اشترطت وزارة العمل السعودية على نظيرتها الإندونيسية إرسال العمالة المنزلية خلال فترة لا تتجاوز شهرا واحدا من تسلم التأشيرة، وأن تراوح سن العمالة المرشحة للعمل بين 21 و55 عاما، وألا تكون ذات سوابق جنائية.
فيما اشترط الجانب الإندونيسي إلزام أصحاب العمل بتوفير نظام تأمين صحي على العمالة، وتأمين على هروبها لحماية حقوق طرفي العقد، وإيجاد آلية لتقديم المساعدة المتاحة للعمالة خلال 24 ساعة.
كما اشترط تسهيل ممارسة المساعدة القنصلية من البعثات الإندونيسية في المملكة، وضمان حقهم في حمل وثائق السفر الخاصة أو وثيقة الهوية في أي ظرف وإصدار بطاقة الهوية لهم بعد وصولهم للمملكة.
جاء هذا في الاتفاقية الموقعة بين السعودية وإندونيسيا في مجال توظيف العمالة المنزلية الإندونيسية، وحصلت "الاقتصادية" على نسخة منها، حيث رفض مجلس الشورى أمس توصيتين لتمرير الاتفاقية، وصوت المجلس في المرة الثالثة على إعادة مشروع الاتفاقية إلى لجنة الإدارة والموارد البشرية في المجلس لدراستها مرة أخرى، وعرض ملاحظات الأعضاء على وزارة العمل والرد عليها في جلسة لاحقة.
واشترطت الاتفاقية تحديد مكان العمل، وواجبات ومسؤوليات صاحب العمل والعامل والأجر ويوم راحة أسبوعي وإجازة ومدة وتمديد وإنهاء العقد. كما اشترط الجانب السعودي أيضا، توفير التدريب للعمالة المنزلية في المهارات المحددة والمطلوبة في عقد العمل وتعريفهم بالثقافات والعادات والأعراف الاجتماعية المرعية في السعودية، وضمان وفائها بالشروط الصحية المحددة.
كما طالب الجانب الإندونيسي نظيره السعودي بالإشراف واتخاذ كل التدابير اللازمة لضمان تنفيذ كل شروط عقد العمل بين صاحب العمل والعاملة المنزلية، وتسهيل فتح حساب مصرفي بواسطة صاحب العمل للعمالة المنزلية لإيداع دخلها فيه، وتقديم المعلومات للبعثات الدبلوماسية الإندونيسية عن أي عامل يتم اعتقاله أو حجزه وتسهيل عودته إلى بلاده عند اكتمال العقد أو في حالات الطوارئ بما في ذلك إصدار تأشيرات الخروج.
وشهدت جلسة "الشورى" أمس سيلا من الانتقادات للاتفاقية ووصفها أعضاء بـ "الضعيفة والشكلية"، وطالبوا بضمان حقوق صاحب العمل من هروب العمالة المنزلية الإندونيسية وإضرابها عن العمل وضبط تكاليف الاستقدام وأجور العمالة.
وقالت الدكتورة حنان الأحمدي: "إن نصوص الاتفاقية تظهرنا كأننا الطرف الأضعف"، وأبدت استغرابها من احتواء عنوان الاتفاقية على عبارة "حماية العمالة المنزلية الإندونيسية" وقالت إنه يتضمن إيحاء بأن العمالة المنزلية الإندونيسية القادمة للمملكة "في خطر وبحاجة إلى حماية"، كما "يؤجج الصورة النمطية ويسيء إلى النسبة الأكبر من الأسر السعودية".
وأشارت الدكتورة الأحمدي إلى أن السعودية توفر فرص عمل كريمة لأكثر من مليون مواطن إندونيسي، ولسنوات طويلة ظلت العمالة المنزلية الإندونيسية تلقى معاملة حسنة وكريمة من الأسر السعودية، رغم تورط شريحة كبيرة منها في انتهاكات لعقود العمل ومخالفات قانونية لأنظمة العمل والإقامة وأعمال إجرامية.
ورأت أن الاتفاقية لم تعالج هروب العمالة المنزلية وتلك الانتهاكات والمخالفات التي تتم من الجانب الإندونيسي، ويحتاج المواطن السعودي إلى حماية حقوقه، وطالبت بإزالة كلمة "حماية" من عنوان الاتفاقية وفقراتها وألا تعود العمالة المنزلية الإندونيسية إلا وفق اتفاق يحمي حقوق الطرفين ومبني على احترام متبادل بينهما.
وقال الدكتور أحمد الزيلعي: إن المشروع لم يعالج هروب العمالة المنزلية، وتبقى الاشتراطات السعودية شكليات وتحصيل حاصل. وطالب باشتراط أن يضمن الجانب الإندونيسي حقوق صاحب العمل في حال هروب العامل غير المبرر، كما انتقد وجود أخطاء لغوية في الاتفاقية.
واتهم الوزارة والنقابات العمالية في الدول المصدرة للعمالة إلى السعودية بالتنسيق بينها لاقتناص فرصة احتكارية وفرض شروط لتصدير عمالتها إلى السعودية ورفع أجورها. وطالب بفتح الاستقدام من كل الدول التي يمكن أن تتوافر فيها عمالة منزلية، وتقدير احتياج المواطن ودراسة طلبه والسماح لمن يستحق أن يستقدم عمالة منزلية.
وأشار إلى أن جميع اتفاقيات العمالة التي وردت للمجلس تركز على حقوق الدول المتعاقد معها ومصالح عمالتها بشيء من التضليل على مصالح صاحب العمل وحقوقه.
وذكر محمد الرحيلي، أن الاتفاقية أتاحت الفرصة لبعض دول الاستقدام لاستغلال ثغرات في هذه الاتفاقيات واشتراط ما تريد وإذعانه لمطالبهم، ونتج عنه ارتفاع رواتب العمالة المنزلية لأكثر من الضعف خلال ثلاث سنوات. وطالب الرحيلي المفاوض السعودي بأن يكون أكثر دقة وأن تشمل الاتفاقية تحديد الرواتب وعدم تركها لشركات الاستقدام، مشيرا إلى أن تكاليف ورواتب استقدام العمالة المنزلية في السعودية أكثر منها في دول الخليج.
ووصف الدكتور إبراهيم أبو عباة الاتفاقية بأنها "ضعيفة وخجولة" و"لم تعط صاحب العمل حقه المطلوب"، كما أن التزامات الطرف الإندونيسي "شكلية وضعيفة"، مطالبا بضمان صاحب العمل حقه كاملا.
وأشار الدكتور أبو عباة إلى أن الاتفاقيات مليئة بالأخطاء اللغوية والنحوية التي لا يقع فيها طلاب الصف الأول الابتدائي، ولا تليق بأن تقدم لإساءتها إلى اللغة العربية.
وفي بند آخر من الجلسة، طالب المجلس الهيئة العامة للاستثمار بالترويج لجذب استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، نحو القطاعات التنموية المهمة، وإعداد تقرير متابعة وتقييم لأداء الاستثمار المحلي والأجنبي منذ إنشاء الهيئة.
كما وافق المجلس على توصية إضافية للدكتور حسام العنقري تطالب الهيئة بإنشاء مركز للمعلومات الاستثمارية ليكون مرجعا للحصول على المعلومات المتكاملة والحديثة عن فرص الاستثمار وخصائص وبيانات قطاعات الأعمال التجارية والصناعية في المملكة.
وحازت توصية للدكتور فهد بن جمعة على تصويت الأغلبية لكنها احتاجت إلى خمسة أصوات لتبلغ النصاب القانوني لتمريرها، وطالب فيها الهيئة بجذب الاستثمارات المنتجة في القطاعات التنموية غير النفطية لتنويع القاعدة الاقتصادية.
وأشار إلى أن شركة أرامكو والهيئة الملكية للجبيل وينبع أجدى من هيئة الاستثمار في جذب الاستثمارات لقطاعات الغاز والنفط والبتروكيماويات، لافتا إلى عدم وجود استثمارات في قطاعات الصحة والزراعة والتعليم. وقال: نحن في غنى عن الهيئة إذا لم تجلب استثمارات في هذه القطاعات.
وأبدى عدد من الأعضاء تأييدهم للتوصية، وقال عساف أبوثنين: "صُدمت من رئيس هيئة الاستثمار البرتغالي قبل أسبوعين عند زيارة وفد من المجلس لها، بأنه لا يعلم عن وجود هيئة استثمارات في السعودية". وتابع: "إنهم كرجال أعمال لا يعلمون بوجودها ولا يعرفون فرص الاستثمار في السعودية"، مشيرا إلى أن ذلك يؤكد أن الهيئة مقصرة في إعلان فرص الاستثمار في المملكة وطرحها عالميا ودعوة المستثمرين إلى المملكة.