين تتوفر فيهم هذه المواصفات يستطيعون حمل جزء كبير من همّ طلب وتوريد الموارد اللازمة، والخرسانة خير مثال على ذلك لأنه لا يمكن طلب الكمية كلها دفعة واحدة ومن ثم تخزينها كأي من مواد البناء الأخرى كالحديد والخشب والطابوق، مما يعني أن تأمين الكميات المطلوبة مسألة يومية".
ويتمثل السؤال الأساسي الذي يجب على المقاولين في السعودية أن يسألوه لأنفسهم فيما يلي: "كيف يمكننا ضمان الحصول على كميات كافية من الموارد الأساسية من الموردين بحيث نتمكن من تسليم المشاريع في الوقت المحدد؟" فتوافر الموارد المختلفة يؤثر بشكل مباشر على ربحية المقاولين، حيث أن مالكي المشاريع والمستثمرين يفرضون عقوبات مالية صارمة على المقاولين الذين يتأخرون في تسليم المشاريع من أجل حماية استثماراتهم الكبيرة.
ويؤكد مجاهد هذه الحقيقة بقوله: "تشير إحصاءاتنا إلى أن المشاريع الكبيرة والعملاقة في المملكة العربية السعودية سوف تحتاج حوالي 52 مليون طن من الاسمنت عبر السنوات الخمس المقبلة، وقد سببت هذه الأرقام الضخمة - التي نعتقد بأنها ستزيد مع الإعلان عن عدد من المشاريع الضخمة التي سيتم الإعلان عنها - نقلة حيث يعتبر الموردون الأكفاء الآن شركاء أساسيين في نجاح المشروع، خصوصا وأن المشاريع تكبر من حيث الحجم والتعقيد وتصاحبها مواعيد تسليم أكثر صرامة".
ومن جانبه يؤكد محمد الرمحي، المدير العام للإنشاءات لدى شركة اتحاد المقاولين CCC، إحدى أكبر شركات المقاولات والإنشاءات في العالم، على أهمية توافر موردين موثوقين، ويعلق: "عندما نوقع عقداً ونعدّ الجدول الزمني ومواعيد التسليم، فإننا نتفق على جداول تسليم صارمة. وإذا حدث وتجاوزنا الموعد دون تسليم الأعمال المتفق عليها، فإننا نواجه عقوبات مالية ( أضرار مسالة) قد تصل إلى نسبة 10% من إجمالي قيمة المشروع! ونظرا إلى حجم وتكلفة المشاريع اليوم، فإن الحافز للتسليم في الوقت المحدد في كل مرة موجود بالتأكيد. ويصبح التحدي الأساسي هو التمكن من الالتزام باحتياجات المشاريع، مع المحافظة على مستوى عالٍ من الجودة، ولهذا يعتبر عامل الشراكة مع موردين معتمدين وموثوقين مهم جدا.
وقد إنعكس ارتفاع الطلب على الحجم القياسي لاستثمارات الشركة السعودية للخرسانة الجاهزة البالغ 760 مليون ريال سعودي لعامي 2007 و2008، حيث رسّخت موقعها في قطاع الإنشاءات كمورد موثوق لحلول الخرسانة الشاملة، وأتاحت للشركة ميزة تخصيص قسم من أسطولها مزود بفريق عمل متكامل لمقاولي المشاريع الكبرى بحيث تلبي احتياجاتهم كاملة دون أن تتأثر المشاريع الأخرى.
واختتم مجاهد حديثه قائلاً: "نظرا إلى عدد المشاريع الكبيرة والعملاقة القائمة في المملكة العربية السعودية حالياً، فقد سعينا إلى بناء إمكانياتنا كي نتمكن من خدمة 15 مشروعا عملاقا في نفس الوقت، مع الحفاظ على مستوى الخدمة المقدمة لعملائنا الآخرين، وهذه من المزايا المهمة التي إستثمرنا فيها ويطلبها السوق حالياً من الشركات الجادة في قطاع الإنشاءات".
© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)