اليورو قد يزداد قوة في 2018

تاريخ النشر: 08 يناير 2018 - 09:34 GMT
كان اليورو صعد العام الماضي ما نسبته 14 في المائة، ووضع حداً لهبوط دام 3 سنوات
كان اليورو صعد العام الماضي ما نسبته 14 في المائة، ووضع حداً لهبوط دام 3 سنوات

بدأ اليورو الأسبوع الأول من 2018 بسعر صرف مرتفع نسبياً استكمالاً لرحلة الصعود التي استمرت طوال 2017، وتجاوزت العملة الأوروبية مع انتهاء تعاملات الخميس مستوى 1.2 دولار.

وكان اليورو صعد العام الماضي ما نسبته 14 في المائة، ووضع حداً لهبوط دام 3 سنوات، وسجل أفضل أداء بين عملات مجموعة الـ10. وهي: الدولار الأميركي والين الياباني والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري والدولار الأسترالي والدولار النيوزيلندي والدولار الكندي والكورونة السويدية والكورونة النرويجية بالإضافة إلى اليورو.

وتجب العودة إلى ما قبل 3 سنوات لنجد أرقاماً قياسية كالتي يحققها اليورو الآن، قبل أن يهبط خلال أعوام 2014 و2015 و2016.
وقبل سنة، وتحديداً في 3 يناير (كانون الثاني) 2017، وصل سعر اليورو إلى 1.03 دولار فقط، أي أنه اقترب من سعر التعادل مع العملة الأميركية. هبوطه آنذاك كان مرتبطاً بتشاؤم اقتصادي أوروبي وبالسيولة الوفيرة التي أتت نتيجة لبرنامج أطلقه البنك المركزي الأوروبي في عام 2015 لشراء الديون. فمنذ ذلك الحين بلغت قيمة شراء الديون نحو ترليوني يورو، إلا أن العملة الأوروبية الموحدة تجاوزت ذلك، وعادت للصعود العام الماضي، ما شكل مفاجأة لمعظم المراقبين والعاملين في أسواق الصرف.

أما أسباب الصعود فمتعددة، وأبرزها عودة النمو الصلب إلى اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي، الذي يفترض أنه سجل 2.4 في المائة في المتوسط العام خلال عام 2017، علماً بأن توقعات 2018 تشير إلى تفاؤل إضافي.

ويقول مصدر في البنك المركزي الأوروبي: «عادت أوروبا، والأزمة باتت وراء ظهورنا». أما مؤشرات الانتعاش فكثيرة، وآخرها تسجيل القطاع الصناعي الأوروبي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي نمواً في نشاطه هو الأفضل منذ 20 سنة، كما تؤكد الإحصاءات القطاعية في المفوضية الأوروبية. والمؤشرات الأخرى أظهرت انتعاشاً متفاوتاً تجاوز التوقعات، مثل فائض الحساب الجاري الذي سجل 350 مليار يورو العام الماضي بفضل دخول رساميل جديدة، بينما الحساب الجاري الأميركي عاجز.

إلى ذلك، يذكر أن البنك المركزي الأوروبي أعلن منتصف العام الماضي أنه سيوقف برنامج شراء الديون، وتوقع بدء ذلك في نهاية الربع الثالث من العام الحالي. هذا الإعلان أعطى اليورو دفعة إضافية.

وبين العوامل الأخرى التي أعطت دفعة لليورو ما حصل على الصعيد السياسي في الربيع الماضي، لا سيما تراجع الخوف من صعود الحركات الشعبوية واليمينية المتطرفة، فقد سجل العام الماضي عدم تقدم اليمين الهولندي المتطرف في الانتخابات التشريعية التي جرت في مارس (آذار) الماضي، ثم فوز إيمانويل ماكرون بالانتخابات الرئاسية الفرنسية على المرشحة اليمينية المتطرفة مارين لوبان في مايو (أيار).

لكن قوة اليورو ليست ذاتية فقط، بل استمدت أيضاً من ضعف الدولار الذي لم يستفد كما يجب من وعود الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ولم يستفد الدولار من رفع الفائدة 3 مرات في خلال عام 2017، علما بأن وول ستريت سجلت أفضل استفادة ممكنة من وعود الرئيس الأميركي، وصعدت بمعدلات هي الأفضل مقارنة بالبورصات العالمية الرئيسية. وهبط الدولار العام الماضي أمام 19 عملة عالمية رئيسية بنسبة 10 في المائة، وسجل أسوأ أداء له منذ 15 سنة. ولم تصعد العملة الخضراء إلا أمام دولار هونغ كونغ والريال البرازيلي والليرة التركية.

ويذكر أن بداية الهبوط ترافقت مع تصريحات أطلقها ترمب في يناير 2017، حذر فيها من أثر قوة الدولار في الاقتصاد الأميركي.

والجديد اللافت هو أنه قبل 3 أسابيع، عندما أقر قانون خفض الضرائب الأميركية من مستوى 35 في المائة إلى 20 في المائة فقط، ساد اعتقاد بأن العملة الأميركية سترتفع، لكن محللين أكدوا أن الـ2.6 تريليون دولار الخاصة بالشركات الأميركية والموظفة في الخارج هروباً من الضرائب، هي في الحقيقة موظفة بالدولار، أي أنه لا تحويلات فيها تعزز سعر الصرف.

على صعيد آخر، يشير محللون إلى إمكان حصول تباطؤ في أجندة رفع الفائدة الأميركية في عام 2018 الحالي، وأن الرئيس الجديد للاحتياطي الفيدرالي جيروم باول الذي سيتسلم مهامه أول فبراير (شباط) المقبل قد لا يكون متطابقاً في سياسته النقدية بنسبة مائة في المائة مع سياسات جانيت يالين الرئيسة المنتهية ولايتها للاحتياطي الفيدرالي.

ويؤكد محللون أن كل ذلك قد لا يكون في صالح الدولار لكنه سيفيد اليورو، ولو بطريق غير مباشر.

وفي سياق متصل، تجاوزت العملة الأوروبية تبعات أزمة كاتالونيا واللايقين الحكومي الذي يشغل ألمانيا، كما أن المحللين يقللون من الأثر المتوقع لنتائج مفاجئة للانتخابات الإيطالية المتوقعة في مارس المقبل.

وبذلك «تحول ويتحول اليورو إلى ملاذ آمن بالنسبة لشرائح واسعة من المستثمرين»، كما يقول مسؤول صرف في «ناتكسيس». وتبقى قوته الحالية غير مؤثرة سلباً في الشركات الأوروبية المصدرة، لكن صعوده أكثر خصوصاً إلى ما بين 1.3 و1.4 دولار سيكون بتأثير سلبي شبه مؤكد على الصادرات والسياحة والبورصات. ولا يستبعد كثير من المحللين، لا سيما في تقارير صادرة عن «ناتكسيس» و«جينيرالي» و«آي إن جي» من صعود العملة الأوروبية في عام 2018 إلى 1.3 دولار إذا استمرت في هذه السنة فاعلية العوامل التي سادت خلال السنة الماضية، وخصوصاً أيضاً إذا توقف برنامج شراء الديون كما وعد البنك المركزي الأوروبي وتوقف معه فائض السيولة في الأسواق، وبالتالي ستعود فائدة الإيداع باليورو إلى الارتفاع ابتداء من 2019.

ويذكر أن هبوط الدولار أفاد أيضاً الين الياباني الذي سجل العام الماضي أفضل أداء له منذ 2011 وصعد 3.6 في المائة مقابل الدولار. أما الجنيه الإسترليني الذي هبط 16 في المائة بعد التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2016، فقد ارتفع في 2017 نحو 10 في المائة بفضل مؤشرات أتت أفضل من التوقعات.

 

اقرأ أيضًا: 

اليورو نحو أكبر زيادة أسبوعية في شهر

اليورو يحلق لأعلى مستوى في أسبوع


اليورو يحلق لأعلى مستوى في عامين ونصف