حقق برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي والإداري الذي شرعت الحكومة بتنفيذه منذ عام 1995 , نجاحات كبيرة لاسيما فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار الاقتصادي ومحاصرة العجز والتضخم واستقرار العملة المحلية حيث أدت الاصلاحات الى ارتفاع معدل النمو الاقتصادي الى ما بين 4 -5 في المائة من 4ر1في المائة بالسالب عام 1994، وانخفاض عجز الموازنة العامة للدولة من اكثر من 17 في المائة من الناتج المحلي الاجمالي، الى3 في المائة ، وتراجع معدل التضخم من 77 في المائة الى 10في المائة.
وتراجعت البطالة من حوالي 33في المائة الى 18في المائة.. فضلا عن ارتفاع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي من 90 مليون دولار عام 1994م الى 5ر5 مليار دولار، وانخفاض حجم المديونية الخارجية الى حوالي 6 مليارات ريال بعد ان كانت تتجاوز مبلغ 11 مليار دولار. ولتعزيز هذه النجاحات والمحافظة عليها جاءت الاجراءات الحكومية الجديدة المتمثلة بتخفيض الدعم للمشتقات النفطية مكملة لمسيرة الإصلاحات خاصة في ظل المؤشرات التي تؤكد أن التباطؤ في استكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والاداري قد ينسف كل النجاحات التي تحققت خلال الاعوام الماضية، وذلك حسب ما أوردته وكالة الأنباء اليمنية.
ويؤكد خبراء اقتصاديون أن تعديل اسعار المشتقات النفطية يأتي بغرض الحد من عمليات الهدر الواسعة للمال العام والناتجة عن استمرار تهريب المشتقات النفطية إلى الخارج استغلالا للدعم الحكومي لمواد البنزين والديزل والغاز المنزلي والكيروسين، والذي قدر بنحو 44 مليار ريال في الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2005، وبحوالي 275 مليار ريال عقب الارتفاع الكبير الذي شهدته اسعار النفظ على المستوى العالمي.
وهو ما كان يفترض توجيهه لصالح المشاريع الخدمية والتنموية التي تحتاجها البلاد خاصة من مشاريع البنى الأساسية والتحتية لقطاعات التعليم والصحة وشبكات الطرق والكهرباء والمياه وغيرها من الخدمات الأساسية الاخرى. وفي هذا الشأن تؤكد الإحصائيات الرسمية ارتفاع معدل الاستهلاك المحلي لمادة الديزل من 80 ألف طن إلى 128 ألف طن شهريا بسبب تفاقم عمليات النهب لهذه المادة وتهريبها إلى الخارج واتجاه البعض إلى استبدال معداتهم الزراعية والمركبات لتعمل بالديزل بدلاً عن البنزين مما ضاعف من آثار التلوث للبيئة.
وتؤكد التقارير الإقتصادية أن الخزينة العامة تتكبد خسائر باهظة نتيجة أستمرارها ببيع "الديزل" بسعر 17 ريالا للتر الواحد وهو مايقل , بواقع تسعة وسبعين ريالا لكل لتر عن سعر الإستيراد .. ناهيك عن الخسائر الناتجة عن قيام الحكومة بتحمل تبعات تكرير مادة الديزل في المصافي المحلية والتي كان بعضها يلتهم حوالي 70في المائة من إيراداتها لصالح عمليات الصيانة.
ولم ينته حجم الخسائر عند هذا الحد بل أنه وبحسب المسؤولين في الحكومة تفاقم في السنوات الأخيرة إلى درجة أن الحكومة وجدت نفسها مضطرة لإستيراد حوالي30 الف طن من الديزل من الخارج بسعر 96 ريالاً للتر الواحد , وذلك لتغطية العجز الحاصل في السوق والناتج عن سحب كميات كبيرة من الديزل إلى خارج اليمن عن طريق شبكات تهريب واسعة , ما أدى إلى تكبيد خزينة الدولة خسائر باهضة تقدر بنحو 80 مليار ريال سنويا.
ويؤكد الاقتصاديون بان إستمرار هذا الهدر للمال العام بسبب التهريب منشأنه أن يلحق اضرارا اقتصادية كبيرة بالبلاد، في حين تؤكد كل المؤشرات أن أي تراجع عن مسيرة الإصلاحات سيفقد البلاد كل النجاحات المحققة خلال السنوات الماضية ، ما يعني دخول اليمن في دوامة من المشكلات الاقتصادية التي لا تستطيع تحمل آثارها وتبعاتها .
على صعيد ثان، كشف أحمد محمد صوفان نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي إن اليمن يستورد حاليا ثلثي احتياجاته من الديزل بسعر يتجاوز 96 ريال للتر الواحد ، في حين يتم بيعه للمستهلك بـ17 ريال فقط.ولفت صوفان في مقابلة مع الفضائية اليمنية إلى ان الاستهلاك ارتفع في نفس الوقت بشكل كبير جدا مما يؤكد وجود اختلالات كبيرة اما اسرافا في الاستهلاك اوتهريب جزء كبير من هذه المادة الى الدول المجاورة عبر القنوات المختلفة.
وقال :" ان هذا الامر دفع الحكومة الى اتخاذ قرار تخفيض الدعم عن المشتقات النفطية"، مؤكد ان نتائج هذا القرار ستكون في مصلحة الاقتصاد الوطني على المديين المتوسط والطويل.واشار الى إن رفع جزء من الدعم عن المشتقات النفطية ظل محل الدراسة خلال الفترة الماضية نظرا لارتباط المشتقات النفطية والوقود عموما بمجمل عمليات التنمية الاجتماعية والاقتصادية .
ونوه الأخ نائب رئيس الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي الى ان الارتفاع الذي حصل في الاسعار العالمية للنفط عموما والمشتقات النفطية على وجه الخصوص ادى الى ضرورة اتخاذ الحكومة لهذا القرار .وقال صوفان " أي تأخير في اتخاذ هذا القرار سيكون على حساب التنمية عموما وعلى حساب جميع المواطنين باعتبار ان المشتقات النفطية كانت تلتهم معظم المخصصات للانفاق في الموازنة العامة.
© 2005 تقرير مينا(www.menareport.com)