انتشار الوساطة والمحسوبية في المؤسسات الفلسطينية

تاريخ النشر: 01 مايو 2013 - 10:57 GMT
أوصى تقرير الفساد السنوي بتعديل صيغة الجرائم الاقتصادية المتعلقة بالأغذية والأدوية
أوصى تقرير الفساد السنوي بتعديل صيغة الجرائم الاقتصادية المتعلقة بالأغذية والأدوية

بيَّن تقرير سنوي لمراقبة أشكال الفساد في الأراضي الفلسطينية انتشارَ الوساطة والمحسوبية وهدر واختلاس المال العام في المؤسسات الرسمية والخاصة والأهلية، إضافة إلى انتشار التزوير والاستغلال وظواهر أخرى. وخلص التقرير السنوي لمؤسسة «الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة» (أمان)، أن أبرز أشكال الفساد في المجتمع الفلسطيني «اختلاس المال العام، وغسل الأموال، وإساءة الائتمان، واستغلال الوظيفة العامة لأغراض خاصة، والوساطة، واستمرار غياب نظام رسمي يحدد حالات تضارب المصالح وآليات الحد منها في إدارة الشأن العام».

ويرصد التقرير السنوي للائتلاف الفلسطيني من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) لعام 2012 والذي أُعلن الأربعاء في مدينة رام الله بـالضفة الغربية، أشكال الفساد في القضايا المنظورة أمام محكمة الفساد، ومن خلال استطلاع للرأي أجرته المؤسسة. ووفق التقرير فإن أبرز قضايا الفساد التي عُرضت على محكمة جرائم الفساد منذ بدء عملها حتى آخر سبتمبر 2012 بلغ 41 قضية تتعلق باختلاس المال العام وغسل الأموال والتزوير وإساءة الائتمان واستغلال الوظيفة لأغراض شخصية. واستند التقرير الذي أُعلن عنه خلال مؤتمر عقدته المؤسسة تحت شعار «إهدار المال العام، رفاهية لا يتحملها الواقع الفلسطيني»، بحضور رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض، إلى الحالات التي نظرت فيها محكمة جرائم الفساد، والبالغة 41 قضية.

وجاء في التقرير أن «الجرائم المنظورة أمام المحكمة تظهر وجود جرائم اختلاس مال عام، وغسل أموال، وتزوير، وإساءة ائتمان، واستغلال الوظيفة لأغراض خاصة». وأشار التقرير إلى أن بعض المتورطين فيها من كبار الموظفين ورؤساء دوائر حكومية، بالاشتراك مع موظفين آخرين. وكانت المحكمة قد أصدرت حكماً في 12 قضية من هذه القضايا عام 2012. وجاء في التقرير أنه «لوحظت خلال 2012 زيادة الملاحقة للصحفيين والكتاب والمدونين واستجوابهم من النيابة العامة وتقديم بعضهم للمحاكم في الضفة الغربية أو قطاع غزة، وتم إغلاق 8 مواقع إنترنت». وقال الائتلاف: إن إعادة بناء صرح الرئيس الراحل ياسر عرفات نموذجٌ على هدر المال العام، مشيراً إلى أن العيوب والمشاكل بدأت في الظهور في أركان المبنى بعد مضي أقل من 4 سنوات على الانتهاء من بناء المشروع الذي بلغت كلفته نحو مليون ونصف المليون دولار. واعتبر أن الخطوط الجوية الفلسطينية تشكل نموذجاً آخر على إهدار المال العام، مشيراً إلى أن مجلس الإدارة غائبٌ منذ تسع سنوات، وموظفي الشركة البالغ عددهم 220 موظفاً لا يعملون، كما طالب بالرقابة على السفارات. وخلص إلى أن «نظام النزاهة في المؤسسة الأمنية عام 2012 جيد، لكنه ما زال مقلقاً»، مشيراً إلى أنه جرت محاكمة عدد من المسؤولين في وزارة المواصلات بتهم الفساد، وأن بعض الجامعات الفلسطينية لا يعمل بشفافية، ولا يخضع للمساءلة. وتابع أن بعض المؤسسات الحكومية يعمل من دون مرجعية، مثل مجلس التنمية والإعمار (بكدار)، وسلطة المياه الفلسطينية وغيرها. ودعا الائتلاف إلى إعادة النظر في الهيكلية العامة لمؤسسات السلطة الوطنية باتجاه تقليص عدد المؤسسات العامة غير الوزارية، مشدداً على ضرورة «تغيير السياسات المالية الفلسطينية باتجاه وقف استنزاف أموال الخزينة العامة، وإصدار نظام يحدد حالات تضارب المصالح وآليات الإفصاح عند وجودها في القطاع العام، وعند انتقال الموظفين من القطاع العام إلى الخاص». وطالب بوقف شراء المركبات الحكومية ووقف استئجارها وبيع فائض المركبات في الأجهزة الأمنية، وضرورة محاسبة المسؤولين الذين يرفضون التزام تنفيذ قرارات محكمة العدل العليا. وأشار التقرير إلى «استمرار وجود ظاهرة الأدوية والأغذية الفاسدة، في ظل عدم وجود عقوبات رادعة، والتعامل مع هذه الجرائم باعتبارها جنحاً». وطالب بالتعامل معها باعتبارها جريمة فساد، وتطبيق قانون حماية المستهلك لسنة 2005، الذي يوفر عقوبات رادعة، وإنشاء إدارة عامة لسلامة الغذاء والدواء. واعتبر التقرير استمرار عدم معالجة ظاهرة الديون الخاصة باستهلاك المياه والكهرباء على البلديات وشركات توزيع الكهرباء، مثالاً واضحاً على ما اسماه «هدر المال العام».

وقالت رئيسة مجلس إدارة «أمان» الدكتورة حنان عشراوي، «إن النتائج أظهرت أن واقع النزاهة في فلسطين تأثر باستمرار الانقسام الداخلي، وباستمرار تعطل المجلس التشريعي نتيجة لهذا لانقسام، وبعدم إجراء الانتخابات العامة»، مشيرة إلى أن ذلك أبقى السلطة التنفيذية من دون مساءلة. وأوضحت أن أبرز المؤشرات الإيجابية إلى نظام النزاهة الوطني يتمثل في: التقدم الذي حصل في إجراء الانتخابات المحلية في الضفة الغربية، والتوسع في تقديم إقرارات الذمة المالية، والتحسن في شفافية العطاءات التي تعقدها مديرية اللوازم العامة بوزارة المال، ومصادقة مجلس الوزراء على مدونة سلوك الوظيفة العمومية، وتشكيل لجنة وطنية لمتابعة الالتزام بالمدونة، بالإضافة إلى صدور قرار مجلس الوزراء بإلغاء شرط السلامة الأمنية لإشغال الوظائف العامة.

وأوصى تقرير الفساد السنوي بتعديل صيغة الجرائم الاقتصادية المتعلقة بالأغذية والأدوية، إلى جرائم فساد تندرج ضمن قانون مكافحة الفساد وتنظر بها محاكم جرائم الفساد، مع ضرورة نشر أسماء الشركات والموزعين الذين يساهمون في توزيع الأغذية والأدوية الفاسدة. وذكرت «أمان» أنها تستعد لإنشاء مرصد للرقابة على الموازنة العامة وتحليلها، وإصدار تقارير تقويمه لها خلال الأشهر المقبلة.

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن