فلسطين: خسائر بقيمة 100 مليون دولار بسبب إقامة ”المنطقة الأمنية العازلة” في شمال غزة

تاريخ النشر: 29 ديسمبر 2005 - 08:27 GMT

قدّر خبراء اقتصاديون الخسائر المادية، الناتجة عن إقامة المنطقة العازلة من قبل إسرائيل في شمال غزة، بعشرات ملايين الدولارات، في الثلاثة أشهر الأولى من إقامتها.وحذّر الخبراء من خطورة إقامة المنطقة على الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، وعلى اقتصاد قطاع غزة بشكل خاص.وأكدوا الخبراء أن إقامة المنطقة تستهدف بالدرجة الأولى الاقتصاد الفلسطيني، محذرين من الآثار المدمرة على اقتصاد منطقة شمال غزة.ودعوا السلطة والفصائل إلى تحمل مسؤولياتهم تجاه ما يجري، وتدارك الموقف.وأشار الخبراء الاقتصاديون إلى أن المنطقة، التي يشملها القرار الإسرائيلي، من أفضل المناطق الزراعية والاقتصادية في قطاع غزة، وتمثل 10% من مساحة القطاع الكلية.

وتبلغ مساحة الأراضي الزراعية في المنطقة نحو 20 ألف دونم، معظمها مزروع بمنتوجات ومحاصيل تصدر إلى الأسواق الخارجية، وتدر ملايين الدولارات على القطاع، إضافة إلى أن المنطقة تحتوي على أكبر مخزون جوفي من المياه العذبة في القطاع.وتوقع عمر شعبان، الباحث والخبير الاقتصادي، أن تصل خسائر القطاع المباشرة وغير المباشرة، من إقامة المنطقة العازلة في شماله، إلى 100 مليون دولار، خلال الأربعة أشهر الأولى من إقامتها.

وقال، وكما ذكرت صحيفة الأيام الفلسطينة،:" إن المنطقة المشمولة بالقرار الإسرائيلي تعتبر من الأراضي الزراعية المؤهلة من الدرجة الأولى، وتتميز بزراعتها التصديرية، إضافة إلى وجود أكثر من خمسة آلاف عامل يعملون في أراضيها".وحذّر من فقدان هؤلاء العمال لأماكن عملهم، بسبب الخوف من استهدافهم من قبل الطائرات والمدفعية الإسرائيلية التي تراقب المنطقة.وأضاف :" إن الخسائر الاقتصادية ستتفاقم مع طول فترة إقامة المنطقة"، مشيراً إلى أن الأضرار الناتجة عن إقامة المنطقة لا تتوقف على القطاع الزراعي فقط، وإنما تشمل القطاع الصناعي، خاصة وأن المنطقة العازلة تتواجد فيها منطقتان صناعيتان، هما منطقة إيريز الصناعية، التي تعمل السلطة الوطنية على إعادة تشغيلها، إضافة إلى منطقة بيت حانون الصناعية، ويعمل في هاتين المنطقتين نحو خمسة آلاف عامل.
وتوقع شعبان أن تذهب الآمال بإنعاش الاقتصاد الفلسطيني بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة أدراج الرياح، بعد إقامة المنطقة.

وتابع قوله:" إن إسرائيل، بإقامتها المنطقة العازلة، ضربت عرض الحائط بجميع الخطط التي رسمتها وتحدثت عنها المحافل الاقتصادية والدولية لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني، داعياً المجتمع الدولي، وعلى رأسه جيمس ولفنسون، ممثل الرباعية الدولية، إلى تحمل مسؤوليته تجاه ما تقوم به إسرائيل من تدمير للاقتصاد الفلسطيني".وأثنى شعبان على موقف السلطة الرافض للقرار الإسرائيلي، مطالباً إياها بتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري، وتغليب المصلحة الفلسطينية فوق أي اعتبار.وطالب المزارعين بالتشبث والتمسك بحقهم في زراعة أرضهم، وعدم الإذعان للتهديدات الإسرائيلية.وتوقع إحجام المستثمرين عن القدوم للاستثمار في قطاع غزة، في ظل الممارسات الإسرائيلية الخطيرة، التي ستؤدي إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني إذا لم يردعها المجتمع الدولي.كما ستؤدي إقامة المنطقة العازلة إلى تقليص الحركة التجارية بين تجار باقي أنحاء القطاع مع شماله، بسبب الخشية من القتل في حال دخول المنطقة.

وبدأت إسرائيل بتنفيذ إقامة المنطقة الآمنة العازلة، مطلع هذا الإسبوع ، رافقتها عمليات قصف من قبل المدفعية والطيران الإسرائيلي على مناطق متفرقة في القطاع، أدت إلى إصابة العديد من المواطنين، إضافة إلى ترهيب المواطنين في المنطقة.

من جانبه، قال د. معين رجب، الخبير الاقتصادي: إن إقامة المنطقة الأمنية العازلة في شمال غزة سيحرم آلاف المزارعين والعمال من مزاولة أعمالهم في مزارعهم ومناطقهم الزراعية، إضافة إلى تسببه في وقف عمليات التوسع العمراني واستغلال أراضي المنطقة في التخفيف من أزمة السكن، التي يعاني منها القطاع.وأشار رجب، في حديث لـ"الأيام"، إلى أنه لا يمكن حصر الأضرار المادية المترتبة على إقامة المنطقة العازلة، وتوقع أن تتجاوز الخمسين مليون دولار.وأعرب عن خشيته من قيام إسرائيل في المستقبل القريب من توسيع المنطقة العازلة، لتشمل مناطق أخرى، متوقعاً انهيار الاقتصاد الفلسطيني في حال عدم قيام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات رادعة ضد إسرائيل، لتثنيها عن إقامة المنطقة.

واستغرب رجب الصمت الدولي، وخاصة المنظمات الاقتصادية العالمية، وعلى رأسها البنك الدولي والدول المانحة، تجاه ما تقوم به إسرائيل من تدمير منهجي للاقتصاد الفلسطيني.ورغم التهديدات الإسرائيلية والمخاوف الذي زرعها التحليق المكثف للطيران الإسرائيلي في سماء المنطقة، إلا أن المزارعين أصروا على التوجه إلى مزارعهم للعمل فيها كالمعتاد، لكنهم لم يشعروا بأدنى درجات الأمان، رغم أن العديد منهم يبعد مئات الأمتار عن الحدود الإسرائيلية.وقال يوسف حمدونة، صاحب مزرعة في أقصى شمال المنطقة، انه لا خيار أمامه سوى التوجه إلى مزرعته، لأن مستقبله ومستقبل أبنائه أصبح مرتبطا بالمزرعة، فهو استثمر نحو 600 ألف شيكل فيها خلال العام الجاري، وذلك من خلال زراعة نحو 50 دونماً بالتوت الأرضي.

وقال لـ"الأيام" إنه يعرف أن حياته وحياة أكثر من أربعين عاملاً، يعملون معه في الأرض، مهددة بالخطر، لكن لا بديل عن المخاطرة، مشيراً إلى أن حياة المزارعين عادت إلى نقطة الصفر في الخوف والرعب، بعد تلاشي هذا الخوف قليلاً بعد الانسحاب الإسرائيلي من القطاع في الثاني عشر من شهر أيلول الماضي.وأصدرت وزارة الداخلية والأمن الوطني تعليمات مشددة إلى جميع قوات الأمن الوطني، تقضي بضرورة البقاء في مواقعها، ولجميع المواطنين التمسك بأرضهم ومنازلهم وحقهم بالبقاء فيها.

© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)