خبراء نفطيون: رؤية السعودية تدخل في الوقت المناسب

تاريخ النشر: 14 أبريل 2020 - 05:28 GMT
رؤية السعودية تدخل في الوقت المناسب
الدور السعودي سيتضح أيضا مع التوجه نحو إنهاء حرب الأسعار وإنقاذ صناعة النفط وهو ما ستستفيد منه أيضا الاستثمارات في قطاع النفط الصخري الأمريكي
أبرز العناوين
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع مدعومة بتوصل المنتجين في "أوبك +" إلى أكبر اتفاق لخفض الإنتاج في التاريخ والبالغ 9.7 مليون برميل يوميا

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع مدعومة بتوصل المنتجين في "أوبك +" إلى أكبر اتفاق لخفض الإنتاج في التاريخ والبالغ 9.7 مليون برميل يوميا لمواجهة التداعيات الكارثية لفيروس كورونا على الطلب العالمي على النفط الخام ومع توقعات انكماش الاقتصاد الدولي.

ويمثل الخفض الإنتاجي الواسع، الذي يستمر العمل به على مدار شهرين نحو 10 في المائة من الإمدادات النفطية العالمية ولكن بعض المحللين الدوليين يتخوفون من احتمال أن يكون تأثيره محدودا بسبب الخسائر الفادحة والقياسية للطلب جراء الجائحة، الذي يقدر- وفق بعض التقييمات الدولية- بنحو 20 مليون برميل يوميا على أقل تقدير.

وقال لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون، إن صفقة الأحد كانت تاريخية بين المنتجين العالميين، حيث تم وضع اللمسات الأخيرة على خطة خفض الإنتاج ليبدأ السوق الأسبوع الجديد في أجواء إيجابية مدعومة بتقليص المعروض وبتضافر جهود المنتجين، ما أحدث تقدما جيدا في السوق خاصة على مستوى الجوانب المعنوية، التي تأثرت كثيرا على نحو واسع من اتساع خسائر جائحة كورونا في كل دول العالم.

وأوضح المختصون أن السعودية لعبت دورا مهما ومحوريا في إتمام الصفقة خاصة ما يتعلق بإقناع المكسيك بالانضمام إلى تخفيضات الإنتاج بعد رفض سابق لها للمساهمة في قرارات خفض الإنتاج لتحالف "أوبك+"، معتبرين أن الموقف السعودي برز أيضا في المفاوضات مع روسيا، التي عدلت عن خطط الانسحاب من اتفاق خفض الإنتاج.

وأشاروا إلى أن الدور السعودي سيتضح أيضا مع التوجه نحو إنهاء حرب الأسعار وإنقاذ صناعة النفط وهو ما ستستفيد منه أيضا الاستثمارات في قطاع النفط الصخري الأمريكي.

وأكد روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن السعودية تدخلت في الوقت المناسب بعدما ارتفعت فاتورة الخسائر الاقتصادية العالمية جراء جائحة كورونا، مشيرا إلى أن الاتفاق سيحد من الإنتاج العالمي بنسبة 10 في المائة تقريبا.

وذكر أن بعض الدوائر النفطية لفتت إلى أن هناك شكوكا في أن 9.7 مليون برميل يوميا من تخفيضات الإنتاج المخطط لها ستكون كافية لاستقرار سوق تعاني ضعفا حادا في الطلب بسبب تداعيات الوباء العالمي.

وأشار إلى بعض البنوك الدولية، التي تحفظت على تأثير الخفض الإنتاجي على تقديم انتعاشة جيدة لمستوى أسعار النفط الخام خاصة في ظل تصاعد مخاطر الجائحة واستمرار قرارات العزل في أغلب دول العالم، ولكن لا يمكن تجاهل أن التخفيضات تعد خطوة مهمة في مسار تعاون المنتجين خاصة بعد إخفاق المشاورات الشهر الماضي.

وأوضح أن "سيتي جروب" توقعت أن التخفيضات لن توقف تراجع الأسعار في حين وصفت "جولدمان ساكس جروب" الصفقة بأنها "تاريخية لكنها غير كافية".

من جانبه، قال لوكاس برتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز، إن تخفيض المعروض النفطي العالمي بـ9.7 مليون برميل يوميا هو خطوة جيدة ومؤثرة للسيطرة على حرب الأسعار بعد فترة قصيرة من إطلاق العنان للإمدادات النفطية، ما هوى بالأسعار إلى أدنى مستوى لها في 20 عاما.

ولفت إلى أنه يمكن تطوير هذا الاتفاق في الشهور المقبلة تبعا لتطورات السوق والبناء على ما تحقق من تعاون لتقييد المعروض ومواجهة حالة العرض الزائد الكبيرة للغاية.

وأشار إلى أن الصفقة بمنزلة مؤشر جيد، ويجب عدم التسرع بصفتها غير كافية في ظل تحديات السوق الواسعة في المرحلة الراهنة، موضحا أن تأثير تخفيضات الإنتاج سيستغرق بعض الوقت حتى يحقق تحسنا إيجابيا مستقرا في الأسواق، خاصة في ضوء توقعات مقابلة بانخفاض الاستهلاك العالمي من 20 مليونا إلى 35 مليون برميل يوميا نتيجة استمرار قرارات الإغلاق والعزل لمدن وشركات حول العالم.

من ناحيته، قال أندريه يانييف المحلل البلغاري والباحث في شؤون الطاقة، إن السعودية كعادتها قادت اتصالات مكثفة داخل "أوبك" وخارجها من أجل العودة إلى منظومة التعاون المشترك، وانطلاقا من المسؤولية الجماعية لإصلاح الخلل بين العرض والطلب وإنقاذ الصناعة من الانهيار.

وأكد أن إجراء تخفيضات غير مسبوقة في الإنتاج كان ضرورة في ظل أسواق غارقة في كثير من النفط الخام لدرجة أن مركز تداول النفط الرئيس في الشرق الأوسط قد نفد من مساحات تخزين البراميل الزائدة.

وأوضح أن وفرة إمدادات النفط العالمية تجعل من الصعب تسوية الاختلالات في السوق، ما يؤدي إلى استمرار انخفاض أسعار النفط الخام، التي خسرت نحو 50 في المائة من قيمتها خلال الربع الأول من العام الجاري، ولكن ضعف البيئة السعرية أجبر بالفعل الإنتاج عالي التكلفة في بعض الأماكن على التوقف.

بدورها، ذكرت مواهي كواسي العضو المنتدب لشركة "أجركرافت" الدولية، أن السعودية تعاملت برؤية ثاقبة مع الأزمة وتوقعت مسار المفاوضات بشكل جيد، حيث قامت بتأخير قرار التسعير الرئيس لصادراتها من الخام أكثر من مرة في ضوء توقعها نجاح محادثات تأمين اتفاق بين المنتجين العالميين لخفض الإنتاج بشكل مشترك وغير مسبوق.

وأضافت أن مباحثات السعودية مع المكسيك كانت مثمرة للغاية رغم قلق المكسيك من هذه الخطوة، بينما اعترفت روسيا بصحة رؤية السعودية للسوق، حيث نقل عن مسؤول روسي قوله إن بلاده فشلت تماما في توقع التأثير المدمر لوباء فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي وذلك حينما انسحبت من الاتفاقية مع تحالف "أوبك+"، لافتا إلى أن الحفاظ على هذا التحالف كان سيمنع انهيار الأسعار إلى أدنى مستوى له منذ عقدين تقريبا في الأسابيع الماضية.

وفيما يخص الأسعار، قفز النفط أكثر من دولار للبرميل أمس، بعدما توصل أخيرا منتجون كبار لاتفاق على أكبر خفض للإنتاج على الإطلاق ولكن كبح المكاسب قلق بشأن عدم كفاية الخفض لمنع تخمة للمعروض في ظل تهاوي الطلب جراء فيروس كورونا.

وبعد أربعة أيام من الجدل، وافقت منظمة "أوبك" وروسيا ومنتجون آخرون فيما يعرف بـ"أوبك+" على خفض الإنتاج بواقع 9.7 مليون برميل يوميا في أيار (مايو) وحزيران (يونيو) لدعم أسعار النفط وهو ما يمثل 10 في المائة من الإمدادات العالمية.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.29 دولار ما يعادل 4.1 في المائة لتسجل 32.77 دولار للبرميل بحلول الساعة 05:19 بتوقيت جرينتش بعد أن فتحت على مستوى مرتفع للجلسة عند 33.99 دولار.

وزاد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.01 دولار ما يوازي 4.4 في المائة إلى 23.77 دولار للبرميل بعد أن بلغ المستوى المرتفع 24.74 دولار.

وقال دانيال يرجين نائب رئيس مجلس إدارة آي.إتش.إس ماركت "ما يحققه هذا الاتفاق هو تمكين صناعة النفط العالمية والاقتصادات الوطنية وصناعات أخرى تعتمد عليها من تجنب أزمة عميقة جدا".

وتابع "هذا يكبح بناء مخزونات، ما يخفف الضغط على الأسعار حين تعود الأمور إلى طبيعتها في أي وقت كان".

من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 21.19 دولار للبرميل الخميس الماضي مقابل 22.67 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو خمسة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 16.85 دولار للبرميل.