أشار بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي الأخير إلى أن مبيعات العقار قد تراجعت خلال شهر يناير الماضي، مسجلة بذلك أول تراجع شهري لها منذ شهر سبتمبر من العام 2009، وذلك بعد أن كان نشاط سوق العقار قد شهد تصاعداً ملحوظاً في نهاية العام الماضي. فقد بلغ عدد الصفقات العقارية في جميع القطاعات (السكني والتجاري والاستثماري) 387 صفقة، منخفضاً بواقع 34% عن الشهر الأسبق. ومع ذلك، من المستبعد أن يكون هذا التراجع قد جاء نتيجة ضعف في مقومات السوق الرئيسية. فإلى جانب التذبذب الشهري في عدد الصفقات، سبق وأن أشار الوطني في تقرير الشهر الأسبق إلى أن التحسن الكبير الذي طرأ على نشاط السوق في نهاية عام 2009 جاء بسبب عدد من الصفقات الكبيرة وغير الاعتيادية في مبيعات الأراضي من جانب القطاع الخاص. وبما أن شهر يناير لم يشهد مثل هذه المبيعات، فإن نشاط السوق قد عاد تقريباً إلى مستوياته التي سادت منتصف عام 2009. وتشير توقعات الوطني إلى أن مستوى الصفقات خلال عام 2010 سيرتفع بشكل تدريجي وبدعم من القطاع السكني.
ومن حيث قيمة الصفقات، لحظ الوطني إنخفاضها بشكل ملحوظ، فقد تراجعت قيمة مبيعات العقار بواقع 29% عن شهر ديسمبر لتبلغ 116 مليون دينار. ومع أن الزيادة في مبيعات العقار لا تزال مرتفعة جداً على أساس سنوي (بنسبة 48%مقارنة مع شهر يناير من العام السابق)، إلا أن ذلك يعزى بالدرجة الأولى إلى الضعف الحاد في المبيعات خلال شهر يناير من العام الماضي.
وبالنظر إلى عدد الصفقات أو قيمها، يلاحظ أن هنالك فجوة بدأت بالظهور بين أداء القطاعات العقارية المختلفة، مع ثبات أو تحسن في أداء قطاعي السكني والاستثماري (الشقق) مقابل استمرار ضعف أداء القطاع التجاري. ومن المرجح ان يعكس ذلك أحد مقومات السوق في المدى المتوسط، وهو نقص المعروض في القطاع السكني مقابل نمو كبير في العرض وقيود تمويلية في القطاع التجاري.
العقار السكني
وعلى مستوى القطاع السكني، أشار الوطني إلى أن عدد الصفقات خلال شهر يناير قد تراجع بواقع 40% عن مستواه لشهر ديسمبر ليصل إلى 285 صفقة. ومع ذلك، لايزال هذا العدد يتجاوز متوسطه للنصف الأول من عام 2009 والبالغ 238 صفقة. ويعزى السبب الرئيسي لهذا التراجع مقارنة بالشهر الأسبق إلى تدني مبيعات الأراضي. وكانت مبيعات الأراضي قد سجلت مستويات غير اعتيادية مؤخراً، متأثرة بلا شك بموافقة الحكومة على إنجاز بعض مشاريع البنية التحتية في بعض المناطق. وعند استثناء مبيعات الأراضي، يلاحظ أن عدد مبيعات البيوت قد سجل في الواقع ارتفاعاً طفيفاً خلال شهر يناير عن الشهر الأسبق.
العقار الاستثماري
وأشار الوطني إلى أن مبيعات القطاع الاستثماري خلال شهر يناير ظلت ثابتة عند مستواها لشهر ديسمبر والبالغ 102 صفقة. وبشكلٍ عام، يبدو أن النشاط في هذا القطاع قد تحسن إلى حد ما عن مستوياته المنخفضة التي سادت النصف الأول من عام 2009.
ومن حيث القيمة، فقد شهدت المبيعات تحسناً كبيراً لتبلغ ضعف مستوياتها المسجلة في بعض الأوقات خلال النصف الأول من عام 2009. وهذا قد يوحي إلى انتعاش في أسعار القطاع الاستثماري لتعود إلى وضعها الطبيعي، بعد تعرضها لضربة قوية خلال عام 2008 ومطلع عام 2009 نتيجة التخوف الذي ساد في تلك الفترة حول درجة تأثير الأزمة العالمية على الاقتصاد الكويتي والذي كان في ذروته. وبالفعل، فإن الهبوط الذي حدث مسبقاً في الأسعار قد يكون أحد العوامل التي تفسر السبب وراء الانتعاش السريع في مستوى الصفقات، كما أن العقار الاستثماري قد أصبح يتمتع بجاذبية أكبر مقارنة مع الأصول الأخرى.
العقار التجاري
أما القطاع التجاري فلم يسجل أي صفقة خلال شهر يناير، مقابل أربع صفقات تمت في شهر ديسمبر وما متوسطه 6 صفقات شهرياً خلال عام 2009. ومع أن النشاط ضمن القطاع التجاري قد يتغير من شهر إلى شهر وبشكل ملحوظ، إلا أن الوطني يرى أن ما نشهده من تطورات في هذا القطاع يدل على حالة ضعف عام، فهذا هو الشهر الثاني منذ فترة 5 اشهر الذي لم تسجل فيه أي صفقة. إذ أن ضعف الطلب والقيود التمويلية وغياب الثقة عوامل قد تكون أسهمت في ضعف أداء القطاع التجاري.
قروض بنك التسليف والادخار
وبالنسبة إلى القروض المقررة من بنك التسليف والادخار، فأشار الوطني إلى أن عددها قد تراجع خلال شهر يناير إلى 322 قرضاً، منخفضاً بواقع 9% عن الشهر الأسبق، وذلك عقب ارتفاعه لمدة ثلاثة أشهر متتالية. ومن حيث القيمة، فقد تراجعت قيمة القروض أيضاً بواقع 3% لتبلغ 9 ملايين دينار. وعقب تسارعه خلال منتصف العام 2008، يلاحظ أن عدد القروض المقررة قد تراجع بشكل حاد خلال العام 2009. وذلك يعزى في جانب منه إلى تدني عدد الأراضي المخصصة للتوزيع ضمن خطة البرنامج الحكومي الإسكاني. ويلاحظ أن الارتفاع في عدد القروض المقررة الحاصل مؤخراً يعود إلى توجه عدد اكبر من القروض لغايات الصيانة والترميم، وهذه بالطبع أقل قيمة عن مثيلاتها من قروض الشراء.
وأشار الوطني إلى بعض المؤشرات الدالة على إنتعاش نشاط القروض المقررة لشراء العقارات، والتي ارتفعت بواقع 15% خلال الأشهر الثلاثة السابقة. وقد ساهمت القروض المقررة لشراء المنازل القائمة، والتي لا ترتبط ببرنامج الحكومة السكني، بشكل كبير في هذا الارتفاع، حيث جاءت قريبة من ضعف مستواها الذي ساد في مطلع العام 2009، الأمر الذي قد يوحي إلى عودة الثقة للسوق. إضافة إلى ذلك، فإن عدد القروض المقررة للشراء قد يرتفع خلال الأشهر القادمة، مستفيداً من التسارع المتوقع في زخم توزيع الأراضي من جانب الحكومة.
© 2010 تقرير مينا(www.menareport.com)