قد يؤدي قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن إلى تعطيل وسائل التواصل الاجتماعي

تاريخ النشر: 03 أغسطس 2023 - 01:52 GMT
قد يؤدي قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن إلى تعطيل وسائل التواصل الاجتماعي
أقر مجلس النواب الأردني قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في أغسطس - (Shutterstock(

هل يعتبر قانون الجرائم الإلكترونية في الأردن لعام 2023 مقدمة لمزيد من التنظيم والضرائب؟

البوابة - قد تشير بعض المواد الواردة في قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن لعام 2023، الذي صادق عليه البرلمان يوم الثلاثاء، إلى أجندة تنظيمية أوسع لدى الحكومة من المخاوف المتعلقة بتكميم النقد العام وانتهاك الخصوصية.

مشروع القانون هذا، بانتظار موافقة الملك عبد الله الثاني، يقر الأسس القانونية للتنظيم التشريعي لشبكات ومنصات التواصل الاجتماعي.

فالمادة (37) من قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن لعام 2023 تنص على أن شركات التواصل الاجتماعي مطالبة بإنشاء مكاتب لها في الأردن، بحسب ما أوردته قناة المملكة.

أما عدم الامتثال لمواد القانون والفترات المحددة فيه، فسيعرض هذه الشركات لمجموعة متنوعة من العقوبات والاجراءات. والتي تتراوح من حظر الإعلانات على المنصات إلى فرض الغرامات وتقييد الوصول والنطاق، وصولاً إلى حظر المنصات تمامًا.

هل يعد قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن لعام 2023 مقدمة لفرض ضرائب على وسائل التواصل الاجتماعي؟

إن مطالبة شركات التواصل الاجتماعي بإنشاء مكاتب لها في الأردن يخدم غرضًا متعدد الأوجه.

قد يؤدي قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن إلى تعطيل وسائل التواصل الاجتماعي
أيقونات منصات التواصل الاجتماعي الشعبية - المصدر: Shutterstock

أولاً، فإن من شأنه أن يساعد – من حيث المبدأ – في توسيع نطاق السلطات الأردنية ليشمل المنشورات والمحتوى المتداول على منصات وشبكات التواصل الاجتماعي، محليًا وخارجيًا.

كما وأن ذلك سيشكل سابقة. وإذا أدركت الحكومة هذه الأهداف، فستكون قادرة – جزئيًا على الأقل – على التحكم في الرواية الشعبية حتى عندما فيما يخص بالموضوعات المتعلقة بالأردن. كما سيسمح ذلك للسلطات بفرض متطلبات قانونية محلية من شأنها إجبار الشركات على إدارة تطبيقاتها بناء على متطلبات كل بلد على حدة. وقد يشمل ذلك سياسات الخصوصية والمحتوى.

أما إن الخطوة التالية، فيما يتعلق بما إذا كان الأردن سيتمكن من تعزيز هذا التشريع بقوانين وأنظمة أخرى خاصة بالقطاع، وما إذا كانت شركات التواصل الاجتماعي ستتحمله وتلتزم به، فهذه قصة مختلفة تمامًا.

ثانيًا، من منظور تجاري وإقتصادي، فإن هسيؤدي أيضًا إلى توسيع نطاق الضرائب الحكومية ليشمل عمليات هذه الشركات في الأردن.

في الفترة بين عامي 2017 و 2018، اندلعت المعركة القانونية والتكنولوجية بين الحكومة الأردنية وسيارات الأجرة من جهة، وخدمات نقل الركاب، أوبر وكريم وسائقوها من جهة أخرى.

خلال معظم هذه الفترة، تم حظر هذه التطبيقات، ونفذت السلطات حملات موسعة لتغريم سائقيها. كما وكانت هذه واحدة من أول الحالات التي تم فيها حظر الشبكات الافتراضية الخاصة. لأنها ساعدت المستخدمين على التحايل على الحظر الذي تفرضه شركات الاتصالا على التطبيقات.

طالبت الحكومة حينها الشركات بأن يكون لها مكاتب في الأردن أيضًا وأن تدفع ضرائب على الخدمات التي تقدمها للناس في الأردن.

بالطبع، قاومت أوبر وكريم ذلك لأطول فترة ممكنة. لكنهم استسلموا في النهاية. واليوم، فهما من ضمن التطبيقات القليلة المسجلة رسميًا عبر مكاتب لها في الأردن، وهي خاضعة للضرائب.

قد يؤدي قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن إلى تعطيل وسائل التواصل الاجتماعي
قاومت أوبر وكريم لأطول فترة ممكنة ولكنهما استسلمتا في النهاية - المصدر: MyAmmanLife.com

بشكل عام، فإن فكرة أنهنالك  خدمة يستخدمها الأردنيون على نطاق واسع غير خاضعة للضريبة وغير منظمة وغير مرخصة من قبل هيئة حكومية أردنية لا تتوافق مع الحكومة. ناهيك عن أن سائقي سيارات الأجرة مارسوا ضغوطًا على الحكومة لأشهر حتى تقوم بحظر التطبيقات تمامًا، لأنها من المفترض أنها كانت تضر بأعمالهم.

عموما، فقد كان الدافع الذي أعلنت عنه الحكومة في ذلك الوقت هو خلق سوق أكثر عدالة للقطاع المحلي وسيارات الأجرة ووسائل النقل العام. وحمايته من السوق التنافسي العالمي الكبير، الذي تمثل بدخول أوبر وكريم السوق الأردني.

لكن عندما يتعلق الأمر بوسائل التواصل الاجتماعي، فما أو من الذي تحميه الحكومة؟

دوافع غير معلنة وراء قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن لعام 2023

تسعى الحكومة الأردنية جاهدة لخلق مصادر جديدة للدخل والضرائب لسنوات للمساعدة في تمويل العجز المتكرر في الميزانية.

منذ عام 2016 ، تم بذل العديد من الجهود وتنفيذ عدد من البرامج مع صندوق النقد الدولي لتوسيع القاعدة الضريبية في الأردن. وتم إدخال قوانين جديدة كإصلاحات للنظام الضريبي، إلى جانب إلغاء الدعم جزئيا. وهو ما أدى – ولو جزئيا – إلى احتجاجات عام 2018، والتي ساهمت في استقالة الحكومة في ذلك الوقت.

ومع ذلك ، فمن المحتمل انه من هنا جاءت الحكومة بالفكرة لفرض ضرائب على شرائح جديدة في الاقتصاد والمجتمع وخلق تدفقات جديدة للإيرادات.

وصحيح أن الحكومة انتصرت في المعركة ضد أوبر وكريم. لكن هل ستتمكن من ميتا (Meta) وتويتر (Twitter) التي أصبح اسمها إكس (X

هل ستلتزمميتا وتويتر بنصوص قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن لعام 2023؟

من المرجح أنهم لن يفعلوا ذلك. ومن المهم عند الاجابة عن هذا السؤال أن ندرك أن حجم السوق الأردنية يعد جانبًا أساسيًا فيما يتعلق بما إذا كانت شركات وسائل التواصل الاجتماعي ستستسلم كما فعلت أوبر وكريم في الأردن.

عالميا، تستحوذ أوبر وكريم مجتمعتان على حصة سوقية من 143 مليون مستخدم؛ 50 مليون مستخدم لتطبيق كرين و93 مليون مستخدمم لأوبر، وفقًا لبيانات الشركة الرسمية.

تقدرمنصة الاحصاءات العالمية ستاتيستا (Statista أن هنالك 1.9 مليون مستخدم لتطبيقات النقل في الأردن. ويشكل ذلك 1.3 بالمئة من السوق العالمي المشترك لأوبر وكريم.

والجدير بالذكر أن 1.3 في المائة من السوق العالمية هي نسبة معتبرة. كما وتعكس معدلات اختراق عالية، رغم القيود والتعقيدات الحكومية. كما وتقدر ستاتيستا أن عدد المستخدمين سينمو إلى 2.05 مليون مستخدم بحلول عام 2027.

لكن الحال نفسها لا تنطبق على منصات التواصل الاجتماعي. فهي عند الحد الأعلىمن  معدلات الاختراق، مع عدم وجود مقاومة ملحوظة، حتى الآن. مما يعني أن سوق منصات التواصل الاجتماعي في الأردن في ذروته.

لذا، ما مدى أهمية سوق الأردن بالنسبة لشركات التواصل الاجتماعي الكبرى ميتا وتويتر؟

Facebook users in Jordan
Find more statistics at NapoleonCat

اعتبارًا من يناير 2023، كان هناك 6.61 مليون مستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي3، وفقًا لموقع داتا ريبورتال (DataReportal.com) وتفصل منصة نابليون كات (Napoleon Cat)أن الأردن فيه 3.5 مليون و7.3 مليون مستخدم على انستاغرام وفيسبوك، على التوالي.

Instagram users in Jordan
Find more statistics at NapoleonCat

كما ولدى تويتر (المسماه إكس اليوم) أقل من مليون مستخدم في الأردن، وفقًا لما أوردته جريدة الجوردان نيوز.

أما عالميا، فاعتبارًا من أبريل 2023 ، لدى  فيسبوك ما يقارب 3 مليارات مستخدم نشط في جميع أنحاء العالم، وفقًا لداتا ريبورتال، ولدىانستاغرام 2.35 مليار مستخدم نشط، وفقًا لموقع ديمان سيج (Demand Sage).

قد يؤدي قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن إلى تعطيل وسائل التواصل الاجتماعي
أكثر منصات التواصل الاجتماعي استخدامًا في العالم أكتوبر 2022 -داتا ريبورتال

بعبارة أخرى، فإن سوق الأردن يشكل حوالي 0.14 بالمئة من سوق  انستاغرام لعالمي و 0.24 بالمية من سوق  فيسبوك العالمي.

وبالنسبة إلى تويتر، يشكّل سوق المستخدمين النشطين في الأردن 0.2 فقط من سوقها العالمي.

بعبارة أخرى، فإن حصة الأردن في السوق العالمية لشركات التواصل الاجتماعي العملاقة – من منظور تجاري – غير مهمة كثيرا بالنسبة للشركات، أو على الأقل ليست مهمة بما يكفي للتنازل عن سياساتها وتخضع للقانون الجديد في الأردن.

وكما أوضحنا سابقًا، فإن هنالك خطر إضافي ينضوي على ذلك وهو أن الامتثال لقانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن لعام 2023 سيشكل سابقة يمكن للدول الأخرى إستخدامه لإجبار الشركات على ذات الاشتراطات.

ماذا لو لم تمتثل شركات وسائل التواصل الاجتماعي لمتطلبات قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن لعام 2023؟

ما سيحدث غالبا، إذا تم تمرير القانون ودخل حيز التنفيذ، هو أنه سيتم حظر منصات وسائل التواصل الاجتماعي الرئيسية في غضون بضع سنوات.

نتيجة لذلك، ستظهر منصات جديدة في الأردن، كما ظهرت في إيران وحتى في كوريا الشمالية، والتي قد يكون من الصعب تنظيمها في الوقت الذي تزاح فيه شبكات التواصل الاجتماعي إلى الظل.

حتى الآن، فق تم تنظيم العديد من الاحتجاجات والإعتصامات خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقد تم تقديم مذكرات وعرائض إلى مجلس النواب ونقابة الصحفيين الأردنيين، قبل أن يصادق مجلس النواب على قانون الجرائم الإلكترونية الجديد في الأردن. ولكن دون جدوى.