خبراء المال يضعون روشتة لإصلاح البورصات العربية

تاريخ النشر: 30 يوليو 2006 - 01:04 GMT

خبراء المال يضعون روشتة لإصلاح البورصات العربية

 

تواجه أسواق الأوراق المالية العربية عقبات كثيرة تحد من دورها في الاقتصاد القومي وتضعف من قدرتها على مواجهة الأزمات المالية التي تتعرض لها، وهو الأمر الذي ظهر جليا في الفترة السابقة والتي تعرضت فيها البورصات العربية لنزيف متوالٍ تسبب في خسائر هائلة للمتعاملين معها.

 

صحيفة “الخليج” الإماراتية التقت بعدد من خبراء المال والاقتصاد لمعرفة هذه العقبات وكيفية التغلب عليها لمنع تكرار نزيف الأموال الذي يهدد أسواق المال العربية ويجعلها عرضة للانهيار أمام أي أزمة مالية سواء كانت أزمة كبيرة أم صغيرة.

 

اهتمام متزايد

 

في البداية يؤكد الخبير المالي حسين الأسرج  الباحث الاقتصادي بوزارة التجارة والصناعة المصرية  أن اهتمام الدول العربية بتأسيس وتطوير أسواق الأوراق المالية زاد بشكل مطرد في السنوات القليلة الماضية ضمن سياسات الإصلاح الاقتصادي، باعتبارها آلية مناسبة لتنفيذ برامج الخصخصة، ولأهميتها في تجميع المدخرات وتوجيهها نحو القنوات الاستثمارية المختلفة في ظل نظام الاقتصاد الحر الذي تبنته معظم الدول العربية منذ منتصف سبعينات القرن الماضي.

 

ويقول إنه رغم هذا التعدد والانتشار النسبي لأسواق الأوراق المالية العربية وكذلك الاهتمام بتنشيطها، إلا أن هذه الأسواق لم تكتسب بعد سمات الأسواق المتطورة والواسعة مثلما هو الأمر في الدول الصناعية الرئيسية، أو حتى مثل الدول حديثة التصنيع.. ولا شك أن تطوير وانفتاح الأسواق العربية على بعضها بعضاً يعدان أمرين ضروريين للغاية في ظل العولمة المالية والمستجدات الاقتصادية على الصعيدين العربي والعالمي بما يؤمن تعبئة المدخرات العربية وتوظيفها في أوجه الاستثمارات المختلفة، فالاندماج في النظام العالمي الجديد ومواجهة تحديات العولمة وإزالة الحواجز أمام تجارة السلع والخدمات وخاصة المالية منها تفرض على أسواقنا العربية العمل على التطوير حتى يتم التوصل إلى سوق موحدة من خلال ربط البورصات العربية وإقامة سوق مالية عربية مشتركة، بالإضافة إلى ضرورة تطوير البنية المؤسسية لأسواق المال العربية وإعادة هيكلتها وتذليل العقبات التي تواجهها بالتعاون العربي المشترك.

 

نشاط ملحوظ


ويرى الأسرج أن أداء البورصات العربية شهد نشاطا ملحوظا حيث حقق نموا خلال الفترة من 1994  1997 حيث ارتفع المؤشر المركب لصندوق النقد العربي بنحو 5ر38 نقطة خلال عام 7991 مقارنة بما كان عليه عام ،1994 إلا أنه يلاحظ انخفاض ذلك المؤشر بصورة ملحوظة خلال عام 1998 بنسبة 33% عن العام السابق، ويمكن إرجاع ذلك بصفة أساسية إلى تباطؤ نمو اقتصادات الدول العربية وخاصة الدول النفطية التي تعتمد بشكل كبير على إيرادات النفط، وأيضا إلى الانخفاض في التدفقات المالية إلى الدول العربية في ظل الأزمة المالية العالمية وانهيار النمور الآسيوية.. إلا أن هذا لم يمنع من تحسن هائل في أداء البورصات العربية خلال عامي 2003 و2004 حيث ارتفع المؤشر بنسبة 41% و52% على الترتيب ويرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط ووصولها إلى مستويات قياسية وأيضا إلى النتائج الإيجابية التي حققتها غالبية الشركات المساهمة العامة المدرجة في الأسواق العربية الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على أسهمها وزيادة إقبال المستثمرين عليها إضافة إلى بقاء أسعار الفائدة منخفضة في السوق، إلا أن الهبوط السريع والمريع أصاب البورصات العربية خلال العام الماضي والحالي رغم ارتفاع أسعار النفط والنتائج الإيجابية التي تحققها الشركات المدرجة في الأسواق المالية وهو أمر يرجع إلى وجود خلل في أداء البورصات العربية ذاتها وعوامل تعيق عملها الأمر الذي يستلزم ضرورة معالجتها بشكل عاجل للحفاظ عليها.


ضآلة نسبية


ويحدد المهندس هاني توفيق مؤسس شركة “هيرمس” للأوراق المالية ورئيس الاتحاد العربي لرأس المال المخاطر والمعوقات التي تواجه أسواق المال العربية وتحد من نشاطها، وعلى رأس هذه المعوقات ضآلة الحجم النسبي لهذه الأسواق وتدني مقدرتها على تحقيق السيولة، إذ توفر الأسواق المالية ذات السيولة العالية حافزا للاستثمار في المشروعات طويلة الأجل حيث يمكن للمستثمرين في هذه المشروعات سحب رؤوس أموالهم إذا ما احتاجوا إليها بسهولة عن طريق بيع أسهمهم قبل اكتمال آجال المشروعات.

 

وتحفز السيولة المرتفعة الاستثمار في المشروعات طويلة الأجل ذات العوائد المرتفعة والمخاطر المرتفعة، الأمر الذي يؤدي في المقابل إلى تنشيط النمو الاقتصادي، ومع تزايد سيولة السوق تزداد رغبة المستثمرين في المشاركة في السوق وتوفير المزيد من التمويل للمشروعات، بمعنى آخر تزداد مشاركة المستثمرين إذا علموا أن بإمكانهم الانسحاب متى ما اقتضت ظروفهم ذلك، ويعتبر مؤشر دوران الأسهم خير مقياس لتحقيق السيولة لنشاط حركة التداول وهو عبارة عن حجم الأسهم المتداولة كنسبة من رسملة البورصة وهو يتمم نسبة التداول إلى الناتج المحلى الإجمالي، ذلك أن معدل الدوران يرتبط بحجم السوق ومعدل قيمة التداول إلى حجم الاقتصاد، ويشير معدل الدوران المرتفع إلى انخفاض تكاليف التعاملات، ويمكن رصد ما تتمتع به البورصات العربية من ضعف في سيولتها من خلال دراسة تطور معدل دوران الأسهم الذي سجل متوسط نمو يقدر بنحو 8ر9% خلال الفترة 1994  2004 حيث ارتفع من5ر14% عام 1994 إلى 37% عام 2004 ويلاحظ أن معدل الدوران تراوح ما بين 1ر3% لسوق البحرين و9ر17% لسوق الكويت في عام ،1994 في حين تراوح ما بين 2ر0% لبورصة الجزائر و4ر74% لسوق الكويت في عام 2004.

انخفاض المدخرات


ومن ضمن معوقات أسواق رأس المال العربية  كما يذكر هاني توفيق  انخفاض الطاقة الاستيعابية لها بمعنى أنها لم تستقطب بعد المدخرات ويتم تحويلها إلى استثمارات مالية ويقاس ذلك من خلال مقارنة حجم التداول بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي، ويلاحظ انخفاض حجم التداول إلى الناتج المحلي الإجمالي في معظم البورصات العربية خلال الفترة 1994  2004 باستثناء الكويت التي ترتفع فيها نسبة حجم التداول إلى الناتج المحلي حيث بلغت 1ر131% في عام 2003  يليها السوق السعودي الذي حقق حوالي 2ر74 % في ذات العام.


وتطالب عنايات النجار المستشار المالي لبنك مصر بضرورة تفعيل البورصة العربية الموحدة والعمل على أن تكون ذات نظام تداول ومقاصة وتسوية موحد ويقيد بها الشركات الأكثر نشاطا في أسواق المال العربية ووضع نظام تداول آلي تنفذ من خلاله الصفقات وتبني نظام للإفصاح المالي والالتزام به والعمل على تبادل طرح الإصدارات في أسواق الأوراق المالية العربية وفق ضوابط معينة .

المصدر: صحيفة الخليج الإماراتية

 

 

© 2006 تقرير مينا(www.menareport.com)