على طول الطرق الرئيسة في البقاع، تمتد بسطات خضار وفاكهة، علّ عبرها يتمكن المزارعون من تصريف إنتاجهم الذي بدأ يتكدس، في ظل أزمة إقفال المعابر الحدودية.
فهذه البسطات رأى فيها أصحابها بديلاً إلزامياً لتصريف الكميات التي لم تعد تستوعبها البرادات والشاحنات الممنوعة من العبور إلى الداخل السوري وصولاً إلى مقصدها في الأسواق العربية والخليجية.
ويعبر عدد من أصحاب البسطات والمصدرين لـ"السفير" عن وضعهم الذي يزداد سوءاً، مشيرين إلى الكأس المرّة التي يتجرعونها بسبب توقف التصدير الزراعي البرّي عبر الطريق الدولية المقطوعة على طول الحدود اللبنانية – السورية.
ويوضحون أنهم لم يتمكنوا من التصدير عبر منطقة المصنع منذ حوالي أربعين يوماً، ملمّحين إلى أن هذا الإقفال تخطى مخاطر العبور بسبب الوضع الأمني على طريق درعا الدولي، إلى ما يمكن تسميته بـ"الإقفال السياسي التام" في وجه حركة الشحن بين لبنان وسوريا.
في موازاة ذلك، تتفاقم حجم الخسائر المالية التي يتكبدها الجانب اللبناني يومياً، إن كان عبر مؤسساته الاقتصادية المرتبطة بحركة الشحن البري، أو عبر خسائر الخزينة المالية من الرسوم العائدة لها من حركة الشحن تصديراً أو استيراداً، ناهيك عن نكبة مكاتب التخليص الجمركي والمزارعين وأصحاب الشاحنات والبرادات المحجوزة في جديدة يابوس والتي يصل عددها إلى ما يزيد عن 650 شاحنة.
وتفيد مصادر مواكبة لملف الأزمة الحدودية "السفير" بأن "المسألة باتت محصورة بقرار أمني سوري، ويبدو أن إلغاء مفاعيله مرتبطة بخطوة سياسية لبنانية يطلبها الجانب السوري، ويصرّ عليها"، إذ تكشف هذه المصادر "أن الجانب السوري أبلغ كل من يعنيهم الأمر وممن راجعوه في موضوع الحدود، بأن مطلبه الأساس هو اتصال رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان بالرئيس السوري بشار الأسد، كمدخل لبحث موضوع الأزمة الحدودية".
الخلفية السياسية للأزمة الحدودية، والتي انتقلت حالياً، إلى حدود العبدة شمالاً أيضاً، مع توقف حركة الشحن البري بفعل تدابير اتخذها الجانب السوري، حتم على أصحاب مكاتب التخليص الجمركي ووسائط النقل والنقابات التصديرية إن كانت زراعية أو صناعية، تعديل بوصلة تحركاتهم التي ستتوجه عقاربها بدءاً من الأسبوع الحالي، نحو الرئاسة الأولى التي وصل إلى مسامعها هذا التحرك، في ظل تناقل روايات وأخبار من قبل قادمين من سوريا أن "القرار السوري بإقفال الحدود هو رد فعل على الموقف اللبناني الرسمي من الأحداث السورية، خصوصاً في الاجتماع الأخير الذي عقدته الجامعة العربية في العاصمة القطرية الدوحة، وما تخلله من إشغال مقعد سوريا لمصلحة المعارضة".
في وقائع الحركة اليومية في منطقة المصنع، يلحظ جمود تام يخرقه عبور بعض الشاحنات المقبلة من سوريا، التي تدخل الساحة الجمركية الفارغة في المصنع، وهي شاحنات يصدق القول فيها بأنها حظيت بسمسار حدودي كسب بدل أتعابه ما يوازي 2500 دولار أميركي، وهو المبلغ المطلوب لفتح الطريق أمام عبور بعض الشاحنات!
في المقابل، يشير مزارعون إلى "انهيار تام في أسعار السلع الزراعية من خضار وفاكهة، إذ لم تعد تجد سوى جوانب بعض الطرقات مكاناً للتصريف".