بدت بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة بعد انسحاب قوات الاحتلال من المناطق التي اجتاحتها خلال الاسبوعين الأخيرين وكأن زلزالا قويا قد ضربها. وتقع بلدة بيت لاهيا الى الشمال الشرقي من مدينة غزة وتبعد عنها حوالي 7 كيلومترات وهي على منطقة رملية من أراضي السهل الساحلي الجنوبي وتحيط بها الكثبان الرملية من جميع جوانبها وتبلغ مساحة اراضي البلدة التي يطلق عليها الفلسطينيون السلة الزراعية لقطاع غزة 38400 دونم معظمها رملية ويقدر عدد سكانها بحوالي عشرة آلاف نسمة واستولت قوات الاحتلال على مساحات كبيرة من أراضيها وأقامت عليها مستوطنات "نيسانيت ودوغيت وايلي سيناي".
ويعمل غالبية أهل البلدة في الزراعة حيث تشتهر بزراعة التوت الأرضي "الفراولة" وتعتبر من أهم مصدريه كما تزود قطاع غزة بالمحاصيل الزراعية نظرا لخصوبة أراضيها وكانت قوات الاحتلال تمركزت خلال اجتياحها للبلدة في شوارع الحطبية والجمعية والمنشية ومنطقتي الشيماء والغبون ثم تراجعت لتتمركز في الجزء الشمالي الشرقي من حي المنشية في محيط منازل ابو زايدة والحبل وتعرضت المنطقة التي اجتاحها الاحتلال في بيت لاهيا لخسائر مادية كبيرة طالت عشرات المنازل السكنية اضافة الى تدمير وتخريب البنية التحتية. ووفقا لمركز الميزان لحقوق الانسان فان قوات الاحتلال هدمت ثلاثة منازل كليا وعشرة منازل اخرى بشكل جزئي وجرفت حوالي مائة دونم مزروعة بالفراولة والخضراوات والحمضيات والزيتون والفواكه وهدمت 5 محلات تجارية واتلفت عددا من المركبات، وذلك حسب ما ذكرته صحيفة الحياة الجديدة التي تصدر في فلسطين.
فيما أعرب عدد من مزارعي الفراولة عن حزنهم الشديد بعد تجريف مزروعاتهم وقال المزارع ابو سمير :" انه فقد جزءا كبيرا من مزروعاته تحت أنياب الجرافات وجنازير الدبابات"،فيما وصف رئيس بلدية بيت لاهيا محمد عادل المصري البلدة وكأنها تعرضت لزلزال كبير مشيرا الى الاضرار الكبيرة التي تفوق احتمال المواطنين مؤكدا ان الخسائر التي تكبدها هؤلاء المواطنون تقدر بحوالي نصف مليار دولار اضافة الى الخسائر التي لحقت بالممتلكات العامة والبنية التحتية. وأشار المصري الى ان مقبرة البلدة التي يوجد بها رفات عدد كبير من المجاهدين الأوائل لم تسلم هي الأخرى من أذى جنود الاحتلال مضيفا ان جرافات الاحتلال جرفت جزءا من هذه المقبرة كما اقتلعت الجرافات معظم الأشجار القديمة المزروعة منذ مئات السنين في هذه المنطقة وأعلن المصري بلدة بيت لاهيا منطقة منكوبة مؤكدا ان الهدف من العدوان وتجريف المزارع والأشجار قطع أرزاق أهالي البلدة الذين يعتمدون بشكل كبير على الزراعة مناشدا المجتمع الدولي التدخل لانقاذ البلدة.
من جهة ثانية، اعلن وزير الاشغال العامة والاسكان عبد الرحمن حمد ان الرئيس ياسر عرفات امر بصرف 1500 دولار لكل اسرة منكوبة وذلك لمساعدة عاجلة للمنكوبين في شمال غزة، واوضح حمد ان السلطة الوطنية شكلت لجنة طوارئ لمواجهة نكبة شمال غزة. وقدر حمد عدد المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال في شمال غزة خلال عمليتها العدوانية (أيام الندم) والتي استمرت اكثر من أسبوعين باكثر من (120) منزلا تم تدميرها بالكامل بالإضافة الى (200) منزلا هدمت بشكل جزئي.
وقال حمد لصحيفة الحياة الجديدة :" مئات الأسر باتت دون مأوى بينما فصل الشتاء على الأبواب"، مشيرا الى أن قوات الاحتلال اتبعت خلال عمليتها سياسيا الأرض المحروقة حيث جرفت مئات الدونمات الزراعية واشجار الحمضيات ومزارع التوت الأرضي بالإضافة الى آبار المياه. ووصف وزير الأشغال العامة والإسكان ما جرى في المنطقة الشمالية بالكارثة الإنسانية مطالبا المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لتوفير الإمكانيات الأساسية للأسر المنكوبة. واوضح وزير الإسكان العامة والأشغال بان تدمير إسرائيل لشبكة البنية التحتية والاتصالات والصرف الصحي يحتاج الى خطة عمل دولية متكاملة لاعادة اعمار المنطقة. (البوابة)