تواصل المناطق الخاصة والمدن الاقتصادية بزوغها كقوى محركة رئيسية لعملية النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويرجع ذلك إلى قدرتها على توفير البنية التحتية للاتصالات والخدمات اللازمة لكبار المستثمرين. قامت شركة بوز ألن هاملتون بدراسة حديثة تناولت العوامل الرئيسية وراء توفير بنية تحتية للاتصالات وتوفير الخدمات المناسبة بالمناطق الخاصة والمدن الاقتصادية آخذة بعين الاعتبار الفروق بين مفاهيم مطوري المشاريع ومشغلي الاتصالات القائمين وصانعي السياسات والجهات التنظيمية في قطاع الاتصالات
دبي – الإمارات العربية المتحدة 23 أبريل 2008:
أدركت دول مجلس التعاون الخليجي حاجاتها لتطوير اقتصادياتها الوطنية لتتخطى اعتمادها على قطاع البترول وفقا لتقرير حديث أصدرته شركة بوز ألن هاملتون. وعلى ذلك قامت دول مجلس التعاون الخليجي بإنشاء مناطق اقتصادية وهي مناطق مخصصة يحصل قاطنوها والشركات القائمة بها على إعفاءات ضريبية وقانونية معينة، ويتمحور نشاط هذه المناطق على قطاعات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والقطاعات المالية وغيرها من القطاعات الخدمية الأخرى. هذه المناطق ستؤدي الى استحداث برامج اقتصادية وطنية جديدة قائمة على مفاهيم محددة أو صناعات تعمل على دعم النمو وجذب أنواع جديدة من الزائرين والقاطنين وإنشاء فرص عمل جديدة.
تقوم بعض الدول حاليا بوضع خطط ضخمة لتحويل هذه المناطق إلى مدن اقتصادية، والتي من شأنها أن تشكل قوى اقتصادية محركة لقطاع الاتصالات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار السنوات العشر القادمة.
وفقا للمدير الاستشاري بهجت الدرويش – من شركة بوز ألن هاملتون بالشرق الأوسط يرغب مطورو العديد من المناطق الجديدة في توفير بنية اتصالات تحتية متقدمة وخدمات لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات مما يؤدى لجذب الأطراف الرئيسية في هذا القطاع، ويفكر بعض المطورين في ممارسة دور اساسي في هذا المجال.
"يخضع قطاع الاتصالات في كافة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للوائح والقوانين المنظمة له، ولم يعد في إمكان مطوري المناطق الخاصة بالأسواق المفتوحة توقع أن يكون تقديم خدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات حصريا في مناطق جغرافية مختارة". وأضاف السيد/ بهجت مفسرا "ستؤدي الإعفاءات التنظيمية أو المعاملة الخاصة لهذه المناطق إلى وجود نتائج معاكسة ومغايرة للهدف المرجو من هذه المناطق". ينبغي أن تكون المناطق الخاصة والمدن الاقتصادية قوى محركة لدفع المزيد من المنافسة والتقدم في الأسواق المفتوحة.
التحدي القائم
لسنوات عديدة، عرفت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المناطق الاقتصادية، ولكن مؤخرا بدأت حكومات الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي في إنشاء مناطق مطورة تتميز بتوفر أدوات اقتصادية متقدمة.
يفكر بعض المطورين بقيادة إنشاء البني التحتية للاتصالات ومع تقديم الخدمات المرتبطة للأطراف العاملة في هذه المناطق حيث ستقوم بتوفير بيئة متقدمة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات. ولكن قد يواجه المطورون تحديا يتلخص في العوائق التنظيمية التي قد تعوقهم عن تنفيذ هذا المنهج.
علق على ذلك السيد/ جوناثان فيسك – مستشار أول بشركة بوز ألن هاملتون "ستحتاج الهيئات الوطنية للاتصالات أن تقوم بإعادة تقييم التزاماتها وأطرها التنظيمية كي تتمكن من التغلب على الحواجز التي تمنع مقدمي خدمات ليسوا مشغلين في مجال الاتصالات من تقديم خدمات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات لهذه المناطق".
قد تصل السلطات لنتيجة مفادها أن أمامها أحد خيارين إما أن يتم تحرير نظام الصلاحيات بصورة أكبر أو أن تعتبر أن الممارسات الحالية داعمة بما فيه الكفاية، وعلى هذه السلطات أن تتخذ جانب الحذر في منحها للإعفاءات لعملية تقديم خدمات الاتصالات من القوانين داخل المناطق الاقتصادية. وبدلا من ذلك، ينبغي عليهم التركيز على تحديد ما إذا كان تحرير السوق ضروريا على مستوى القطاع لتحقيق الفائدة المرجوة للمناطق.
نمو المناطق الاقتصادية بمنطقة مجلس التعاون الخليجي
حتى الآن، تم إنشاء أو يجري إنشاء ما يزيد عن 55 مدينة أو منطقة اقتصادية في منطقة مجلس التعاون الخليجي.
كانت دولة الإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الأوائل في تبني فكرة المناطق الاقتصادية، ولديها ما لا يقل عن 31 منطقة اقتصادية تم إنشاؤها أو في طور الإنشاء، وتتراوح أنشطة هذه المناطق من النشاط الإعلامي إلى الترفيهي إلى الصناعي إلى خدمات تكنولوجيا المعلومات إلى الأنشطة البحثية والتنموية.
وتأتي المملكة العربية السعودية كمثال آخر للدولة التي لديها خططًا لتنمية المدن والمناطق الاقتصادية، حيث تخطط لأن يستوطن ويعمل في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية بحلول عام 2020 ما يقرب من 2 مليون نسمة.
قامت دول خليجية أخرى وبصورة متزايدة بتبني خيار إقامة مناطق اقتصادية لتدفع من عملية التنوع الاقتصادي بالمنطقة ولتزيد من فرص العمل بها.
• تقوم البحرين بتطوير مرفأ البحرين الاستثماري (Bahrain Investment Wharf) ليتم إضافته إلى موانئها والمناطق الصناعية بها (ميناء سلمان والمنطقة الصناعية بشمال سترا)
• تمتلك عمان منطقة تطلق عليها اسم واحة المعرفة بمسقط وتخطط لبناء مدينة متعددة التخصصات تحت اسم المدينة الزرقاء، وتركز في هذه المدينة على المرافق السياحية والسكنية
• تخطط قطر لإنشاء مدينة متطورة تحت اسم مدينة الطاقة بقطر وتهدف لجذب الأطراف الرائدة في صناعة البترول والغاز
تقديم بنية تحتية وخدمات متقدمة في قطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات
يمكن أن يجابه المطورون تحديات تنظيمية في حال قيامهم بتقديم البنية التحتية والخدمات الخاصة بالاتصالات، ولا تقتصر التحديات على ذلك ولكنها تمتد للمشغلين الموجودين حاليا لوجوب الالتزام ببناء الشبكات في المناطق ضمن الإطار الزمني المحدد أو وفقا للمعايير التي تتطلبها خطط المطورين. يعلق السيد بهجت على ذلك قائلا "من الضروري لكافة الأطراف ذات الصلة وأعني المطورين والمشغلين والجهات التنظيمية وصانعي السياسات أن يتعاملوا على إيجاد حلول للحواجز التي تعوق عملية تطوير الخدمات والبنية التحتية لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات".
المطورون: يخضع قطاع الاتصالات في كافة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للقوانين والتشريعات المنظمة للقطاع ولا يمكن للمطورين تقديم خدمات الاتصالات والمعلومات في المناطق والمدن الخاصة بطريقة حصرية. برغم وجود أمثلة على احتكار تقديم الخدمات في الماضي، إلا أن هذه الأمثلة كانت قبل تحرير قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ولذلك يجب على المطورين الإدراك أنهم في حاجة لدراسة أهدافهم في ظل قطاع اتصالات وتكنولوجيا معلومات مفتوح ومنظم.
أضاف السيد/ جوناثان فيسك مفسرا "لدى العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ممارسات تشريعية مقيدة لدخول السوق ومعظمها يؤدي لإصدار عدد ثابت من تراخيص الشبكات". على المطورين الراغبين في دخول السوق أن يدركوا أنه عادة ما يتم فرض شروط على المشغل المصرح له، وعادة ما يمثل ذلك خروجا عن أهداف المطور.
المشغلون: يحدد بعض المطورين ما يريدونه ويوضحون رغبتهم في تطوير وتقديم هذه الاحتياجات بأنفسهم. بذلك يواجه المشغلون فكرة المزيد من المنافسة ويواجهون خطر الاستبعاد من السوق.
يوضح السيد/ جوناثان فيسك ذلك بقوله "يحتاج المشغلون إلى انتهاز فرصة الحاجة إلى خدمات وبنية تحتية متقدمة لقطاع تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، وعليهم العمل مع الجهات التنظيمية والمطورين لضمان تقديمهم واستفادتهم من هذه الفرص". ينبغي أن يأخذ المشغلون زمام المبادرة فيما يتعلق بأهداف المطورين الخاصة بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بهذه المناطق.
الجهات التنظيمية وصانعو السياسات: ستواجه الجهات التنظيمية وصانعو السياسات تحديات نتيجة للمناطق والمدن الاقتصادية، أولها هل تستحق هذه المناطق والمدن الاقتصادية أو هل يمكن أن يسمح لها قانونيا بمعاملة خاصة؟ إذ يجب أن توازن الهيئات التنظيمية بين الترويج للنشاط الاقتصادي للمنطقة وبين تنمية قطاع الاتصالات حيث أن المعاملة الخاصة قد تكون غير قانونية وفقا لأطر تنظيمية لقطاع الاتصالات.
أضاف السيد/ جوناثان فيسك قائلا "ينبغي أن يدرس صانعو السياسات والجهات التنظيمية حالة تحرير السوق، والفرص نحو سوق مفتوحة، ومشاركة البنية التحتية، وكذلك وضع الشبكات الخاصة ليتمكنوا من تحديد أفضل المنهجيات ضمن النظم واطر العمل القائمة".
النهوض بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات: نماذج إدارة المناطق الاقتصادية
أضاف السيد/ بهجت الدرويش مفسرًا "توجد أربعة نماذج يمكن دراستها لتنمية البنية التحتية للاتصالات ولتقديم خدمات تجارية لمستخدمي تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات".
الخاص: يحوز المطورون على السيطرة التشغيلية الكاملة على البنية التحتية وتقديم خدمات تجارية للمقيمين بالمنطقة ويتحملون مسؤولية إنشاء شبكات الاتصالات والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، ويقومون بإدارة عمليات شبكة الاتصالات، وتقديم خدمات الهاتف والإنترنت بما في ذلك الخدمات الصوتية وخدمات نقل البيانات والخدمات التلفازية. وعلق السيد/ بهجت على هذا النموذج بقوله "يصعب تنفيذ هذا النموذج بمعظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لأنه يتعارض مع سياسات تحرير السوق".
الحصري: في النموذج الحصري، يقوم المطور باختيار مشغل البنية التحتية ومقدمي الخدمات التجارية ويمنحهم حقوقا حصرية بالمنطقة. يواجه هذا النموذج تحديات مشابهة لما يواجه النموذج الخاص ولكن يمكن تطبيقه بالأسواق التي ما زالت منغلقة في وجه المنافسة.
موجه: وفقا لهذا النموذج، يتم قصر تنمية وعمليات البنية التحتية على مشغل أو إتحاد مشغلين، والذي يتولى الإشراف على شبكة واحدة، بينما يتم فتح عملية تقديم الخدمات التجارية بالمنطقة لكافة المشغلين المصرح لهم. وعلى هذا النموذج، علق السيد/ بهجت الدرويش بقوله "مع الأخذ في الاعتبار منهج تحرير القطاع الذي تتبناه معظم الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فربما كان النموذج الموجه هو الحل المناسب للموازنة بين أهداف كل من الجهات التنظيمية والمطورين والمشغلين".
مفتوح: يتيح النموذج المفتوح لأي مشغل شبكة مرخص وأي مقدم خدمة مرخص أن يتنافسوا في خدمة المستخدمين داخل المناطق الخاصة. لا يتم وضع تمييز بين المناطق الاقتصادية وغيرها من المناطق غير المحددة كمناطق اقتصادية. وعلى هذا النموذج، علق السيد/ بهجت الدرويش بقوله "يتسق النموذج المفتوح مع عملية تحرير السوق والمنافسة العادلة. يشجع هذا النموذج على بروز المزيد من الفاعلية الاقتصادية بأكثر مما تفعله باقي النماذج التي تعتمد على درجة من درجات الحصرية".
دروس يستفيد منها الأطراف الفاعلة
أضاف السيد/ كريم صباغ – نائب رئيس بشركة بوز ألن هاملتون ورئيس قسم التكنولوجيا والاتصالات بالشرق الأوسط – قائلا "ستكون المناطق الاقتصادية كقوى محركة هامة لعملية نمو العوائد التي يحققها قطاع الاتصالات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدى السنوات العشر المقبلة. في دول مجلس التعاون الخليجي وحدها، من المتوقع أن تحقق المناطق الاقتصادية نسبة 15% إضافية من عوائد الاتصالات بحلول عام 2018".
يلعب المطورون دورا حيويا في زيادة التوقعات الخاصة بمعايير خدمة تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات وإتاحتها بالمنطقة. ينبغي أن يستفيد المشغلون من مزايا سياسات تحرير السوق لزيادة قاعدة عملائهم على أن يعوا الخطورة على مدى ونطاق أنشطتهم التشغيلية وأنشطة تقديم الخدمات. ربما يجب على صانعي السياسات أن يقللوا من القيود المفروضة على منح صلاحيات الدخول للسوق وأن يخفضوا من الالتزامات المقيدة لذلك مثل الالتزامات الخاصة بمتطلبات التغطية الجغرافية، بينما ينبغي على الجهات التنظيمية مراجعة وضع الملاك فيما يتعلق بالوصول لتركيب بنية تحتية جديدة وغير ذلك من الالتزامات التي تمكن من الوصول لتقديم خدمة جديدة.
لا يجب النظر في المقام الأول الى أن المناطق والمدن الاقتصادية تضمن الحصول على إعفاءات من الأطر التشريعية المنظمة لقطاع الاتصالات المحرر. فعلى العكس، قد يخالف مبدأ الإعفاءات المبدأ الذي تقوم عليه المناطق الاقتصادية والتي تتضمن خلق بيئات تنافسية حرة. ولخص السيد/ كريم صباغ ذلك قائلا "يجب أن تتعاون الجهات التنظيمية والمطورون وكافة مقدمو الخدمة المصرح لهم لضمان نجاح السياسات الوطنية الخاصة بتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بالمناطق الاقتصادية ولضمان إتاحة الفرص المتعددة لمواجهة طلبات المشاركين بالسوق والتي تتمحور حول خدمات وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات دون التعارض مع أهداف السياسة الأخرى".
يعمل كل من السادة جوناثان فيسك وبهجت الدرويش وكريم صباغ وشادي سميرا –بشركة بوز ألن هاملتون وهم مؤلفو دراسة "نهضة المدن الاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: من منظور الاتصالات"
تتناول هذه الدراسة العوامل الرئيسية التي تجعل من الممكن تقديم خدمات وبنية تحتية متقدمة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات بالمناطق الخاصة والمدن الاقتصادية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتلاحظ الدراسة الفروق بين مفاهيم المطورين ومشغلي الاتصالات والجهات التنظيمية وصانعي السياسات بالقطاع.
يمكن الإطلاع على الدراسة بأكملها على الموقع التالي: www.boozallen.com
© 2008 تقرير مينا(www.menareport.com)