تقرير بيت الاستثمار العالمي "جلوبل- أرباح شركات الأسمنت بدول مجلس التعاون الخليجي في العام 2008 – بعد أن حققت نموا ثنائي الرقم خلال الأعوام الماضية، أنهت ربحية قطاع الأسمنت بدول مجلس التعاون الخليجي العام 2008 مسجّلة نتائج سلبية جراء التباطؤ الاقتصادي، انخفاض أسواق الأسهم وانخفاض العقارات. واستمر الازدهار الذي شهده قطاع الأسمنت في العام السابق نتيجة الارتفاع الحادِّ في الطلب على الأسمنت من قبل المشاريع العقارية ومشاريع البناء والتشييد، والمشاريع الأخرى كما استطاع قطاع الأسمنت طرح المزيد من كميات الأسمنت وتحقيق مكاسب أكبر. ومن ناحية أخرى، أثّرت الزيادة في أسعار الأسمنت بالسلب على الشركات وأدت إلى تدني هوامش ربحيتها بالإضافة إلى أرباحها. وعموماً، بعد أن سجّل انخفاضا بلغت نسبته 15 في المائة في التسعة شهور الأولى من العام 2008، أنهى قطاع الأسمنت العام 2008 مسجلا انخفاضا في أرباحه بنسبة 35 في المائة لتصل إلى 1.4 مليار دولار أمريكي بالمقارنة مع 2.2 مليار دولار أمريكي في العام 2007. وفي الربع الرابع من العام 2008، تكبد قطاع الأسمنت خسائر بقيمة 42 مليون دولار بالمقارنة مع أرباح قدرها 469 مليون دولار في الربع الرابع من العام 2007. وبالحديث عن ربحية قطاع الأسمنت في كلّ دولة على حدة، كان قطاع الأسمنت القطري هو الوحيد الذي سجّل نموا في أرباحه بلغت نسبته 10 في المائة في حين سجّلت قطاعات الأسمنت في بقية دول الخليج انخفاضا تراوح بين 11 و 105 في المائة. وسجّلت ربحية قطاع الأسمنت الكويتي لانخفاض الأكبر متراجعا بنسبة 105 في المائة يليه قطاع الاسمنت الإماراتي بنسبة 73 في المائة. واستطاعت شركات الأسمنت العُمانية والسعودية الخروج من العام 2008 مسجّلة انخفاضا اسميا في أرباحها و ذلك بسبب قلة اعتمادها على مصادر أخرى للدخل واكتفائها بالتركيز على نشاطها التجاري الأساسي.
في العام 2008، استطاع القطاع تحقيق إيرادات قدرها 5 مليار دولار بالمقارنة مع 4.4 مليار دولار في العام 2007، بارتفاع بلغت نسبته 16 في المائة. وحصدت المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة أعلى الإيرادات حيث تتواجد فيهما معظم شركات الأسمنت. وساهمت المملكة العربية السعودية بأكثر من 40 في المائة من إجمالي إيرادات شركات الأسمنت والتي تبلغ 2.0 مليار دولار تليها الإمارات العربية المتحدة بإيرادات قدرها 1.7 مليار دولار (34 في المائة من الإيرادات). واحتلت الكويت المرتبة الثالثة مسجّلة إيرادات قدرها 536 مليون دولار تَلتها كلّ من عُمان وقطر بإيرادات بلغت 396 مليون دولار و391 مليون دولار على التوالي.
استمرت ضغوط تكاليف الأسمنت حيث شهد القطاع زيادة بلغت نسبتها 36 في المائة في تكلفة مبيعات الأسمنت لتصل إلى 3.1 مليار دولار بالمقارنة مع 2.3 مليار دولار في العام 2007. وأدّى هذه الزيادة الكبيرة إلى خفض إجمالي هامش ربح شركات الأسمنت إلى 38 في المائة بعد أن بلغت 47 في المائة سابقا. ويرجع السبب الأساسي في ارتفاع تكلفة مبيعات الأسمنت إلى الارتفاع المتزايد في أسعار الكلنكر المستّورد وكذلك الزيادة المطَّردة في أسعار الوقود مثل فحم جنوب أفريقيا حتى التسعة شهور الأولى من العام 2008. لا تمتلك معظم شركات الأسمنت في المنطقة طاقات كافية من الكلنكر ولكنّها تمتلك طاقة أكبر لطحن الأسمنت والتي بدورها تدفعها إلى استيراد المزيد من الأسمنت لتلبية احتياجاتها منه.
هناك سبب أساسي آخر في انخفاض ربحية شركات الأسمنت في المنطقة وهو ذات السبب في انخفاض ربحية الشركات في العديد من القطاعات الأخرى في دول الخليجي، ومرده انخفاض أسواق العقارات والأسهم التي تعمل فيها معظم شركات الاسمنت. وفي العام 2007, حقق منتجو الأسمنت بدول مجلس التعاون الخليجي إيرادات بلغت قيمتها 587 مليون دولار علاوة على الإيرادات الأساسية التي حصدوها من استثماراتهم في العقارات والأسهم، وإيرادات العملات الأجنبية، والأرباح من الشركات الزميلة وغيرها. ومع ذلك، فقد كان المصدر ذاته سببا في المجزرة التي شهدتها الشركات في العام 2008 حيث شهدت خسائر بلغت 153 مليون دولار. وكان من الممكن أن تكون الخسائر أكبر من ذلك إذا لم يكن قطاع الأسمنت في بعض الدول مثل السعودية و قطر قد سجّل إيرادات بقيمة 74 مليون دولار و 58 مليون دولار على التوالي في العام 2008. في حين شهد قطاعي الأسمنت الإماراتي والكويتي خسائر بلغت 209 مليون دولار و85 مليون دولار في العام 2008.
ونتيجة لهذه الخسائر الفادحة، انخفضت قيمة أسهم قطاع الأسمنت إلى 9.8 مليار دولار في العام 2008 بالمقارنة مع 10.5 مليار دولار في العام 2007. وبلغت قيمة الأسهم 74 في المائة من إجمالي موجودات شركات الأسمنت في العام 2008 بعد أن بلغت 83 في المائة في العام الماضي. وشهدت المطلوبات والديون لقطاع الأسمنت ارتفاعاً في الفترة ذاتها بسبب مضي القطاع نحو التوسّع على خلفية توقّعاته المسبقة بشأن حدوث طفرة عقارية وعمرانية. وارتفعت المطلوبات بنسبة 57 في المائة بالغة 3.4 مليار دولار في العام 2008 بالمقارنة مع 2.1 مليار دولار في العام 2007 في حين ارتفعت الديون بنسبة 97 في المائة لتصل إلى 2 مليار دولار بالمقارنة مع 1 مليار دولار في العام 2007. و عموماً، شهدت موجودات قطاع الأسمنت الخليجي نموا هامشيا لتصل إلى 13.2 مليار دولار بالمقارنة مع 12.6 مليار دولار في العام 2007، مسجّلة ارتفاعا بلغت نسبته 4 في المائة.
تمكنت 4 شركات من أصل 24 شركة من إنهاء العام 2008 بنمو في ربحيتها في حين سجّلت الشركات الباقية انخفاضا أو أنهت العام بخسائر، فقد سجّلت شركة أركان لمواد البناء خسائر قدرها 291 مليون درهم إماراتي و يرجع ذلك إلى تسجيلها خسائر بقيمة 488 مليون دينار من مصادر الدخل غير الأساسي. و كانت شركة أسمنت بورتلاند الكويت ثاني أكثر الشركات المتراجعة حيث سجّلت خسائر قدرها 8.8 مليون دينار كويتي و التي ترجع أيضا إلى تسجيلها خسائر بقيمة 11 مليون دينار كويتي من مصادر الدخل غير الأساسي. في حين احتلت شركة رأس الخيمة للأسمنت الأبيض المركز الثالث في قائمة الشركات المتراجعة حيث سجّلت أيضا بلغت 82 مليون درهم إماراتي بسبب الخسائر المتحققة من مصادر الدخل غير الأساسي و البالغة 105 مليون درهم إماراتي. و سجّلت شركة أسمنت الخليج- التي شكّلت استثماراتها 35 في المائة من موجودات قطاع الأسمنت في العام 2007 - خسائر كبيرة في إيراداتها غير الأساسية بلغت 306 مليون درهم في العام 2008 بالمقارنة مع 192 مليون درهم في العام 2007. وكانت شركة اسمنت الكويت الوحيدة من بين أكثر خمس شركات تراجعا، التي سجّلت أرباحا إيجابية في نهاية العام بلغت 4.3 مليون دينار في العام 2008. و سجّلت الشركة أيضا خسائر في إيراداتها غير الأساسية بلغت 11.5 مليون دينار في العام 2008.
كانت شركة أسمنت رأس الخيمة أبرز الشركات الرابحة حيث سجّلت أرباحا بلغت نسبتها 46 في المائة خلال العام 2008 لتصل إلى 80 مليون درهم إماراتي بالمقارنة مع 55 مليون درهم في العام 2007. ويعزى النمو في أرباحها إلى ارتفاع أسعار أسمنت البورتلاند و إنتاج نوع جديد من الاسمنت باسم “باوركريت” والاسمنت المخلوط “اسمنت مع فلاي اش”، بالإضافة إلى إتباعها إجراءات صارمة لمراقبة الجودة. في حين جاءت شركة قطر الوطنية لصناعة الأسمنت في المركز الثاني في قائمة أبرز الشركات الرابحة بتسجيلها أرباحا بلغت نسبتها 16 في المائة حيث شهدت نموا في إجمالي إيراداتها كما أنها كانت مدعومة بارتفاع إيراداتها غير الأساسية. تعتبر شركة أسمنت الفجيرة، الشركة الوحيدة العاملة في قطاع الأسمنت بدولة الإمارات العربية المتّحدة التي تمتلك أيّ محفظة استثمارية وهي تعتمد اعتمادا كليّاً على أنشطتها الأساسية. وسجّلت الشركة ارتفاعا في أرباحا بلغت نسبته 13 في المائة لتصل إلى 196 مليون درهم في العام 2008.
وضعت شركات الأسمنت نفسها على الطريق الصحيح كما أنّها تجري توسعات ضخمة في طاقتها الإنتاجية. ومن المتوقّع أن ترتفع إجمالي الطاقة الإنتاجية لدول مجلس التعاون الخليجي إلى 112 مليون طن سنويا بحلول العام 2011 بالمقارنة مع 85 مليون طن سنويا في نهاية العام 2008. وتجري كلّ من شركات الأسمنت المدرجة وغير المدرجة في السوق السعودي توسعات في طاقتها الإنتاجية لترتفع من 44 مليون طن سنويا في العام 2008 إلى 55 مليون طن سنويا بحلول العام 2011. كذلك، تعمل الإمارات العربية المتّحدة على رفع طاقتها الإنتاجية من الأسمنت من 29 مليون طن سنويا في العام 2008 إلى 41 مليون طن سنويا بحلول العام2011. و في نهاية العام2011، يتوقّع أن تتراوح الطاقة الإنتاجية للأسمنت في الكويت، وعُمان، وقطر بين 5-6 مليون طن سنويا مسجلة مقارنة بالمستويات الحالية.
ولإيجاز ما سبق، مازال قطاع الأسمنت بدول مجلس التعاون الخليجي يواصل نموه بالرغم من التباطؤ الاقتصادي، حيث لم يؤثر تباطؤ نمو أسواق العقار والبناء والتشييد أسواق السعودية و قطر إلى حد كبير كما أن معظم مشاريعهما يتم إنجازها في الوقت المقرر لها. وحددت السعودية سعر تعادل أقلّ للنفط وهو ما يعني أنها ستسجل فائضا في حين يعتبر اعتماد قطر على النفط محدودا و لكنها تجني أرباحها من الغاز، الذي توفر عقوده الطويلة الأجل وسادة حكاية من التباطؤ الاقتصادي القصير الأمد. ووفقا لتقرير مجلة MEED أعلنت دول مجلس التعاون الخليجي عن اعتزامها تنفيذ مشاريع عقارية تتجاوز 3 تريليون دولار. مع الأخذ في الاعتبار الضائقة الائتمانية والقيود النقدية، فإذا خصمنا من قيمة هذه المشاريع أكثر من 50 في المائة سيظل هناك طلبا كبيرا على الأسمنت وهو ما سوف يصب في مصلحة شركات الاسمنت في دول مجلس التعاون الخليجي.
© 2009 تقرير مينا(www.menareport.com)