حمّل الخبير الاقتصادي اللبناني الدكتور شربل نحاس سياسة تثبيت النقد في لبنان مسؤولية خسارة حوالي 60 مليار دولار في خلال عقد تقريباً معتبرا انه كان يمكن استخدام هذا المبلغ لاطفاء اصل الدين العام وتوظيفه للتنمية الشاملة في جميع القطاعات والمناطق اللبنانية. وقال في مقابلة مع صحيفة "الخليج" الإماراتية :" ان هذه السياسة كانت سيئة للاقتصاد اللبناني، بدءاً من العام 1995 وقد انعكست آثارها السلبية على المالية العامة من خلال تضخم الدين العام بالاضافة الى تشوه الحركة الاقتصادية وتعثر المؤسسات وفقدان فرص العمل وازدياد الهجرة وتراكم عجز الميزان التجاري".
واشار نحاس الى ان الحكومة اللبنانية توقعت منذ العام 1994 ان تحقق المالية العامة التوازن بين النفقات والواردات عام 2000 وان يبلغ المعدل السنوي الفعلي للنمو حوالي 6% في الوقت نفسه، الا ان معدل النمو هذا لم يتعد 5.1% في خلال السنوات العشر الماضية. بينما استمرت المالية العامة تسجل عجوزات سنوية، نسبتها 20% من الناتج الوطني واذا احتسبنا الفارق بين ناتج معدله 5.1% وآخر 6% طيلة عقد من الزمن يتبين ان الزيادة لن تتخطى 15% في الحالة الاولى وانها سترتفع الى 60% في الحالة الثانية أي ان هذا الفارق سيصل الى اربعة اضعاف الناتج المحلي.
وأضاف :" اذا اعتبرنا ان الناتج كان في حدود 10 مليارات دولار عام ،1994 فستكون الخسارة على الدورة الاقتصادية، بكل اوجهها 30 مليار دولار تقريبا من جراء السياسات الاقتصادية المتبعة. وفيما كانت التقديرات الحكومية تتحدث عن ارتفاع الدين الذي كان يبلغ 7 مليارات من الدولارات عام 94 الى 60% مما كان عليه حينذاك ثم ينخفض تدريجياً حتى يزول نهائيا عام 2007 بيد ان ما تحقق هو بخلاف ذلك تماما، اذ انه ومن خلال متابعة المنحى المتحقق، يتوقع ان يقترب الدين العام من 50 مليار دولار عام 2007، أي بزيادة 3 مليارات دولار سنويا". واستناداً الى ذلك يرى نحاس ان “قيمة الفارق بين الخطة المرسومة والواقع الذي سيطرأ عام 2007 ستكون حوالي 50 مليار دولار واذا قارنا بينهما في الوقت الحاضر نرى ان الفارق لا يقل عن 30 ملياراً علما ان الدين العام سيلامس 40 مليار دولار نهاية العام الجاري اذا ما اخذ بالحسبان ما يترتب على الدولة من مستحقات لدى الضمان وغيره، وهذا ما جعل صندوق النقد الدولي يحيد عن التركيز على ضرورة اعادة النظر بسياسة تثبيت النقد”.
وفي قراءته للرابحين والخاسرين من جراء هذه السياسة يقول نحاس: “الرابحون فئتان، الاولى مالي جنت ارباحا طائلة من خلال توظيف اموالها في هذه الآلية وصادرته بفعل الفوائد، والثانية سياسية كرست لنفسها مواقع متأصلة بتوزيع المنافع وشراء الولاءات والاطباق على الحياة السياسية، أما الخاسرون فهم فئتان ايضا تضم الاولى مجمل الشعب اللبناني ولا سيما الفئات الشابة التي تسارعت وتائر هجرتها، حتى فاقت في زمن الانماء والاعمار معدلات الهجرة التي بلغتها اثناء الحرب وتضم الفئة الثانية الاجيال اللاحقة ، حيث ستمتد ازمة الدين لعقود مقبلة، فتدفع الضرائب الظاهرة والمستترة مما يقلص من مستويات معيشتها ويضيق من حرية قراراتها السياسية والاجتماعية”.
على صعيد أخر، واصل مرفأ بيروت في الفصل الاول هذا العام أداءه المتميز، الذي كان قد بدأه عقب إعلان الولايات المتحدة إنتهاء الأعمال الحربية التي قادتها على رأس قوات التحالف ضد النظام السابق في العراق. فبعد أن زادت إيراداته 5.25 في المئة سنة 2003 إلى أكثر من 75 مليون دولار مقارنة مع 71.2 مليوناً سنة 2002، تابع المرفأ تحصين موقعه في تجارة الترانزيت، وارتفعت إيراداته 28.8 في المئة الى 21 مليون دولار في الفصل الاول المنتهي في آذار الماضي، مقارنة مع 16.3 مليوناً في الفصل الأول 2003.
وأكدت مصادر المرفأ أن تحسن حركة الترانزيت الى العراق أسهم الى حد كبير في دفع الايرادات الى الصعود بهذه النسبة، لا سيما أن نقل السيارات الى العراق عبر المرفأ قد تحسن كثيراً، من ضمن زيادة مجملة لعدد السيارات المنقولة عبر المرفأ، والتي زاد عددها بنسبة قياسية بلغت 165 في المئة إلى 12.6 ألف سيارة في الفصل الأول، وذلك مقابل 4.7 آلاف سيارة في الفصل الاول 2003. ( البوابة)