تقرير مركز الجُمان للاستشارات الاقتصاديةعن سوق الكويت للأوراق المالية

تاريخ النشر: 29 مايو 2005 - 01:18 GMT

مر سوق الكويت للأوراق المالية بفترة تصحيح ضرورية أعادت بعض الأمور -وليس كلها- إلى نصابها وذلك حين انخفض المؤشر الوزني بمعدل 8% خلال الفترة من الأربعاء 27/4/2005 حتى الثلاثاء 10/5/2005 (من مستوى 448 نقطة إلى مستوى 412 نقطة ) وذلك حين أعطى سمو رئيس مجلس الوزراء إشارة ولو غير مباشرة للسوق للارتفاع مجددا ليصل إلى مستوى 431 نقطة في 23/5/2005 التي تعتبر ارتفاعا بمعدل 5% منذ أدنى نقطة خلال فترة التصحيح المذكورة إلى أن استقر المؤشر الوزني عند مستوى 423 نقطة وقت إعداد هذا التقرير الذي يشكل ارتفاعا بمعدل  26% منذ بداية العام وبمعدل 3% منذ بداية الربع الثاني .

تدخل في غير محله

لقد كان التدخل الحكومي في مجريات الأمور في البورصة على هذا المنوال في غير محله لأن الحكومة تنتهج سياسة الاقتصاد الحر فيما نعلم وليس الاقتصاد الموجه , وإذا كان هناك تحول استراتيجي بهذا الصدد فلا بد من إعلان ذلك على الملأ حتى يعيد كل منا حساباته على هذا الأساس !

 من جهة أخرى فإن السوق كان بحاجة ماسة جدا إلى تصحيح يأخذ مداه الطبيعي دون تدخل خاصة من الجانب الحكومي وذلك لمنح الفرصة للتفكير السليم والقرار الحكيم لأخذ موقعهما بعد فترة من الهيجان في المتاجرة بالأسهم حين وصل مبلغ التداول إلى ما يناهز 200 مليون د.ك في 26/4/2005 .

 إن تعاطف وخضوع كبار المسئولين في البلاد لنزوات تجار الأسهم على مختلف شرائحهم كبارا كانوا أم صغارا يعتبر أمرا بالغ الخطورة وسيرتب على الدولة التزامات مستقبلية سواء معنوية أو مادية لا طاقة لها بها والذي يعتبر مدعاة للتخلف الاقتصادي والإداري في الدولة .

الديوان العملاق !

يحتشد يوميا في سوق الكويت للأوراق المالية ما لا يقل عن ثلاثة آلاف متداول في آن واحد الذي يعتبر حالة شاذة لا توجد في الأسواق المالية المعتبرة وغير المعتبرة فيما نعلم , إن هذا التكدس البشري غير المعقول وغير المبرر إطلاقا له سلبيات كبيرة ومتعددة , ففضلا عن الجوانب الأمنية والمرورية والبيئية فإن هذا الديوان العملاق يعتبر مرتعا خصبا للغاية لتسريب الأخبار ونقل الشائعات وسريان الأكاذيب وغيرها من العوامل التي تهيء المناخ لاستحكام بما يسمى "بوضع القطيع " حيث يسهل قيادة هؤلاء المحتشدين وغالبيتهم من الصغار من حيث لا يشعرون ليكونوا آلية للكبار لتصريف الأسهم بأعلى الأسعار واستردادها بأبخس الأثمان كما حدث في العديد من المرات .

لكن ما الحل ؟

 لاشك بأن الحل صعب بالرغم من كونه غير مستحيل , وتكمن صعوبة الحل بأن معظم رواد البورصة من موظفي الحكومة الذين ليس لهم عمل والذين يلتهمون ميزانية الدولة بكم هائل من الرواتب والتي تم أو سيتم زيادتها لتمرير مواضيع سياسية تافهة فيلجأون إلى هذا الديوان العملاق للتسلية وقتل وقت الفراغ الكبير بالإضافة إلى محاولة الكسب السريع والمريح , ولاشك بأن سعي إدارة السوق الحثيث للحد من هذه الظاهرة بتشجيع فتح فروع لمكاتب الوساطة واستجابة الوسطاء لذلك التوجه يعتبر الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح , كما أن التوسع في التداول الإلكتروني من شأنه المساهمة في الحد من هذه الظاهرة السلبية , وبالرغم من جهود إدارة السوق الإيجابية في هذا الصدد إلا أننا نعتقد بأنها غير كافية حيث يجب وضع خطة واضحة ذات مدى زمني محدد للعمل على القضاء على هذه الظاهرة ولو بشكل تدريجي حتى يكون المقر الرئيسي للسوق للوسطاء والتّقاص ولبعض المتداولين لقضاء بعض أعمالهم كما هو واقع البورصات المتحضرة ولكن ليس لاستضافة آلاف المتداولين في وقت واحد ليكونوا مطيّة للمتلاعبين.

نتائج الربع الأول 2005

 حققت أرباح الربع الأول 2005 رقما قياسيا بلغ 685 مليون د.ك مقابل 376 مليون د.ك للربع الأول 2005 بزيادة قدرها 309 مليون د.ك بمعدل نمو بلغ 82% , وتفوق تلك الأرباح ما حققه السوق في العام 2002 بأكمله , ويرجع نمو الأرباح إلى سببين الأول نمو الأرباح التشغيلية والثاني ارتفاع مؤشر سوق الكويت للأوراق المالية بمعدل 22% خلال الربع الأول من العام الجاري على أساس المؤشر الوزني , ويظهر ذلك جليا بالإطلاع على جدول (2) حيث شكلت الأرباح الناتجة عن تطبيق المعيار المحاسبي 39 , 40 والبالغة 102 مليون د.ك 15% من إجمالي الأرباح المعلنة و 33% من الزيادة في الأرباح , ولاشك بأن أثر ارتفاع البورصة في الربع الأول 2005 على نتائج الشركات أكثر من 102 مليون د.ك نظرا لكون المبلغ المذكور يخص الأرباح غير المحققة فقط , حيث نعتقد أن الأرباح المحققة من الاستثمار بالأسهم المدرجة تشكل رقما لا يستهان به بالرغم من عدم إمكانية التعرض له بشكل مناسب من خلال هذا التقرير , من جهة أخرى فإن متابعتنا الدقيقة فيما مضى بما يتعلق بصحة الأرقام المعلنة عن أثر المعيار 39 & 40 تعطى مؤشرا واضحا بأن تلك الأرقام أقل مما يجب الذي يتطلب من إدارة السوق التدقيق في هذا الموضوع الحساس والمفصلي لمنع تواطؤ بعض إدارات الشركات مع مدققي حساباتها بخفض أثر تطبيق المعيار المحاسبي قدر الإمكان .

تحليلات أخرى

 وقد ارتفع مجموع ربحية الأسهم بمعدل 65% الذي يقل عن معدل نمو الأرباح الذي بلغ 82% كما تم الإشارة إليه في الفقرة السابقة وذلك يعتبر أمرا بديهيا نظرا لزيادة عدد الأسهم المصدرة للشركات المدرجة سواء بأسهم مجانية أو مدفوعة , ويلاحظ من الجدول (1) أن أكبر نمو مطلق في الأرباح كان في قطاع الاستثمار بمبلغ 91 مليون د.ك الذي جاء انعكاسا مباشرا لتطبيق المعيار 39 & 40 مما رفع أرباح ذلك القطاع بمبلغ 41 مليون د.ك , أما قطاع الأغذية فقد حقق أعلى نمو نسبي حيث ارتفعت أرباحه بمعدل 838% والذي يرجع بشكل رئيسي ارتفاع أرباح الشركة الكويتية للأغذية ( الأمريكانا) بمعدل 640% , وقد كان ذلك القطاع الثاني من حيث التأثر بالمعيارين بمبلغ 23 مليون د.ك التي تشكل 76% من أرباح القطاع والذي يرجع بشكل رئيسي إلى شركة الأمريكانا أيضا .

 و من الإحصائيات الأخرى بما يتعلق بتحليل نتائج الربع الأول 2005 أن 47 شركة ارتفعت أرباحها بأكثر من 100% التي تشكل 38% من الشركات , كما حققت جميع الشركات أرباحا عدا 3 شركات هي الدولية للمشروعات والمنتجعات ورعد التي تكبدت خسائر , وارتفعت نتائج 81% من الشركات مقابل تراجع نتائج 19% منها كما تحولت نتائج 7 شركات من الخسارة إلى الربح في حين تحولت أرباح شركة واحدة وهي المنتجعات من الربح إلى الخسارة .

ولابد لنا أن ننوه إلى أن النتائج التي تم تحليلها هي لعدد 123 شركة حيث تم إغفال نتائج الشركات التي لا تتوفر بياناتها المقارنة وكذلك التي لا يتوافق عامها المالي مع السنة الميلادية وأيضا بعض الشركات المدرجة حديثا التي لاتتوفر بياناتها المالية عن الربع الأول 2005 , وتجدر الإشارة إلى أن إجمالي عدد الشركات المدرجة وقت إعداد هذا التقرير يبلغ 139 شركة .

التوقعات

 لاشك بأن التنبؤ بالمستقبل وحتى بالأجل القصير ليس بالأمر اليسير في ظل ازدحام الشائعات والأخبار المنطقية وغير المنطقية التي تعصف بالسوق حاليا خاصة بما يتعلق بالعقود المليارية , وبتحييد أثر المفاجآت سواء الإيجابية أو السلبية منها يمكن القول بأن السوق مهيأ لاستئناف رحلة التراجع التصحيحي الذي بدأ في 27/4/2005 والذي تعطل مؤقتا بتدخل حكومي غير مبرر كما أسلفنا , غير أننا نستبعد أن يتراجع بأكثر من معدل 15% من أعلى نقطة وصل إليها هذا العام نظرا للمعطيات الاقتصادية الإيجابية التي تحيط بالبورصة بالرغم من حاجتها الضرورية إلى لسعات تصحيحية من وقت لآخر .

 

 

 

 

 

[email protected] www.aljoman.net

 

© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن