منذ اندلاع انتفاضة الأقصى في سبتمبر 2000 استهدفت سلطات الاحتلال الاسرائيلية وبتوافق بين المؤسستين العسكرية والاقتصادية تدمير الاقتصاد الفلسطيني من خلال تدمير المنشآت الصناعية مهما كان نوعها. وأكد المهندس فؤاد السمنة رئيس اتحاد الصناعات الهندسية والمعدنية في محافظات غزة أن إقدام قوات الاحتلال الاسرائيلي على تدمير 345 منشأة صناعية في القطاع منذ اندلاع انتفاضة الأقصى وحتى الآن يؤكد أن الهدف من ذلك ضرب وتدمير الاقتصاد الوطني الفلسطيني وإلحاق أكبر الخسائر به، والإبقاء عليه تابعا للاقتصاد الاسرائيلي فضلا عن نوايا اسرائيل الإبقاء على السوق الفلسطينية مكبا لنفاياتها من الصناعات الأقل جودة والأغلى سعراً .
وقال :" أن اسرائيل تنتج منتجات منافسة لمنتجاتها في السوق الفلسطينية، والتي تعد ثاني أكبر سوق بعد أوروبا للمنتجات الإسرائيلية". وأوضح أن من بين المنشآت 345 المدمرة هناك 129 منشأة خاصة بالصناعات المعدنية والهندسية، والباقي خاصة بالصناعات الإنشائية، والكيماوية والغذائية والخشبية. وذكر السمنة أن الخسائر الناجمة عن تدمير 129 منشأة صناعية بلغت أكثر من 12 مليون دولا ر أمريكي، حسب كشوف وإحصاءات رسمية أعدتها المؤسسات الحكومية و غير الحكومية المعنية بحصر حجم الخسائر. وأضاف، وكما ذكرت صحيفة الأيام الفلسطينية،:" إن نحو ألفي عامل كانوا يعملون في هذه المنشآت التحقوا جميعا بفعل التدمير الحاصل بطوابير البطالة المستفحلة أصلا في فلسطين، وأصبحوا يبحثون مثل آلاف غيرهم عن لقمة عيش تسد رمق الجوع لديهم وأطفالهم".
ونفى السمنة الإدعاءات الإسرائيلية والمبررات الواهية كافة، التي تسوقها حكومة الاحتلال للعالم بأن التدمير هدفه توفير الأمن للإسرائيليين، كون الاحتلال دمر حظائر للحيوانات، وبرادات ،وأماكن لتفريز الخضار وتعبئتها، وغير ذلك الكثير، ما يدل بشكل واضح لا يقبل التأويل أو الشك بأن التدمير هدفه تدمير الاقتصاد الوطني، حتى نعود الى سابق عهدنا سوقا استهلاكية للبضائع والمنتجات، التي يتعمدون انتاجها من خلال خطوط إنتاج خاصة بالفلسطينيين، كونها أقل جودة وأكثر خطراً على حياة وصحة الإنسان الفلسطيني.
وتابع قوله :" إن إغلاق المعبر المتكرر، لا سيما معبر المنطار التجاري '' كارني '' الذي يعتبر المنفذ التجاري الوحيد لقطاع غزة أمام عملية استيراد المواد الخام الأولية اللازمة للصناعة، وتشغيل المصانع، وتوفير فرص عمل لآلاف العمال العاطلين عن العمل، وحجز هذه المواد والمعدات والآلات في الموانئ الإسرائيلية، وإرغام أصحابها على دفع مبالغ باهضة تفوق ثمن المعدات نفسها، مقابل بدل تخزين، هو أكبر دليل على تدمير هذا الاقتصاد". وأكد أن كل ذلك أصبح يشكل عبئاً ثقيلا على السلطة الوطنية، التي تسعى جاهدة لتوفير الدعم الخارجي لأصحاب المنشآت من جهة، والعمال العاطلين عن العمل من جهة أخرى، موضحا أن أصحاب منشآت الصناعات المعدنية والهندسية لم يتوفر لهم حتى الآن الدعم الكافي واللازم لإعادة بناء منشآتهم من جديد والعودة الى العمل الى سابق عهدهم.
في سياق متصل للدلالة على الوضع الإقتصادي المتردي في فلسطين، حذر البنك الدولي في احدث دراسة له من ابعاد تطبيق خطة شارون في قطاع غزة دون رفع الحصار الشامل قائلا :" ان ذلك قد يؤدي الي زيادة نسبة البطالة في حين يتوقع هبوط نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي". وقالت الدراسة :" ان عودة الارض للفلسطينيين يجب ان تتزامن مع رفع اسرائيل لحصارها الشامل علي القطاع الذي تفرضه منذ أكثر من ثلاثة اعوام ونصف العام والذي يقيد الصادرات الي اسرائيل والدول المجاورة". وحذرت الدراسة من أن السلطة الفلسطينية قد تنهار اذا استمرت الازمة الاقتصادية الامر الذي ربما يقضي علي احتمالات تفاوض اسرائيل علي اتفاق سلام.
وأعرب البنك عن تشاؤمه في رؤية الانهيار الاقتصادي الفلسطيني بأنه سيكون أسوأ من الكساد الامريكي الكبير في الثلاثينات من القرن الماضي. وقال :" ان نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي انخفض بنحو 40 في المائة منذ الحصار والاغلاق في عام 2000 وحتي نهاية 2002". وأضاف :" أنه اذا اتخذت الاجراءات الموصي بها وتدفقت المساعدات فان نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي السنوي قد يرتفع بنسبة 35 في المئة الي 1250 دولارا في عام 2006 من 925 دولارا الان أي أقل من واحد علي عشرين من المعدل المسجل في اسرائيل ونحو نصف المعدل المسجل في الاردن". وقال الوزير الفلسطيني صائب عريقات انه يأمل ان تأخذ اسرائيل والولايات المتحدة الدراسة علي محمل الجد. وقد اقترحت اسرائيل منح دور للبنك الدولي في المساعدة في نقل أي مبان لن تدمرها اسرائيل اثناء الانسحاب من غزة الي الفلسطينيين لكن البنك قال ان من غير المنطقي نقل ملكية العقارات عن طريق طرف ثالث. ( البوابة)