تسعى لجان قانونية خليجية بالغرف التجارية بمجلس التعاون لبحث حلول لمستثمرين خليجيين، للحيلولة دون فرض الحكومة البريطانية على استثماراتهم ضرائب تبلغ نسبتها 20 في المائة على العقار, في حين تتجه اللجنة السعودية التي تتولى دراسة هذا التوجه إلى طرح بدائل للمستثمرين في حال فشلت مباحثاتها في إقناع البريطانيين بتأجيل أو إلغاء الضريبة عن رعاياها المستثمرين في دول أوروبية كألمانيا.
وقال لـ"الاقتصادية" مصدر بمجلس الغرف السعودية إنه لا يمكن حصر حجم المستثمرين السعوديين في العقار البريطاني بسبب عدم تسجيله باسمهم مباشرة، وإن المجلس من خلال اللجنة الحكومية المشتركة للدراسة التي تبحث طبيعة الأضرار وسبل التصدي ما زال يتواصل مع الجانب البريطاني.
وأوضح أن اللجنة لم تستطع بعد حصر الاستثمارات أن تجد إحصاءات واضحة لحجمها لأن أغلب الملاك المستثمرين في بريطانيا لا يضعون العقارات المستثمرة بأسمائهم الشخصية بل بأسماء شركات تحمل جنسيات أخرى لذلك لا يوجد إحصاء دقيق.
كما بين أن اجتماعا قريبا بين ممثلي دول مجلس التعاون سيوحد عملية التصدي لقرار رفع الحكومة البريطانية الضريبة على الاستثمارات الأجنبية ومنها الخليجية التي تصل إلى 20 في المائة, مؤكدا أن الحكومات الخليجية تنبهت لحجم الأضرار التي يمكن أن تطول مستثمريها, لافتا إلى أن الإحصاءات المتعلقة بحجم الاستثمارات السعودية غير دقيقة إلا أن الحكومة البريطانية حددت حجم الاستثمارات السعودية غير الحكومية بما يزيد على 96 مليار جنيه إسترليني.
من جهة أخرى ما زال القائمون على الدراسة يتحفظون على الإفصاح عما وصلت إليه الدراسة التي لم تنته بعد دخول مختصين بريطانيين مع الجانب السعودي, إلا أن مصدرا أوضح أنه من ضمن ما سيتم دراسته إيجاد بدائل استثمارية عقارية في دول أوروبية أخرى أكثر أمانا وترشيح أسماء دول أخرى لنقل رؤوس الأموال الخليجية إليها في حال خروجها إذا ما طبقت الحكومة البريطانية الضريبة على عقاراتها في العام المقبل.
من جانب آخر قال الدكتور عبدالرحمن الربيعة عضو مجلس الأعمال السعودي البريطاني بمجلس الغرف السعودية, إن العقار في بريطانيا خاصة في مدينة لندن, أصبح له قفزات كبيرة بأسعاره، والخليجيون ليسوا كل المستثمرين، فهنالك المستثمرون الروس والصين يشكلون نسبة كبيرة، فأصبح العقار يرتفع منذ قرابة عشر سنوات حتى وصل إلى حالة تضخم بالأسعار حتى أنه في الأزمة العالمية لم تتأثر خلالها عقارات لندن, مشيرا إلى أن الطلب ما زال عاليا على هذه العقارات، لذلك اتجهت الحكومة البريطانية لهذا النظام بداعٍ أفصح عنه الجانب البريطاني بأنه مخاوف من زيادة المضاربات بتلك السوق ما قد يؤدي إلى انهيار سوق العقار البريطاني, لافتا إلى أنه من حق الحكومة البحث عن آليات للحفاظ على سوقها لكن من حق المستثمر السعودي والخليجي أن يناقش الضرائب ونسب الضرر المترتبة عليه.
وكشف أن هنالك مقترحات عدة لإيجاد منافذ أخرى للاستثمار في أسواق أخرى بأوروبا إذا لم تقدم الحكومة البريطانية ما يمكن أن يقلل من مخاطر هذه الضريبة على استثمارات السعوديين, منوها إلى أن هناك مقترحا مطروحا أمام الدراسة السعودية أن تنتقل هذه الاستثمارات كأحد الحلول للحفاظ على رؤوس الأموال السعودية في أسواق أوروبية آمنة كألمانيا.
وقال الربيعة إنهم التقوا مستثمرين وقانونيين بريطانيين إلا أن القانون الحكومي والسيادي لا يمكن تغييره, مشيرا إلى أن الدراسة التي يعمل عليها تحت مظلة مجلس الغرف السعودية هي للتعرف على آليات تطبيقها وعن إمكانية إيجاد مدخل لإقناع الحكومة البريطانية بتأجيلها أو إعفائها, إلا أنه من الأفضل وجود دراسات لبدائل استثمارية عقارية في أسواق أوروبية أخرى, وقد دار حديث عن ذلك إلا أنه يحتاج إلى دراسة قانونية ومحاسبية, لافتا إلى أن الجانب السعودي يحاول معرفة الأسباب لهذه الضريبة وأن مبرر الحكومة حول الحد من المضاربة في سوقها غير كاف.
وبين أن الخليجيين كمستثمر أجنبي يشكلون نسبة عالية في الاستثمارات العقارية إلا أنهم ليسوا الأغلبية, موضحا أن انضمام تحرك خليجي بجانب التحرك الحكومي السعودي من الحكومات الخليجية قد يكون داعما للضغط على الحكومة البريطانية كون مصالحهم مشتركة.
من جانب آخر يتبنى اتحاد الغرف الخليجية الاجتماع الثاني خلال أيام للوصول إلى الصيغة النهائية لتوحيد الموقف الخليجي أمام رفع الضريبة البريطانية عن رعاياها من المستثمرين، التي سترفع للأمانة العامة بدول المجلس خاصة بعد تشكيل لجنة بتوصية من الحكومة السعودية لفتح المباحثات مع الجانب البريطاني التي يتولى الإشراف عليها مجلس الغرف الخليجية. حيث ذكرت مصادر لـ"الاقتصادية", أن الغرف الخليجية تعمل حاليا من خلال لجانها القانونية على بحث الآثار المترتبة على فرض نظام الضرائب في بريطانيا على القطاع الخاص الخليجي والخروج بموقف موحد حياله تمهيدا لرفعه للأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي لإدراجه ضمن المواضيع التي سيتم بحثها مع المفوضية الأوروبية أثناء الزيارة المرتقبة لوفد الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، والشكر موصول للمشاركين على تلبيتهم الدعوة وتحملهم عناء السفر.
وبينت أن فريق قطاع الأعمال بمجلس الغرف السعودية المكلف بدراسة آثار تطبيق قانون الضرائب البريطاني الجديد جاء من قبل السفارة السعودية قبل ثلاث سنوات، بعد أن لوحظ أن هناك حراكا لزيادة نظام الضرائب في بريطانيا، التي استطاعت أن تحصل على مسودة مشروع النظام.
وعليه فقد وجه المقام السامي بتشكيل لجنة حكومية عليا لدراسة آثار تطبيق قانون الضرائب البريطاني الجديد على الرعايا السعوديين في بريطانيا والدول التي ستحذو حذوها، حيث أوصت هذه اللجنة الحكومية بأن يكون للقطاع الخاص بالسعودية دور في هذا الأمر.
وتنفيذا لذلك فقد تم تشكيل فريق قطاع الأعمال السعودي في ظل مجلس الغرف السعودية يضم بعضويته نخبة من رجال الأعمال والقانونيين ممن لهم استثمارات في بريطانيا، ويتواصل حاليا مع اللجنة الحكومية والسفارة السعودية في المملكة المتحدة لدراسة الآثار الواقعة ورفع تقرير حياله إلى وزير التجارة والصناعة في المملكة الذي سيتولى بدوره الرفع للجهات المعنية.
وقالت المصادر الخليجية إن الاستثمارات العقارية الخليجية في بريطانيا ضخمة، ولابد من التعامل كتكتل خليجي مع الحكومة البريطانية حول ذلك، لأن انفراد كل دولة من الدول الأعضاء على حدة في بحث مساعيها مع الحكومة البريطانية لا يشكل قوة ضاغطة عليها لأخذ إعفاء لمواطنيها على دفع نسبة الضريبة 20 في المائة من أي عقار, مستفيدين في ذلك من تجربة الجاليات الباكستانية والهندية والسريلانكية مع الحكومة البريطانية في الحصول على إعفاء من ضريبة الوفاة بسبب تكتلهم وإصرارهم على موقفهم الرافض لهذه الضريبة.
يذكر أن حجم الاستثمارات الخليجية في بريطانيا في عام 2012 بلغ 100 مليار جنيه إسترليني منها 60 مليارا استثمارات سعودية، و20 مليارا قطرية، والباقي موزع بين الإمارات والكويت والبحرين وعمان, وقد تركزت تلك الاستثمارات، خاصة السعودية منها، في مجال النشاط العقاري وأسواق المال والمصارف, وتحاول بريطانيا خلال السنوات الأخيرة الماضية استقطاب أكبر قدر ممكن من استثماراتها إلى بريطانيا لمساعدتها على الخروج من أزمتها الاقتصادية، التي تشهدها منذ عام 2008، وعلى التغلب على مشكلة البطالة المتزايدة التي بلغت معدلاتها 8 في المائة عام 2013.