توقع صندوق النقد الدولي اليوم أن يتراجع النمو الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان من 5.7% في عام 2008 إلى 2.6% في عام 2009. جاء ذلك في الندوة التي عقدها صندوق النقد الدولي في مركز دبي المالي العالمي، والتي أطلق خلالها "تقرير مايو 2009 للتوقعات الاقتصادية للشرق الأوسط ووسط آسيا".
وقال مسعود أحمد، مدير إدارة الشرق الأوسط ووسط آسيا في صندوق النقد الدولي: "ستتأثر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سلباً بالأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، ولكن أداءها سيكون على الأرجح أفضل من مناطق كثيرة أخرى، الأمر الذي يعزى في جانب منه إلى الإدارة المالية والاقتصادية الحكيمة، وإلى حقيقة أن الدول المصدرة للنفط في هذه المنطقة يمكنهم الاستفادة من الاحتياطيات الكبيرة لامتصاص آثار الانكماش العالمي على اقتصاداتهم واقتصادات الدول المجاورة التي تربطهم بها علاقات اقتصادية متنامية".
وأوضح أحمد إن الأزمة العالمية تؤثر على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان بثلاث طرق غير مباشرة، قائلاً: "إن التراجع الحاد في أسعار النفط يقلص إيرادات الدول المصدرة وكذلك تكاليف الاستيراد بالنسبة للدول المستوردة؛ كما يحد انكماش الطلب والتجارة والأنشطة ذات الصلة على مستوى العالم من الصادرات والسياحة والتحويلات المالية؛ فضلاً عن أن تشديد الخناق في أسواق الائتمان العالمية وتراجع شهية المستثمرين للمغامرة يساهمان في إبطاء تدفقات رأس المال الواردة، والضغط على أسعار الأصول المحلية، وإضعاف الاستثمارات".
وركزت ندوة صندوق النقد الدولي بصورة أساسية على انعكاسات الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية على المنطقة، والإجراءات التي طبقتها الدول المختلفة لتخفيف وطأة هذه الصدمات، بالإضافة إلى رأي صندوق النقد الدولي في السياسات المطلوبة للحد من تداعيات الركود العالمي.
وقال الدكتور ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في سلطة مركز دبي المالي العالمي: "لم تكن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنأى عن الأزمة المالية العالمية أو تداعياتها على أرض الواقع، والتي أدت إلى انخفاض أسعار السلع، وتراجع التدفقات التجارية والسياحية، وانكماش الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وتشير تقييمات وتوقعات صندوق النقدي ضمناً إلى أن منطقتنا أتثبتت مرونتها وأنها أقدر على الانتعاش بشكل أسرع من الدول المتقدمة. وفي دول مجلس التعاون الخليجي، نجد أن انخفاض سعر الفائدة والتسهيلات في أسواق النقد، بالإضافة إلى اتباع سياسة مالية مناهضة لتداعيات الدورة الاقتصادية وتقوم على الإنفاق الاستثماري المستدام، وما إلى ذلك من إجراءات وقائية، ساهمت جميعها في زيادة السيولة ودعم القطاع المالي والمصرفي. وقد ساعدت هذه السياسة السليمة، مشفوعة باحتياطيات مالية ضخمة ناجمة عن الحسابات الجارية والفوائض المالية، في استعادة ثقة المستهلك والمستثمر، الأمر الذي ساعد بدوره في تعزيز مرونة اقتصادات المنطقة وقدرتها على التكيف مع الأزمة".
وأضاف الدكتور السعيدي: "من المنتظر أن يبدأ الانتعاش بالظهور خلال أرباع السنة المقبلة مدعوماً بالتغيير الهيكلي والتنويع الاقتصادي اللذين شهدتهما المنطقة على مدى العقد الماضي، وكذلك العلاقات التجارية والاستثمارية مع آسيا والأسواق الناشئة. ولكن يتعين على بلداننا توحيد ومأسسة الإجراءات والأدوات الجديدة التي تم تطويرها لمواجهة الأزمة. ونحتاج أيضاً إلى بناء قدرات لصنع وتطبيق القرارات، وتسريع الإصلاحات، وتعزيز الرقابة على الأسواق المالية والمصرفية. وبصورة خاصة، يجب أن يضع صانعو السياسات في صدارة أولوياتهم تطوير عملة نقدية وأسواق مالية محلية لدعم التكامل الاقتصادي والاتحاد النقدي الخليجيين. وباختصار شديد، علينا ألا نضيع على أنفسنا هذه الفرصة التاريخية المتاحة أمامنا اليوم لتأكيد المكانة الجديدة لدول مجلس التعاون الخليجي في النظام المالي العالمي".
وأعقبت ندوة صندوق النقد الدولي جلسة نقاش برئاسة الدكتور السعيدي وأخرى مخصصة للأسئلة والأجوبة حول التوقعات الاقتصادية للمنطقة، مع التركيز على التطورات الاقتصادية والمالية في السعودية والكويت والإمارات، بمشاركة عدد من كبار خبراء الاقتصاد والمحللين من المنطقة.
© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)