لم تعد شركات الطيران المحلية الايرانية قادرة على مواكبة التحديات التي يفرضها التراجع الحاد لسعر صرف العملة الايرانية’ وأثره على تراجع القيمة الفعلية لأسعار التذاكر المحلية، وهي تنوء أيضا تحت ثقل الزيادات الهائلة التي فرضتها وزارة النفط على أسعار الوقود وصعوبة الحصول على قطع الغيار من بوينغ وايرباص بسبب العقوبات.
نقلت وكالة مهر للأنباء الإيرانية عن مسؤول كبير قوله إن شركات الطيران في إيران أمامها سبعة أيام لسداد ديون تتجاوز 200 مليون دولار مستحقة لوزارة النفط مقابل إمدادات الوقود وإلا فستمنع طائراتها من الإقلاع.
وتراكمت ديون كبيرة على عدة شركات طيران نتيجة لزيادات متعاقبة لأسعار الوقود وعدم قدرتها على الحصول على العملة الأجنبية بأسعار الصرف المدعومة من الحكومة مما أدى لارتفاع كبير في تكاليف قطع الغيار.
وتأتي المطالبة بالسداد مع استمرار الضغط الاقتصادي نتيجة العقوبات الغربية على طهران بسبب برنامجها النووي والتي أدت لتراجع إيراداتها من مبيعات النفط الخام لأقل من النصف.
ونقلت مهر عن علي رضا ضيغمي نائب وزير النفط الإيراني قوله “بعد اجتماعات مع مسؤولين من مؤسسة الطيران المدني تم الاتفاق على إمهال جميع شركات الطيران سبعة أيام لسداد ديونها للشركة الوطنية لتكرير النفط.” وانتقد ضيغمي شركات الطيران لعدم مناقشة الأمر في اجتماعات مع مسؤولين حكوميين في الآونة الأخيرة. وأضاف أن إجمالي المبالغ المستحقة يتجاوز 200 مليون دولار وأن ثلثي هذا المبلغ مستحق على ناقلات محلية. ولم يذكر أسماء الشركات المدينة لكن وسائل إعلام إيرانية أفادت أن من بينها شركات ماهان وآسمان وزاغروس. وارتفعت تكلفة الوقود محليا لسبعة أمثالها منذ منتصف 2011 بعدما أطلقت الحكومة برنامجا لإلغاء الدعم السخي.
وفي سبتمبر أيلول 2012 منعت الحكومة شركات الطيران من الحصول على العملة الصعبة بسعر تفضيلي في إطار حملة لخفض الانفاق الحكومي. ونتيجة لذلك اضطرت شركات الطيران لرفع أسعار التذاكر.
وفي نوفمبر تشرين الثاني من العام الماضي رفعت إيران أير أسعارها للمثلين تقريبا بالنسبة للرحلات الدولية بعد ارتفاع نفقاتها نتيجة هبوط قيمة الريال الإيراني. ومازال العثور على قطع الغيار يمثل تحديا لشركات الطيران التي تمنعها العقوبات من الشراء مباشرة من بوينغ وايرباص.
رحيل الطيران الأجنبي وأوقف عدد من شركات طيران الدولية رحلاتها الى ايران، وبينها الشركة الماليزية “أير ايشيا” والبريطانية “بي ام آي”، بسبب صعوبة ظروف العمل وخصوصا “تقلب سعر صرف العملة الايرانية”.
ويرزح الاقتصاد الإيراني تحت عقوبات غربية شديدة، أدت الى مصاعب اقتصادية كثيرة، بينها ارتفاع معدلات البطالة والتضخم.
وتهاوت العملة الإيرانية وفقدت نحو سبعين في المئة من قيمتها منذ بداية العام، لكن تراجعها أصبح أكثر حدة في الأسبوعين الماضيين حين فقد الريال الإيراني نحو ثلث قيمته في غضون أيام قلائل.
وفقدت العملة الإيرانية الريال أكثر من 70% منذ خلال العام الماضي، الأمر الذي أحدث تصدعا في جميع الانشطة الاقتصادية.
تصدع جميع الأنشطة الاقتصادية ويقر مسؤولون في شركة الخطوط الملاحية للجمهورية الإسلامية الإيرانية إن العقوبات الغربية تلحق أضرارا بقطاع الشحن الحيوي في البلاد، وإذا استمر هذا الضغط فستواجه أكبر شركة شحن إيرانية مشكلات خطيرة.
ويصل كثير من واردات إيران ومن بينها المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية في سفن حاويات وسفن صب وغيرها، لكن عدد السفن الذي يصل إلى الموانئ الإيرانية تراجع أكثر من النصف هذا العام مع تشديد العقوبات الأمريكية والأوروبية على طهران.
كما أوقف عدد من شركات طيران الدولية رحلاتها الى ايران، وبينها الشركة الماليزية “أير ايشيا” والبريطانية “بي ام آي”، بسبب صعوبة ظروف العمل وخصوصا “تقلب سعر صرف العملة الايرانية”.
ويجمع المراقبون على أن العقوبات دفعت الاقتصاد الإيراني الى حافة الانهيار وأنه يمكن اختصار آثارها الواسعة في انهيار سعر صرف العملة الإيرانية، التي فقدت أكثر من سبعين في المئة من قيمتها خلال العام الحالي.
ويؤكدون أن انهيار العملة له آثار مدمرة على جميع قطاعات الاقتصاد.
ودأب المسؤولون الإيرانيون على التهوين من تأثير العقوبات الأمريكية والأوروبية على صناعة النفط بالبلاد، لكنهم يقرون في أحيان أخرى بآثارها المدمرة.
إقرار إيراني بوطأة العقوبات وقد أقرت إيران مؤخرا على لسان وزير الاقتصاد الايراني شمس الدين الحسيني بأن عائدات النفط الايرانية تراجعت بنسبة خمسين بالمئة نظرا للعقوبات الدولية المفروضة.
ونسب هذا التراجع الى المشاكل التي تواجهها ايران في تسلم العوائد المالية الناتجة من المبيعات النفطية بسبب العقوبات التي عزلت النظام المصرفي الإيراني عن النظام المصرفي العالمي.
ويؤكد القادة الايرانيون منذ الصيف أن البلاد في وضع “حرب اقتصادية” بسبب الحظر المصرفي والنفطي الذي فرضته قبل عامين الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لإجبار ايران على اعطاء ضمانات بشأن برنامجها النووي.
وتقول وكالة الطاقة الدولية إن صادرات النفط الايراني الخام قدرت بلغت نحو 1.3 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي، أي أقل بنحو مليون برميل عن مستويات في العام الماضي.
ويتوقع محللون أن يتزايد الخناق على صادرات النفط الإيرانية في العام المقبل، بعد انتهاء فترة سمحت فيها واشنطن لعدد من دول العالم بشراء النفط الإيراني، شرط خفض تلك المشتريات تدريجيا. وقد أعلنت اليابان وكوريا الجنوبية عن خفض وارداتها بنسبة 20% التزاما بالضوابط الأميركية. ورجح مراقبون أن تحذو دول أخرى حذوهما في الأشهر المقبلة.