سوريا: عدد العاطلين عن العمل يتجاوز 800 ألف

تاريخ النشر: 02 مارس 2004 - 02:00 GMT
البوابة
البوابة

تشير المعطيات الاقتصادية الى ان مشكلة البطالة في سوريا ناجمة عن قصور في النمو الاقتصادي وخلل في تركيبة القطاعات الاقتصادية التي لم تسمح في استيعاب طبقة عاملة جديدة. ونجمت المشكلة لسبب رئيسي هو ان الاقتصاد السوري انتقل من دون تحضير كاف, او على وشك الانتقال, من مرحلة سيطرة القطاع العام إلى اقتصاد السوق. وصاحب هذا الانتقال عدد من الإجراءات... لكن نتيجة عدم وجود المعايير الواضحة لكيفية الانتقال جعلت المشكلة تظهر وكأنها اكبر من واقعها وهي مشكلة متوقعة في اقتصادات التحول. هناك ركود اقتصادي طويل راكم هذه البطالة التي أصبحت الآن ظاهرة واقعية وكبيرة. والشيء الثاني وجود خلل في تركيبة البطالة نفسها فهي شبابية وتتركز في الفئات غير المتعلمة وهذا الواقع اصبح يتطلب تدخلاً واسعاً اقتصادياً واجتماعياً وتعليمياً بمعنى إعادة تأهيل العمال الفائضين. 

 

وفي مقابلة مع صحيفة "الحياة"، قال مدير "هيئة مكافحة البطالة" ، حسين العماش، نحتاج سنوياً إلى بليوني دولار (نحو 100 بليون ليرة سورية) فقط للوافدين الجدد إلى سوق العمل الذين يُقدر عددهم وسطياً بحوالى 200 الف على اعتبار ان فرصة العمل تكلف 10 آلاف دولار, وهذا رقم ليس سهلاً ولدينا اكثر من 800 ألف عاطل عن العمل تراكموا عبر الاعوام الماضية حسب إحصاءات هيئة مكافحة البطالة العام الماضي أي بنسبة 16 في المئة, لكن الأرقام الرسمية تُقدر النسبة بنحو 11.5 في المئة وهذا يحتاج إلى ما بين 16 و20 بليون دولار لخفض مستوى البطالة إلى نسبة 6 او 7 في المئة على مدى خمس سنوات. 

 

وعن الأسباب الحقيقية لتفاقم مشكلة البطالة في سوريا قال العماش في الدرجة الأولى اقتصادية, النمو الاقتصادي خلال الفترة الممتدة بين عامي 1996 و2002 كان ضعيفاً, معدل النمو الاقتصادي كان يراوح بين صفر و3 في المئة وهذا النمو على أرقامه المطلقة إذا ما قورن بمعدل النمو السكاني خلال تلك الفترة الذي كان راوح بين 2.7 و3 في المئة نلاحظ انه لم يكن هناك نمو اقتصادي حقيقي خلال فترة سبع إلى ثماني سنوات ما ادى الى مشكلة اقتصادية حقيقية. 

 

والسبب الثاني هو ان الاقتصاد السوري كان الى فترة ولا يزال حتى الآن يسير تحت سيطرة القطاع العام وهناك عدم نمو وعدم سماح للقطاع الخاص ان ينمو كما يجب حتى يستطيع ان يمتص فائض هذه العمالة, كانت الدولة ملزمة في التوظيف خلال الفترة السابقة خصوصا لخريجي الجامعات وفي السنوات الأخيرة وصلت إلى مرحلة الإشباع. هناك بطالة مقنعة هائلة تراوح بين 30 و40 في المئة في القطاع العام الذي يبلغ عدد العاملين فيه بحدود 1.5 مليون عامل وهذا رقم كبير جداً. 

 

والجزء الآخر الذي ادى الى المشكلة هو ان المنافسة بدأت تشتد مع انفتاح الأسواق السورية ودخول المنتجات من الدول العربية والدول الأخرى التي بدأت تغزو الأسواق السورية بقوة, مقابل ذلك منتجات ومؤسسات القطاع الخاص لم تتطور بالنسبة نفسها ما ادى الى خروج قسم منها من السوق. وافلس عدد من المؤسسات الكبيرة التي لم تستطع ان تُطور أعمالها, وهذا طبعا جانب تنظيمي وليس فقط استثماريا وهذا اثر فيها. لكن اذا استطاعت الدولة بصورة غير مباشرة إعادة تأهيل هذه القطاعات ودعمها قد تستطيع ان تقف على رجليها على أسس تنافسية, اذ نلاحظ نمواً اقتصادياً ضعيفاً ونمواً سكانياً مرتفعاً في مرحلة كان فيها التخطيط شمولياً إلى آلية سوق لم تنتظم, اضافة إلى ان الانفتاح على الأسواق العربية اسس ضغطاً تنافسياً شديداً يضاف إليه الآن فقدان بعض الأسواق التي كانت سورية تتعامل معها بمرونة منها سوق العراق او سوق الخليج وسوق الاتحاد السوفياتي (سابقاً), كل هذه الأسواق لم تعد موجودة كما في السابق وبالتالي التوتر الإقليمي اثر في الجانب الاستثماري وكان مقدراً للنمو للسنة الجارية ان يكون بحدود 5 إلى 5.5 في المئة واعتقد بأنه لن يتجاوز 3.5 في المئة في افضل التقديرات. (البوابة)