أثرت المخاوف من انتشار انفلونزا الطيور بشدة في الطلب على الطيور الداجنة في أنحاء العالم العربي ودفعت مبيعات الدواجن الى الهبوط في بعض انحاء الشرق الاوسط وشمال افريقيا.وهبطت المبيعات في مصر بنسبة تصل الى 50% وشهدت المبيعات انخفاضات مماثلة في دول تمتد من السعودية إلى المغرب ما يهدد كثيرين من اصحاب المشروعات الصغيرة لمزارع الطيور الداجنة بالافلاس.وتواجه صناعة الدواجن في مصر مأزقا شديدا، في ظل الأنباء المتواترة حول ظهور مرض انفلونزا الطيور في بعض الدول القريبة، وتسببت شائعات حول ظهور بعض أعراض المرض في إحدى قرى محافظة الجيزة، في انخفاض مروع لأسعار الدواجن في مصر خلال الأيام الماضية، بعد أن أجفل المصريون عن شراء اللحوم البيضاء.
تعد صناعة الدواجن واحدة من أكبر الصناعات المصرية خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث يقدر خبراء جملة استثماراتها بنحو خمسة عشر مليار جنيه، ويقول الدكتور محمد الشافعي نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجي الدواجن في مصر: “نجحنا خلال السنوات الخمس الأخيرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء، واتجهنا إلى التصدير إلى عدد من الدول العربية والأجنبية بما قيمته ثلاثون مليون دولار في العام”.وأدى ازدهار صناعة الدواجن في مصر إلى إنشاء بورصة لها في محافظة القليوبية، حيث تتولى هذه البورصة مهمة تحديد الأسعار للمزارع العاملة في هذا المجال، والبالغ عددها نحو 4600 مزرعة كبيرة.
ويقبل المصريون على تناول اللحوم البيضاء كثيرا باعتبارها البديل الوحيد للحوم الحمراء، التي شهدت خلال الفترة الأخيرة ارتفاعا جنونيا في أسعارها، وصل إلى أربعين جنيها للكيلو، وهو ما دفع وزارة الصحة إلى اتخاذ تدابير عدة لمواجهة تسلل مرض انفلونزا الطيور إلى البلاد، شملت حملة توعية كبيرة لتحذير المصريين من صيد الطيور المهاجرة أو البرية، وتكثيف الرقابة على المزارع العديدة المنتشرة في طول البلاد وعرضها.وتؤكد تصريحات مسؤولين حكوميين خلو مصر من مرض انفلونزا الطيور، ويرى خبراء أن الشائعات التي تنطلق بين الحين والآخر عن دخول الفيروس إلى البلاد من شأنها أن تقضي تماما على واحدة من اكبر الصناعات الغذائية في مصر، وهو الأمر الذي تجلى في انخفاض أسعار اللحوم البيضاء.
وقالت الحكومة المصرية :" انها سترسل اطباء بيطريين الى دول ظهرت فيها حالات انفلونزا الطيور كي يتعلموا كيفية التعامل مع المرض بشكل أفضل".وقال وزير الزراعة واستصلاح الاراضي احمد الليثي :" ان الاتحاد العام لأصحاب مزارع الدواجن خصص خمسة ملايين جنيه مصري (868 الف دولار) لفحص الطيور المهاجرة للتأكد من عدم اصابتها بالمرض".لكن المزارعين قالوا ان نشاطهم يمر بأزمة حيث هبطت أسعار الدواجن في السوق المحلية بأكثر من 30 % حيث يبيع المتجر نحو 30 دجاجة يوميا مقارنة مع ما بين 70 و100 دجاجة قبل ظهور المرض في أوروبا.
وقال محمد جمال وهو مربي دواجن في محافظة المنوفية شمالي القاهرة “لا تستطيع حتى استرداد المال الذي تنفقه على تربية الدواجن”.وأضاف “في بعض القرى توقف الناس تماما عن اكل الدجاج ونتيجة لذلك قفز الطلب على اللحوم الحمراء بنحو 60 في المائة”.وقال عبد العزيز رئيس لجنة الثروة الحيوانية في الغرفة التجارية في القاهرة انه من المتوقع ان يترك كثير من المزارعين نشاط تربية الدواجن اذا استمر انتشار شائعات اصابات بشرية بفيروس انفلونزا الطيور في الاسواق.وقال ان بورصة الثروة الحيوانية حاولت بالفعل انقاذ الموقف بشراء عدد كبير من الدواجن من السوق لكنه اعرب عن خشيته من أن تكون صناعة حجمها 15 مليار جنيه على وشك الانهيار.
واستهلك المصريون نحو ثلاثة ملايين دجاجة في اكتوبر/تشرين الاول. وتصل اسعار الدواجن في السوق المحلية الى ثلث اسعار اللحوم الحمراء.
وقال مسؤولون بوزارة الزراعة ان اسعار القمح لن تتأثر لأن المزارعين يستخدمون الذرة اساسا كعلف للحيوانات والطيور.وأكد تجار دواجن في دمشق ان الطلب على الدواجن تراجع الى النصف تقريبا رغم ان المسؤولين السوريين أكدوا مرارا انه لا يوجد دليل على ظهور أية حالة لانفلونزا الطيور في البلاد.واذاع التلفزيون السوري المملوك للدولة عدة برامج لطمأنة الجمهور والتأكيد على ان تناول الدجاج والبيض لا ينطوي على خطورة اذا تم طهيها جيدا.واشارت الصحف السعودية إلى انخفاض في مبيعات الدواجن نتيجة مخاوف المستهلكين في البلاد التي فرضت الشهر الماضي حظرا على واردات الدواجن الحية.ورغم عدم توافر أرقام رسمية حول التأثير في المبيعات والطلب فإن مبيعات اللحوم الحمراء ارتفعت بشدة.وقال مدير المشتريات في احد متاجر السوبر ماركت في الرياض “منذ اعلان الحظر ارتفع طلبنا على لحوم الضأن والبقر المحلية والمستوردة بنحو 30% في المتوسط ووصلت ذروته الى 50% في أول اسبوعين بعد فرض الحظر”.واضاف “مخاوف المستهلكين لا مبرر لها. فما هو الخطر الذي يمكن ان يكون كامنا في دجاج مذبوح قادم من مصدر مرخص به؟”.
إلى ذلك أكد صالح الغراسي مالك أكبر مزرعة للدواجن في اليمن ان شائعات انتشار مرض انفلونزا الطيور في اليمن سببت تراجعاً في سوق الدجاج والبيض بنسبة تصل إلى 30%.وقال الغراسي ل”الخليج”: نعيش حالات طوارئ مستمرة، وقد قمنا بفحص بعض الدجاج الذي يعاني من أمراض، إلا أنه لم يثبت وجود حالات مصابة بالمرض.
وأكد المسؤولون اليمنيون خلو البلاد من أية إصابات بفيروس انفلونزا الطيور بناء على النتائج المخبرية التي أجرتها وزارة الزراعة على العينات المشتبه في إصابتها.
وقال وكيل وزارة الزراعة عبدالملك العرشي في تصريح ل”الخليج” إنه لا توجد أية حالة مرض حتى الآن، لكن الوزارة في حالة تأهب قصوى، ونقوم بعمليات مسحية مستمرة.ودعت جمعية حماية المستهلك الحكومة إلى وضع خطة واضحة وبعيدة المدى لترصد وباء إنفلونزا الطيور وأخذ كل الاحتياطات والإجراءات الوقائية اللازمة، وتشكيل هيئة وطنية من الجهات ذات العلاقة لتنسيق الجهود وتبادل المعلومات بشأن الوباء وتيسير سبل مواجهته، وتشديد الرقابة على المناطق الرطبة في المناطق الساحلية والتي تشكل محطات استراحة لعدد من أنواع الطيور المائية المهاجرة.
وقالت نائب رئيس الجمعية فضل مقبل منصور ل”الخليج” إن التطمينات الصادرة عن الحكومة بشأن خلو اليمن من فيروس انفلونزا الطيور لا تكفي لتهدئة مخاوف المستهلكين واستعادة ثقتهم بلحوم وبيض الدواجن.
واقترحت الجمعية اعتماد مبلغ مالي كاف لتوفير الأمصال واللقاحات الخاصة بهذا الفيروس، وتحسين بيئة العمل في مزارع الدواجن، وتجهيز المختبرات البيطرية الوطنية بالإمكانيات والمواد التي تعزز من كفاءة الفحوصات الدورية للطيور والدواجن، وتنفيذ حملة توعوية في أوساط المستهلكين لإرشادهم على كيفية التعامل مع الدواجن تشمل حثهم على الطهي الجيد للحوم الدجاج.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)