الشراكة بين القطاعين العام والخاص في لبنان حلاً لتمويل كلفة تطوير البنية التحتية

تاريخ النشر: 22 مايو 2013 - 06:58 GMT
جانب من حفل افتتاح "المؤتمر المصرفي السنوي السادس"
جانب من حفل افتتاح "المؤتمر المصرفي السنوي السادس"

بدا حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة، حازماً في مسألة ضرورة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث "لم يبق أمام لبنان إلا اللجوء إلى الشراكة بينهما لتمويل كلفة تطوير البنية التحتية".

ولم يكن رئيس "جمعية مصارف لبنان" جوزف طربيه، بعيدا عن هذا الاطار، إذ شدد في حفل افتتاح "المؤتمر المصرفي السنوي السادس" الذي تنظمه شركة "فيرست بروتوكول" بالتعاون مع "مجموعة بنك عودة"، بعنوان: "الشراكة بين التمويل والاستثمار" في "فينيسيا"، على موضوع الشراكة بين القطاعين، مؤكداً أنّ القطاع المصرفي ينظر بإيجابية إلى هذا النظام، ويرى أن اعتماده في تنفيذ وإدارة بعض النشاطات العامة ذات الطابع الاستثماري سيؤثر إيجاباً في الاقتصاد اللبناني".

كما اعتبر الأمين العام لـ"المجلس الأعلى للخصخصة" زياد الحايك أن "الدولة لم تستطع أن تستثمر في البنى التحتية بسبب عجز موازنتها"، مشيراً إلى أن "القطاع الخاص لديه من التمويل ما يكفي، ومن الخبرة ما يطمئن، ومن الإقدام ما يفوق الحاجة للاستثمار في بنانا التحتية". ورأى أنّ "كل ما يلزمه هو استعداد الدولة للتعامل معه ولوضع النظم الشفافة التي تحمي مصالح الطرفين".

وفيما ألمح الحايك إلى أنّ "قانون الشراكة ما زال ينتظر أن يبصر النور لأن بعض الوزراء حاربوه طوال السنين الخمس الماضية، والسبب في ذلك يعود إلى تضارب المصالح"، أكد سلامة في كلمته في حفل الافتتاح أمس، أنّ "أهم عناصر خفض العجز في لبنان، وإيجاد بيئة أفضل لخلق فرص العمل، هو تطوير البنية التحتية من دون زيادة في مديونية لبنان".  إلاّ أنّ سلامة اعتبر أنّ "الصعوبة تتعدى الاتفاق السياسي على هذا القانون، وتصطدم بهواجس القطاع العام الخائف من أن يستغل القطاع الخاص نشاطات وقطاعات من المفترض أن تكون ملكاً للجميع، والقطاع الخاص متردد في مشاركة القطاع العام خوفاً منه بأن تنقلب الدولة على عقود الشراكة ولو كانت مبرمة". وقدّم سلامة صورة عن الوضع الاقتصادي المالي في ظل الأوضاع الصعبة والمناخ السياسي السائد، وتأثيرات الأزمة السورية، لافتاً الانتباه إلى "وجود تردد بسبب ما يجري حولنا في الدول العربية غير النفطية، ودول حوض المتوسط من أزمات تطال الثقة والقدرات الائتمانية لدول اقتصادها أكبر من اقتصاد لبنان". وأشار إلى أنّ "مصرف لبنان ومنذ بداية العام 2013، بنى سياسته على أساس توقعات غلب عليها الحذر، إضافة إلى عناصر داخلية تؤثر عادة على الاقتصاد، إذ كنا نتوقع حصول الانتخابات خلال العام الجاري في مقابل ما كان هناك من بحث في أمور اجتماعية في مقدمها سلسلة الرتب والرواتب".

وأشار إلى "مشروع تحفيزي للحفاظ على الحدّ الأدنى من الطلب على الاقتصاد داخلياً بعد تراجع الطلب الخارجي"، موضحاً أنّ صدى المشروع كان إيجابيا "بحيث أن الجزء المخصص للمشاريع قد استنفد كلياً، أما الجزء المخصص للإسكان فاستعمل منه إلى الآن نحو 70 في المئة".

طلب متزايد على التسليف

في المقابل، أكّد سلامة أنّ "هناك طلباً متزايداً على التسليف لتأمين الطاقة البديلة وقضايا بيئية"، لافتاً الانتباه إلى "دعم ميزانية المصرف المركزي من خلال بيع مليارين ونصف مليار دولار يوروبوند كانت في محفظتنا، واستبدلنا شهادات الإيداع بالليرة في آجال أبعد بعدما كانت تستحق في العام الحالي، ما سمح بتوفير ثقة أكبر من قبل الأسواق، والحفاظ على استقرار سعر صرف الليرة، ما أدى إلى استقرار في الفوائد ودعم الطلب على التسليف". وأفاد بأن "الودائع تنمو بمعدل سنوي 7 في المئة، والتسليفات بما يفوق الـ10 في المئة إلى الآن"، مؤكداً العمل "حتى لا تتعدى نسب التضخم الـ4 في المئة، علماً أنه يمكن أن تصل إلى 5 و5,5 في المئة كما كانت عليه في 2012". أما ميزان المدفوعات فإن وضعه أفضل بدءاً من تشرين الثاني 2012 فيما نسب النمو الاقتصادي تراوح بين 2 و2,5 في المئة، وبذلك، إذا ما أكملنا بالوتيرة نفسها التي شهدناها في الفصل الأول من العام الجاري، فإن لبنان بحاجة إلى نمو بنسب أعلى مما هي عليه اليوم، ليكون أعلى من نمو المديونية، لكن الظروف القائمة محلياً وإقليمياً تحد من إمكاناتنا لتحقيق هذا الهدف".

وبعدما رأى أن "التعويل على المصارف التجارية لتمويل مشاريع عقود البناء والتشغيل وإعادة الملكية (BOT)، رهان خاطئ"، أكد الحرص على أن "تطبق مصارفنا معايير الملاءة والسيولة المطلوبة في بازل -3، وأن تكون أموالها الخاصة الدعامة لكل هذه المعايير، وألا تستثمر في توظيفات طويلة الأمد". وأشار إلى أن "هذا المشروع المتكامل الذي يهدف إلى تطوير البنية التحتية من دون إرهاق الدولة بديون إضافية يتطلب اتفاقاً سياسياً على رؤية لمستقبل لبنان الاقتصادي. ينتج هذا الاتفاق قوانين تحفز القطاع الخاص على الاستثمار".

"لتقويم مناهجنا الاقتصادية"

من جانبه، لفت طربيه الانتباه إلى "وجوب إعادة تقويم مناهجنا الاقتصادية لإدارة المرحلة الحالية في ظل تراجع معدلات النمو الاقتصادي، وتصاعد المديونية العامة، وتراجع مستوى الخدمات الحكومية وتدهور البنية التحتية، وعدم توفر التمويل المناسب لتحديثها وتوسيعها". ورأى أنه "في وضع لبنان الاقتصادي الراهن، يمكن أن تشكل آلية مشاركة القطاع الخاص في إدارة وتشغيل مرافق القطاع العام، حلا لمعالجة معضلة تردي مستوى البنية التحتية، ووضع البلاد على السكة الصحيحة لمعالجة جزء من الحلقة المفرغة من عجز متكرر في المالية العامة وتنامي الدين العام". 

وكان افتتاح المؤتمر قد استهلّ بكلمة لمديرة التخطيط والاستراتيجيا في الشركة المنظمة فيوليت غزال البلعة. وقد حضر الافتتاح وزيرا الإعلام والصناعة وليد الداعوق وفريج صابونجيان، والوزيرة السابقة ريا الحسن، ورئيس "اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة" محمد شقير، رئيس "الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز" شارل عربيد، رئيس "تجمع رجال الأعمال" فؤاد زمكحل، رئيس "جمعية تجار بيروت" نقولا شماس، نقيب "الصناعات الورقية" فادي الجميل، رئيس "نقابة مقاولي الأشغال العامة" فؤاد الخازن، وشخصيات اقتصادية ومصرفية.