نمو الناتج المحلي الإيراني بفضل خطط التنمية الاجتماعية الاقتصادية والثقافية

تاريخ النشر: 18 يونيو 2007 - 01:35 GMT

جاء التحسن الذي شهدته الحالة الاقتصادية العامة في إيران نتيجة مباشرة لقيام الحكومة الإيرانية بإطلاق الخطة الخمسية الأولى، الثانية، الثالثة والرابعة للتنمية الاقتصادية الاجتماعية والثقافية. وفي خلال الأعوام التي أعقبت الثورة في إيران في العام 1979، بدأت الحكومة الإيرانية تسلك طريق التصحيح الاقتصادي. فبمساعدة أعضاء صندوق النقد الدولي/ وضعت الحكومة الإيرانية خططا تهدف إلى تحسين وضعها المالي، النقدي، أسعار الصرف وسياسات القطاع المالي. وقد ركزت هذه الإصلاحات الهيكلية على برامج الخصخصة الطموحة، حيث أن الحكومة تستهدف خصخصة 20 في المائة من الشركات المملوكة للدولة سنويا. وقد واكب ذلك أيضا إصلاحات تستهدف تخفيف العبء الإداري، بما يضمن تكافؤ الفرص أمام القطاع الخاص، وتحسين بيئة الأعمال.

نما الاقتصاد الإيراني بنسبة 4.4 في المائة وفقا لبيانات الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال العام 2005/2006 ليبلغ 421,981 مليار ريال إيراني. وخلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006، نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي مركب نسبته 5.51 في المائة. كما ازداد معدل الإنفاق الاستهلاكي بنسبة 6.4 في المائة خلال العام المالي2005/2006. وخلال الفترة بين العام 2002/2003 والعام 2005/2006، حافظ معدل إنفاق القطاع الخاص على مستوى ثابت نسبته 83.4 في المائة من إجمالي الإنفاق، حيث نما بمعدل سنوي مركب نسبته 6.8 في المائة خلال نفس الفترة. أما معدل إنفاق القطاع العام فقد بلغ ما متوسطه 16.6 في المائة من إجمالي الإنفاق خلال نفس الفترة، وبمعدل سنوي مركب نسبته 2.4 في المائة. وكما يشير التكوين الإجمالي لرأس المال الثابت، فقد نما إجمالي الاستثمارات بنسبة 8.5 في المائة في العام 2005/2006، وبمعدل سنوي مركب نسبته 7.8 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006 ليبلغ 152,741 مليار ريال إيراني في العام 2006/2005.

نما صافي الصادرات بنسبة 13.2 في المائة في العام 2005/2006 جراء الزيادة الهائلة في الصادرات النفطية وغير النفطية، بالإضافة إلى الزيادة الطفيفة في حجم الواردات. وخلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006 نما صافي الصادرات بمعدل سنوي مركب نسبته 70.2 في المائة، ممثلا ما نسبته 5.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي ليبلغ 22,035 مليار ريال إيراني في العام 2005/2006. في حين أنه بلغ 25,376 مليار ريال إيراني أو ما نسبته 6.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2004/2005.

يدل تعدد المساهمات في الناتج المحلي الإجمالي على تنوع اقتصاد الدولة مع تسجيل قطاع الخدمات لأعلى نسبة مساهمة. وما زالت تركيبة الاقتصاد الإيراني تعتمد على النفط كمصدر رئيسي لدخلها من العملة الصعبة. والجدير بالذكر أن مساهمة النفط في الناتج المحلي الإجمالي قد انخفضت لتصل نسبته إلى 11 في المائة في العام 2005/2006 مقابل 11.5 في المائة في العام 2004/2005، وخلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006، ساهم قطاع النفط في إيران بنسبة 5.4 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، وهي ثاني أقل مساهمة بعد قطاع التشييد. ويعزى هذا التراجع إلى جهود الحكومة من أجل تنويع قاعدة إنتاجها، علاوة على قلة الاستثمارات في البنية التحتية للقطاع النفطي. إلا أن الإيرادات النفطية لا تزال تشكل 81.4 في المائة من أرباح الصادرات لتساهم بنسبة 11 في المائة من إجمالي الناتج الإجمالي المحلي في العام 2005/2006. والجدير بالذكر أن معدلات النمو في القطاع النفطي في إيران قد تأثرت بشكل ملحوظ بالتغيرات التي طرأت على أسعار النفط ومستويات إنتاجه، حيث تلتزم إيران بحصص منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي يتم تغييرها من وقت لآخر.

نما قطاع الخدمات بنسبة 5.6 في المائة في العام 2005/2006 ليبلغ 215,969 مليار ريال إيراني. وخلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006، حافظ قطاع الخدمات نسبيا على نسبة مساهمته من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي والبالغة حوالي 50 في المائة، وهو ما جعل قطاع الخدمات أكبر القطاعات تأثيرا على الاقتصاد الإيراني. وبالرغم من ذلك، حقق القطاع نمو سنوي مركب طفيف بلغت نسبته 4.9 في المائة خلال الفترة المذكورة، وهو ما يشير إلى أن الاقتصاد الإيراني يتحرك ببطء بعيدا عن كونه اقتصاد يعتمد على قطاع الخدمات واتجاهه إلى كونه اقتصادا صناعيا. كما أنه يدل على أن قطاعي التصنيع والصناعة هما الأعلى من حيث معدلات النمو المسجلة طوال هذه الفترة.

نما قطاع الصناعة والتعدين على أساس سنوي بنسبة 6.7 في المائة في العام 2005/2006، وبنمو سنوي مركب نسبته 7.6 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006 ليبلغ 103,975 مليار ريال إيراني. في حين نما قطاع التصنيع على أساس سنوي بنسبة 7.2 في المائة في العام 2005/2006، كما حقق معدل نمو موحد نسبته 9.7 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006، وهو الأعلى من بين جميع القطاعات ليبلغ 80,328 مليار ريال إيراني. هذا وقد حافظ كلا من قطاع الصناعة والتعدين وقطاع التصنيع نسبيا على نسبة مساهمتهما في الناتج المحلي الإجمالي خلال العامين 2004/2005 و2005/2006 بنسبة 24.5 في المائة و19 في المائة على التوالي. وقد بلغ الإنتاج الصناعي في إيران مستويات مرتفعة على مدى عدة أعوام. ووفقا لصحيفة "إيران دييلي" تحتل إيران المركز الرابع على مستوى العالم في مجال بناء السدود. كما تمتلك القدرة على بناء محطات الطاقة الكهربائية، شق الطرق، مد خطوط السكك الحديدية، بناء المستودعات الضخمة، بناء المرافق البتروكيمياوية والنفطية، فضلا عن تصنيع الأجهزة الإلكترونية المتطورة.

وخلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006، نما قطاع النفط في إيران بمعدل سنوي مركب نسبته 5.4 في المائة. إلا أن قطاع النفط قد حقق نموا ضئيلا خلال العام 2005/2006 بلغت نسبته 0.6 في المائة. وبالرغم من أن قطاع النفط يلعب دورا مهما في تكوين الاقتصاد الإيراني، إلا أن معدل النمو الطفيف في العام 2005/2006 جاء نتيجة عدة عوامل، أهمها الانخفاض في حجم المخزون النفطي الإيراني، انخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية في القطاع النفطي، إلى جانب النقص في قدرات التكرير لتغطية الطلب المحلي على الغاز والمنتجات المكررة الأخرى. ومن ناحية أخرى فمن الجدير بالذكر أن الحكومة اتخذت بعض الإجراءات لمعالجة بعض المشاكل التي تواجه صناعة النفط في البلاد، علما بأن هذه الإصلاحات ستؤثر وبشكل ملحوظ على الطاقة الإنتاجية للنفط. نذكر من هذه الإصلاحات خصخصة الأصول النفطية المملوكة للدولة، مرونة سعر الصرف، تبسيط إجراءات التجارة الخارجية، إنشاء صندوق لاستقرار الإيرادات النفطية، توسيع البنية التحتية لمصافي النفط، بالإضافة إلى محاولة التقليل من استخدام الغاز عن طريق الاقتصاد في استهلاكه، السيطرة على أسعاره، التحول إلى المنتجات غير النفطية. 

 وفيما يتعلق بقطاع الزراعة في إيران فمازال يلعب دورا فعالا في ازدهار الاقتصاد. حيث تبلغ مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للعام 2005/2006 ما نسبته 13.7 في المائة مع نمو سنوي نسبته 7.1 في المائة، وهو يعتبر ثاني أعلى معدل نمو بعد النمو الذي حققه قطاع التصنيع والبالغة نسبته 7.2 في المائة. وخلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006، نما القطاع الزراعي بمعدل سنوي مركب نسبته 5.4 في المائة ليبلغ 58,391 مليار ريال إيراني.

التمويل العام
أثبت الوضع المالي لجمهورية إيران أنه شهد توسعا مذهلا خلال العام 2005/2006. فقد وضعت الحكومة في العام 2005/2006 هدفا نصب عينيها وهو محاولة تقليل العجز المالي عن طريق زيادة الإيرادات والتحكم بالإنفاق. وبالرغم من ذلك سنت قوانين للتقليل من واردات الغاز المرتفعة والإعانات الغذائية، ولتزويد المدرسين بدخول في نفس مستوى باقي موظفي القطاع العام.   

ونتيجة لذلك، ارتفع الإنفاق الحكومي خلال العام المالي 2005/2006 ليساهم بنسبة 35.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، في حين ساهمت الإيرادات بنسبة 27.6 في المائة. فقد وصل الإنفاق في العام 2005/2006 إلى 597,759 مليار ريال إيراني، محققا بذلك ارتفاعا بنسبة 57.3 في المائة عن الأرقام المسجلة في العام السابق. ومن ناحية أخرى، ارتفعت الإيرادات الحكومية بنسبة 85.7 في المائة في نفس العام لتبلغ 467,250 مليار ريال إيراني. وخلال الأعوام المالية الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006 حققت الإيرادات الحكومية نموا سنويا مركبا بنسبة 96.1 في المائة بفضل ارتفاع الإيرادات النفطية وغير النفطية بنسبة 98.9 في المائة وارتفاع إيرادات الضرائب بنسبة 59.4 في المائة.

وقد ازدادت الإيرادات المتأتية من طرح الأصول غير المالية بنسبة 23.7 في المائة نتيجة لزيادة الإيرادات النفطية (متضمنة بيع النفط الخام والمنتجات النفطية وتصدير النفط الخام بدلا من الوقود) لتبلغ 186,342.4 مليار ريال إيراني في العام 2005/2006. ولا يخفى أيضا ذكر أن الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة قد ساهم أيضا في ارتفاع الإيرادات، على الرغم من القيود المفروضة على الواردات النفطية الإيرانية من قبل المجتمع الدولي، وانخفاض الطاقات اللازمة للتنقيب عن النفط نتيجة لندرة الموارد والخبرة التكنولوجية المتخصصة بذلك. والجدير بالذكر أن الإيرادات المتأتية من طرح الأصول المالية قد ساهمت بنسبة 4.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي  لتستقر عند 83,380.8 مليار ريال إيراني. وتضمن بيع الأصول المالية كل من الإيرادات الناتجة عن بيع أوراق مساهمة (سندات البنك المركزي المتوافقة مع الشريعة الإسلامية)، القروض الأجنبية، الانسحاب من صندوق استقرار النفط، خصخصة الإيرادات والإيرادات المرحلة من العام السابق. حيث ازدادت الإيرادات المرحلة من العام السابق والتي تخص الأصول المالية بمعدل هائل نسبته 140.7 في المائة خلال العام 2005/2006 وسجلت معدل نمو سنوي مركب نسبته 58.1 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2001/2002 إلى العام 2005/2006 لتبلغ 3.073 مليار ريال إيراني. هذا وقد قدرت الحكومة الإيرانية زيادة في الموازنة نتيجة الزيادة في الأصول المالية عن العام الماضي لتبلغ 5,300 مليار ريال إيراني في العام 2006/2007. كما رفعت الحكومة الإيرانية معدل الاقتراض الخارجي في العام 2005/2006 ليبلغ 622.1 مليار ريال إيراني، أي بزيادة نسبتها 119.4 في المائة. هذا وقد تم إنشاء صندوق استقرار النفط لتجميع دخل النفط غير المقدر من أجل استثمارات البنية التحتية، إلى جانب ضمان استقرار الموازنة في حالة انخفاض أسعار النفط. حيث ازداد السحب من صندوق استقرار النفط في العام 2005/2006 بنسبة 8.8 في المائة ليصل إلى 69,383.4 مليار ريال إيراني بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 9.6 في المائة خلال فترة الأربع سنوات الممتدة من العام 2002/2003 وحتى العام 2005/2006. وانخفضت الإيرادات المتولدة عن بيع أوراق المساهمة التي يصدرها البنك المركزي بنسبة 44.6 في المائة خلال العام 2005/2006 لتستقر عند 6,834.9 مليار ريال إيراني. ومن ناحية أخرى بدأت جهود الحكومة الموجهة نحو الخصخصة في أواخر الثمانينيات حيث تم تنشيطها في أواخر التسعينيات. إلا أن الهياكل القانونية والتشريعية المعقدة منعت التنفيذ الفعال للبرنامج، حيث واصلت إيرادات الخصخصة هبوطها لتنخفض بنسبة 36.5 في المائة خلال العام 2005/2006 وبمعدل سنوي مركب نسبته 40.2 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 وحتى العام 2005/2006.

ارتفعت أيضا إيرادات الضرائب بنسبة 59.4 في المائة خلال العام 2005/2006 لتبلغ 134,574.4 مليار ريال إيراني، مسجلة بذلك نموا سنويا مركبا بنسبة 38.6 في المائة خلال الفترة الممتدة من العام 2002/2003 إلى العام 2005/2006. وساهمت إيرادات الضرائب بنسبة 28.8 في المائة من إجمالي الإيرادات في العام 2005/2006. وهى تتضمن الضرائب المباشرة وغير المباشرة. وتشتمل الضرائب المباشرة على ضرائب الشركات، ضرائب الدخل، بالإضافة إلى ضرائب الثروة. حيث تساهم ضرائب الشركات بالنسبة الأكبر من إجمالي الإيرادات وبنحو 13.8 في المائة. في حين استقرت ضرائب الثروة وضرائب الدخل عند 0.9 في المائة و3.3 في المائة على التوالي في العام 2005/2006. أما الضرائب غير المباشرة فقد ساهمت بنسبة 10.8 في المائة من الإيرادات الحكومية في العام 2005/2006 وهى أقل بقليل من الضرائب المباشرة. وتتكون الضرائب غير المباشرة من ضرائب الإيرادات والضرائب على السلع والخدمات. والجدير بالذكر أن الضرائب على السلع والخدمات قد ارتفعت خلال العام 2005/2006 بنسبة 54.6 في المائة في الوقت الذي ارتفعت فيه الضرائب على الواردات بمعدل متواضع نسبته 8.7 في المائة. وفيما يتعلق بنسبة المساهمة في إجمالي الإيرادات الحكومية، فقد بلغت نسبة مساهمة ضرائب الواردات في إجمالي الإيرادات 7.7 في المائة في الوقت الذي بلغت فيه نسبة مساهمة الضرائب على السلع والخدمات 3.1 في المائة.

ومن الضروري أن تتخذ الحكومة خطوات جادة فيما يتعلق بتقوية إدارة الضرائب والسيطرة على دافعيها. كما يتحتم عليها أن تبحث عن تقديم ضرائب القيمة المضافة من البرلمان خلال العام القادم حيث أنها تقدم دخل مستقر ومرن للحكومات، كما أنها تعمل على توسيع النظام الضريبي، تدعيم الاستثمار والإنتاج، كما تعمل على جعل الأنشطة والصفقات الاقتصادية أكثر شفافية وتيسر تنفيذ أنواع الضرائب الأخرى.

ونتيجة للأداء القوي للضرائب المباشرة، الارتفاع في النفقات الجارية والرأسمالية والارتفاع الكبير في الإيرادات غير النفطية، نتوقع أن يستمر التوسع المالي في إيران خلال العام 2007/2008. وبالرغم من ذلك، فإننا نعتقد أن التحدي الأكبر الذي سيواجه الحكومة الإيرانية لكي تجعل العجز المالي يتفق مع تقديراتها المخططة هو خفض إعانات الدولة الحالية. ما سيكون من شأنه تحسين الموقف المالي العام كما سيترك مجالا للإنفاق الاجتماعي وسيوفر الموارد الإضافية اللازمة لبدء المشاريع التي ستؤدي إلى تحسين وضع التوظيف في إيران.

© 2007 تقرير مينا(www.menareport.com)