اللبنانيون في الغربة ودورهم الأساسي في السياحة

تاريخ النشر: 07 يونيو 2012 - 02:00 GMT
لا أحد ينكر فضل السياح العرب والخليجيين تحديدا على لبنان. لكن كيف يمكن دولة ان تضع استراتيجيات سياحية صحيحة إذا كانت تغفل الدور الاساسي لمغتربيها، وتحذفهم من معادلتها!
لا أحد ينكر فضل السياح العرب والخليجيين تحديدا على لبنان. لكن كيف يمكن دولة ان تضع استراتيجيات سياحية صحيحة إذا كانت تغفل الدور الاساسي لمغتربيها، وتحذفهم من معادلتها!

الكل قلبه على السياحة. فمنذ منع بعض دول مجلس التعاون الخليجي رعاياها من زيارة لبنان والبلد مخضوض حول التأثيرات على الموسم السياحي. ولا نلوم المسؤولين إذا كانت ارقام السياحة تشير الى ان 40% من ال1,6 مليون سائح الذين زاروا لبنان العام الماضي كانوا من العرب، و30% من الخليجيين.

لكن المشكلة ان "الارقام وجهة نظر في لبنان". فهذه الاحصاءات لا تعكس بتاتا واقع السياحة، بل هي مضللة... بعد سلسلة من الاستفسارات، تبين لي ان رقم السياح يحتسب على اساس الوافدين إلى مطار بيروت والمعابر الحدودية من الجنسيات غير اللبنانية. مثلا، كل اللبنانيين المقيمين في الخليج ويزورون لبنان مرارا، لا يسجلون ضمن السياح. واللبنانيون الذين يستخدمون جوازات سفر اجنبية ويبرزون اي وثيقة لبنانية كالهوية او جواز لبناني منتهي الصلاحية، يدخلون بدون تأشيرة، فيصنفون كلبنانيين، ولا يسجلون تاليا ضمن قوائم السياح. فقط، من يحتاج الى تأشيرة ولو كانت فورية ومجانية يصنف كسائح. ورقم 1,6 مليون يحتوي على تكرار، اذ يحتسب السائح نفسه مرات عدة. فالخليجي الذي يزور لبنان 3 مرات في السنة يسجل على انه 3 سياح.

أرقام السياحة تغفل تاليا اكبر فئة من السياح المتمثلة بزيارات اللبنانيين المقيمين في الخارج، وما أكثرها! فكيف يمكن استبعاد كل العائلات اللبنانية التي تزور لبنان في الاعياد، وكل فصل تزلج، وكل فصل صيف، تستأجر سيارة، وتحضر المهرجانات، وترتاد المطاعم يوميا، وتتسوق، واحيانا تستأجر شققاً مفروشة او شاليهات او حتى غرف فندقية. اليس هؤلاء من يحرك السياحة؟ ولا يزالون مصممين على قضاء الصيف في لبنان رغم كل الاحداث الامنية اخيرا.

وكيف نستبعد انفاق اللبنانيين على خطوط الشرق الاوسط ووكالات السفر، فهل الاجانب يشغّلون هذه المؤسسات ام اللبنانيون؟ وهل المطاعم والملاهي الليلية تعتاش على انفاق الاجانب ام اللبنانيين الذين يملؤونها صيفا شتاءً. فتعريف قطاع السياحة، بحسب مجلس السفر والسياحة العالمي، يضم الفنادق، النقل، الترفيه (بما فيها المطاعم)، والمعالم السياحية كالمتاحف وغيرها... وهذه تفيد بشكل كبير من زيارات اللبنانيين المغتربين باستثناء الفنادق إلى حد ما. وحتى إذا اعتمدنا ارقام السياحة المغلوطة ومساهمتها المباشرة في الناتج المحلي الاجمالي، فقد وصلت في 2011 إلى 9,8%، بينما بلغت تحويلات المغتربين اللبنانيين 22% من الناتج المحلي الاجمالي.

ورغم ان غياب الاستقرار والمناخ الاستثماري المشجع يؤديان الى استخدام هذه الاموال للاستهلاك عوض الاستثمار المفيد للاقتصاد، مع ذلك، ترفع التحويلات مداخيل الدولة عن طريق الضريبة التي تدفع على فوائد الودائع المصرفية، وضريبة القيمة المضافة عند استهلاك الاموال في لبنان، وضرائب المشتريات العقارية، وروادها الاساسيون اللبنانيون المغتربون. لا احد ينكر فضل السياح العرب والخليجيين تحديدا على لبنان. لكن كيف يمكن دولة ان تضع استراتيجيات سياحية صحيحة إذا كانت تغفل الدور الاساسي لمغتربيها، وتحذفهم من معادلتها.

لقد حان الوقت لتعيد السلطات اللبنانية ترتيب اولوياتها. فلا سياحة من دون استقرار. اما السفارات اللبنانية، فحان الوقت ان تبذل بعض المجهود لبناء الجسور مع ملايين اللبنانيين في بلاد الاغتراب وحثهم على التعرف الى بلدهم الام، وخصوصا الفئة التي فقدت صلتها بالوطن. اليس هذا اكبر مصدر للسياحة؟

الاشتراك

اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن